تصرّ السُّلطات المغربية على إتاحة استخدام مواقع أوروبية مخصّصة للتعارف، شهد إقبال القاصرين عليها تزايدا كبيرا في الآونة الأخيرة، ما أدى إلى خلق بيئة خصبة لاستغلالهم جنسيا من قبل المتحرشين “البيدوفيل”، وتعريض سلامتهم النفسية والجسدية إلى الخطر.
وحسب التقرير السنوي للنيابة العامة في المغرب، الصادر في يناير الماضي، فإن معدلات العنف الجنسي ضد الأطفال خلال عام 2021، بلغت 47 في المائة، وتم تسجيل 6314 جريمة ارتكبت ضد أطفال، توبع خلالها 6855 شخصاً، من بينها 1779 جريمة تتعلق بهتك عرض قاصر بالعنف، و1031 تتعلق بهتك عرض قاصر من دون عنف، و184 قضية اغتصاب.
منظماتُ حماية الأطفال في المغرب استنكرت صمت السلطات، وعدم تحرّكها لوضع قيود على مواقع التعارف الموجهة للقاصرين، معتبرة وجودها أمر صادم وغير مقبول.
وفي هذا السياق، حذرت منظمة “ماتقيسش ولدي” (لا تلمس ولدي) التي تعنى بمناهضة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في المغرب من مخاطر الاستغلال الذي يتهدد القاصرين على مواقع إلكترونية مخصصة للتعارف تتيح توفير بيئة للاستغلال، وذلك بالتزامن مع عودة الجدل حول الاعتداءات الجنسية والمطالبات بحماية الأطفال وضمان سلامتهم.
وطالبت المنظمة، بوضع قيود على مواقع إلكترونية للتعارف موجهة للقاصرين، كونها تُمكن المتحرشين “البيدوفيل” من استهداف القاصرين، أو استغلالهم جنسياً، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بمواقع أوروبية متاحة في المغرب، يؤدي ارتفاع “مثير للقلق” لولوجها من الأطفال والمراهقين إلى خلق بيئة خصبة للاستغلال، ما يعرض السلامة العاطفية والجسدية للقاصرين إلى الخطر.
واعتبرت المنظمة أن الظاهرة باتت تشكل تهديداً، وتطرح أسئلة حول “القدرة على حماية الجيل القادم في العالم الرقمي”، مطالبة بضرورة أن “تتحرك السلطات لإغلاق هذه المنصات الخبيثة، ووضع لوائح صارمة لمنع استغلال القاصرين أو مضايقتهم عبر الإنترنت”، لافتة إلى أن “مجرد وجود هذه المواقع والتطبيقات التي تستهدف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة هو أمر صادم، وغير مقبول”.
وأكدت رئيسة منظمة “ما تقيسش ولدي”، نجاة أنور، لموقع “العربي الجديد”، أنه جرى إطلاق عريضة إلكترونية تدعو إلى حجب مواقع إلكترونية للتعارف موجهة للقاصرين، وإن ذلك مرده إلى ما تمثله تلك المواقع من خطورة عبر تركيزها على القاصرين والمراهقين، إذ تحدد بعض المواقع عمر روادها ما بين 13 إلى 25 سنة.
وأوضحت المتحدثة أن “كثيرا من مواقع التعارف تضم بالغين (بيدوفيل) يترصدون القاصرين من أجل جرهم لعيش مغامرة غرامية، ما يطرح علامات استفهام بشأن تلك المواقع ونواياها. مواجهة استغلال الأطفال والقاصرين عن طريق مواقع التعارف يقتضي توعية أولياء أمور القاصرين بخطورتها، خصوصاً مع سهولة وصول أطفالهم إليها، وعليهم مراقبة حسابات أطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وبهذا فإنّ نظامُ المخزن أضحى متّهَماً بتشجيع استغلال القاصرين، خاصة بعد واقعة الاعتداء الجنسي التي تعرض لها طفل يبلغ من العمر 9 سنوات من قبل رئيس إحدى الجمعيات الرياضية، خلال رحلة إلى مدينة الجديدة الساحلية، والتي أثارت غضباً شعبياً واسعاً بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر استغلال المتهم للطفل جنسياً بحضور أطفال آخرين، قبل أن تقدم عائلة الطفل الفيديو للجهات الرسمية كدليل على الاعتداء الجنسي، ويتم اعتقال المعتدي ووضعه تحت الحراسة النظرية في انتظار محاكمته.