زيارة الفريق أول شنقريحة إلى بكين.. الجزائر توثّق علاقاتها مع الصين تماشيا مع إستراتيجيتها في تنويع شراكاتها العسكرية  

دعا رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، من بكين الصينية، إلى ضرورة إعادة هيكلة التوزيع العالمي للقوة حتى يُمكنَ مواجهة الهيمنة القائمة على الإقصاء ومحاولات فرض أجندات تقوّض الخيارات السيادية للدول.

وتصب رؤية الفريق أول شنقريحة في استراتيجية الجزائر لإقامة تعاون عسكري متعدد، ضمن مساعيها لعالم متعدد الأقطاب، وهو ما يبرر ضرورة تنويع الشراكات العسكرية للجيش الوطني الشعبي، حيث تندرج هذه الزيارة إلى الصين والتي امتدت لستة أيام، في إطار سعي الجزائر لتنويع الشراكات العسكرية في مجالات شراء المعدات وصفقات التسلح، كما أنها تهدف وفقما جاء على لسان الفريق أول شنقريحة إلى “تعزيز العلاقات الجزائرية الصينية في مختلف المجالات؛ بما يستجيب لطموحات وتطلعات البلدين والجيشين.”

 

استراتيجية عسكرية تضمن مصالح الجزائر في ظل عالم متعدد الأقطاب

تتزامن زيارة الفريق أول شنقريحة إلى الصين مع رفع الجزائر لحجم الإنفاق العسكري في إطار الميزانية الأكبر في تاريخها (ميزانية العام 2024، بنسبة قدرها 25% عن العام السابق، ليصل إلى حوالي 23 مليار دولار، بحسب تقرير نشرته جريدة “الشروق” الجزائرية، في 12 نوفمبر الجاري.

وتحاول الجزائر تفادي “المعضلة الروسية ” التي وقعت فيها موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث يواجه الحليف الاستراتيجي للجزائر مشاكل اقتصادية جراء العقوبات الغربية، إلى جانب تضاعف احتياجاته من الأسلحة ما قد يعني عدم قدرة روسيا على الإيفاء بتزويد الجزائر بأسلحة استراتيجية تتعلق أساسا بمنظومات الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة وكذا القطع البحرية التي تسعى الجزائر إلى تزويد أسطولها البحري بها، إلى جانب قطع الغيار والمكونات للمشتريات السابقة من الأسلحة، ما يعني صعوبة إجراء صفقات شراء جديدة مع روسيا.

كما تشكل التحديات الخارجية عبر الحدود الجنوبية للجزائر ضغطا على المؤسسة العسكرية من أجل الحصول على مصادر مستقرة وثابتة لتسليح الجيش الوطني الشعبي، حيث تتمثل هذه التحديات في تزايد مخاطر الأوضاع في منطقة الساحل الإفريقي، إلى جانب منطقة غرب إفريقيا، وتواجه الجزائر عبئا أمنيا ثقيلا عبر حدودها الجنوبية الممتدة، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي لدول منطقة الساحل على غرار النيجر ومالي، أين تنشط الكثير من الجماعات الإرهابية.

ومن هذا المنطلق وفي ظل بحث الجزائر عن بدائل لسد احتياجاتها العسكرية المتزايدة، يأتي توجهها ناحية الصين، الحليف والصديق والشريك الاستراتيجي، خاصة أن بكين تبدو أكثر حرصاً على سد الفجوة الحاصلة في الإمداد العسكري الروسي، هذا فضلاً عن أن الصين ليست لها “اشتراطات خاصة” في مجال الصفقات العسكرية أو الاقتصادية، على غرار القوى الغربية، وهو ما يُمثل بالنسبة للجزائر “محاولة توازن” في معادلة القوة مع الغرب الأوروبي المدعوم من واشنطن.

 

 زيارة ناجحة بكل المقاييس وصفقات عسكرية في الأفق

وخلال زيارته إلى بكين اطلع رئيس الأركان عن كثب على الصناعة الحربية الصينية بمقر شركة “كاتيك” لصناعة الطائرات وعتاد الطيران، حيث تلقى عرضا حول منتجات الشركة من مختلف الطائرات؛ على غرار تلك المتخصصة في البحث والإنقاذ أو التي تستخدم في إخماد الحرائق إضافة إلى الحوامات وطائرات الاستطلاع.

الفريق أول شنقريحة زار أيضا شركة “إلينك” لإنتاج تقنيات وأنظمة الدفاع الإلكتروني والسيبراني وأخذ نظرة وافية عن مخابر البحث والمراقبة التابعة للشركة.

كما زار رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي القاعدة البحرية بشنغهاي وتعرف أكثر على التكنولوجيا الصينية المستعملة في مجال بناء السفن الحربية، وزار الشركة الصينية سي أس تي سي المتخصصة في صناعة السفن خاصة الحربية منها.