في زيارة هامة للجزائر، شارك زويليفيليلي مانديلا، حفيد الزعيم نيلسون مانديلا، في حوار مطول مع التلفزيون الجزائري حول التأثير الكبير للجزائر على نضالات التحرير الإفريقية، والسعي المستمر للقارة من أجل الوحدة، والتحديات المعاصرة التي تواجه العدالة العالمية. وسلطت المقابلة الضوء على الدعم الحاسم الذي كانت الجزائر تقدمه لمختلف حركات التحرير وناقشت الفرص المستقبلية للتعاون الاقتصادي والدعوة الدولية.
تأثير الجزائر الدائم على التحرير الإفريقي
بدأ زويليفيليلي مانديلا كلمته بالتأكيد على الروابط التاريخية العميقة بين عائلته والجزائر، التي وصفها بأنها “وطن ثان”. وسرد الدور المحوري الذي لعبته الجزائر في دعم النضال ضد الفصل العنصري، وتوفير التدريب العسكري والموارد الحاسمة لنيلسون مانديلا والمؤتمر الوطني الأفريقي. وأشاد مانديلا بالتضحية الهائلة التي قدمتها الجزائر بـ 1.5 مليون شهيد في نضالها ضد الحكم الاستعماري الفرنسي، مما يعكس التزامها الراسخ بجهود التحرير العالمية.
وتحدث مانديلا بالتفصيل عن الدعم الواسع الذي قدمته الجزائر لمختلف حركات التحرير في جميع أنحاء القارة، بما في ذلك مساهماتها الكبيرة في النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، فضلاً عن مساعدتها للحركات في موزمبيق وأنغولا ودول أخرى. وأشار إلى أن الدعم التاريخي الذي قدمته الجزائر عزز علاقة التعاون والاحترام المتبادل بين جنوب إفريقيا والجزائر، مما انعكس إيجاباً على علاقاتهما الثنائية حتى يومنا هذا.
التعاون الاقتصادي كمسار نحو السيادة الإفريقية
أكد مانديلا على أهمية التعاون الاقتصادي في تعزيز سيادة إفريقيا ونفوذها. وأشار إلى اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية كأداة تحويلية يمكن أن تعزز التجارة بين البلدان الإفريقية وتعالج قضايا حرجة مثل الفقر والبطالة. كما استشهد بإنشاء خط طيران مباشر بين الجزائر وجوهانسبرغ مؤخرًا كرمز ملموس لزيادة التبادل التجاري والثقافي.
وناقش مانديلا إمكانية الشراكات الاقتصادية، وخاصة في مجال الزراعة، لدعم المجتمعات الريفية في جنوب إفريقيا. وأعرب عن حماسه للمبادرات التعاونية مثل ماراثون مانديلا، والتي يمكن أن تعزز السياحة وتقوي العلاقات بين جنوب إفريقيا والجزائر. ويمثل الاستثمار البالغ مليار دولار من قبل الجزائر في التنمية الإفريقية جهدًا كبيرًا لمعالجة تحديات التنمية في القارة.
دعم القضية الفلسطينية: نداء للعمل
بالانتقال إلى القضية الفلسطينية، أشاد مانديلا بالدعم الذي قدمته جنوب إفريقيا والجزائر، وخاصة بعد الحكم الأخير لمحكمة العدل الدولية الذي أعلن أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين غير قانوني. وعلى الرغم من هذا التأكيد القانوني، دعا مانديلا إلى اتخاذ إجراءات أكثر واقعية وملموسة لفرض الحكم والحد من المزيد من العدوان والأنشطة الاستيطانية من قبل قوات الاحتلال.
وأكد على الحاجة إلى زيادة الدعم من الدول الأفريقية والحلفاء الدوليين لدعم المقاومة الفلسطينية وضمان العدالة. كما سلط مانديلا الضوء على دور المجتمع المدني والشتات الفلسطيني في الدفاع عن قضيتهم وممارسة الضغط على الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية لمعالجة الوضع.
آفاق أفريقيا والصحراء الغربية
وفي ختام المقابلة، أعرب مانديلا عن تفاؤله بشأن مستقبل إفريقيا، مؤكدا على الحاجة إلى قارة موحدة ومزدهرة. كما نوّه بالنضالات الجارية في الصحراء الغربية وقضايا التحرير الأخرى كجزء لا يتجزأ من هذه الرؤية الأوسع لإفريقيا المتمكنة. وشدد مانديلا على أهمية دعم القادة الملتزمين برفاهية شعوبهم والمواصلة في الدفاع عن الأمم المضطهدة والضعيفة.
إن تأملات زويليفيليلي مانديلا خلال هذه المقابلة الحصرية تقدم منظورًا عميقًا حول الدور التاريخي والمستمر الذي تلعبه الجزائر في تحرير إفريقيا، وإمكانية التعاون الاقتصادي لتعزيز سيادة القارة، والحاجة الملحة إلى الدعم المستمر للعدالة وحقوق الإنسان. إن دعوته إلى إفريقيا موحدة، معززة بالروابط التاريخية والتعاون الاقتصادي، تؤكد على الأهمية الدائمة لهذه القضايا في تشكيل مستقبل القارة والمجتمع العالمي.