صحة و رياضة : التوقيت المناسب لإجراء التمارين الرياضية

أيوب بن مومن

يحاول كثيرون تحديد أفضل وقت لممارسة التمارين الرياضية، سواء كان ذلك في الفجر أم بعد يوم عمل طويل، ويسعى كل شخص إلى أن يحدد خيار الوقت حسب ما تتيحه له حياته ومشاغله اليومية. كما يهتم كثيرون بعنصر الفائدة من التمارين التي يمكن أن يتحكم فيها توقيت ممارسة الرياضة خلال اليوم، وهو ما يجعلهم يتساءلون عن الوقت الأنسب لممارسة نشاطهم الرياضي صباحا أم مساء.

يزداد اختيار الوقت الأنسب لممارسة التمارين الرياضية صعوبة بوجود دراسات تدعم التدريبات الصباحية وأخرى تشجع التدريبات المسائية، لكن المختصين يؤكدون أنك يجب أن تحاول اختيار روتين يتوافق مع أهداف اللياقة البدنية الخاصة التي تريد تحقيقها، بالإضافة إلى اعتماد تمارين يمكنك الالتزام بها.

وتتطلب التمارين الصباحية عشاء مغذيا ونوما عميقا، بينما تتطلب التدريبات المسائية أن تزوّد نفسك بالطاقة طوال اليوم، وأن تتأكد من عدم تعارض مهماتك العائلية أو المهنية أو الاجتماعية الأخرى مع موعد تمارينك.

كما كشفت الدراسات أن ممارسة التمرين في الصباح تزيد من قدرة خلايا العضلات على استقلاب السكر والدهون، وهذا النوع من التأثير يثير اهتمام الباحثين فيما يتعلق بالأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن الحادّ ومرض السكري من النوع الثاني.

من ناحية أخرى، أظهرت النتائج أيضاً أن التمارين الرياضية في المساء تزيد من استهلاك الطاقة في الساعات التي تلي التمرين.

وعلى هذا الأساس لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين أيهما أفضل؛ التمرين في الصباح أو التمرين في المساء، في هذه المرحلة، يمكننا فقط أن نستنتج أن آثار الاثنين تبدو مختلفة.

ويقول الباحثون في هذا الخصوص: ” يجب علينا القيام بالمزيد من العمل لتحديد الآليات المحتملة للتأثيرات المفيدة للتدريب على التمرينات التي أجريت في هاتين النقطتين، ونحن حريصون على مد هذه الدراسات لتشمل البشر، لتحديد إن كان يمكن استخدام التمرينات المحددة بزمن معين كاستراتيجية علاجية للأشخاص الذين يعانون من أمراض التمثيل الغذائي”.

وبحسب موقع “إيليت دايلي” الأميركي يتفق الخبراء على أن هناك فوائد لتمارين الصباح وتمارين الليل. ولكن، يمكن أن تختلف هذه الفوائد من شخص إلى آخر، حيث تكون التمارين الصباحية مثالية بالنسبة إلى أولئك الذين يفضلون الاستلقاء لمشاهدة التلفاز

والاستراحة بعد يوم طويل من العمل، وفي أيام أخرى، قد يختارون أن يتمتعوا بحمام لطيف ودافئ للتخلص من ضغوط اليوم، وهناك أيام أخرى يريدون تخصيصها للالتقاء مع الأصدقاء بعد العمل.

وتتطلب الكثير من الأشياء في الحياة اهتمامنا الدائم، مثل العمل والأسرة والمسؤوليات الاجتماعية، ويسهل إقصاء التدريب كلما تشتت انتباهنا. يتطلب الأمر المزيد من الطاقة العقلية لتحقيق هدف التدريب مع تعدد المشاغل، وغالبا ما تجد نفسك مدعوا إلى حفلات العشاء أو منشغلا بحالات الطوارئ العائلية وقد تتبدد فرصتك في التمارين. علما وأن التدريب في وقت مبكر يقلل من احتمال أن تلهيك تلك المواقف عن أهداف لياقتك البدنية.

كما يمكنك تحسين صحتك من خلال اعتماد روتين التمارين الصباحية، لأن هذه التدريبات تحفز جسمك على حرق الدهون بنسق أقوى طوال اليوم، بالإضافة إلى هرمون الإندورفين الذي يزيد إنتاجه بعد التمارين الرياضية قادر على أن يحدد بداية إيجابية ليومك.

وعلى المرء أن يجتهد في التمارين الصباحية. وينصح بالتدرب لمدة 30 دقيقة لأنها “تتيح فترة زمنية مناسبة للتمدد، والإحماء، وبقية الروتين”.

وأظهرت نتائج الدراسات أن استجابة الجسم أقوى بكثير بعد ممارسة التمرين في الصباح، وأنه من المحتمل أن يتم التحكم في هذا من خلال آلية مركزية تتضمن البروتين “HIF1-alfa”، الذي ينظم بشكل مباشر الساعة البيولوجية للجسم.

ويعدّ النوم الوقت الأمثل لتعافي الجسم من مجهود اليوم، يعني هذا أنه يجد الوقت لاسترخاء العضلات المرهقة ويحول الطعام إلى طاقة يستهلكها في اليوم التالي. لذلك، عندما تستيقظ، سيكون جسمك مستعدا لممارسة الرياضة.

كما يمكنك تجاهل المنبه إذا كنت تخطط لإتباع تمارين أشد، فإذا لم تستمع إلى جسمك وحاولت تجاوز حدوده، فلن تستطيع الاستفادة من ممارسة التمارين الرياضية، لاسيما على المدى الطويل.

وتعتبر التدريبات الصباحية أفضل من المسائية لأنها تؤثر على الصحة العقلية إيجابيا. وقال الخبراء في هذا الصدد: “في ما يتعلق بالاتصال بين العقل والجسم، يعتبر النشاط البدني ضروريا لصحة عقلية جيدة، ويساعد تحريك الجسم على تنظيم العمليات التي تتم داخله، وخاصة إطلاق الهرمونات التي تساعد على تحقيق التوازن”.

ومن أسوأ ما يمكن أن يحدث عندما تكون مستعدا لممارسة التمارين في الصالة الرياضية هو أن تجد جميع آلات التمارين مشغولة، أو أن تكون الفصول ممتلئة، لكن غير متوقع أن تواجه أيا من هذه المشاكل في الصباح، غالبا ما تكون الدروس المسائية مكتظة. امنح نفسك بعض المساحة من خلال التدرب باكرا.

بالإضافة إلى ذلك، فكر في الحاضرين الآخرين في فصولك المبكرة، ويعدّ الانضباط أهم عنصر عند ممارسة التمارين الرياضية، ويرى في التدريبات الصباحية السبيل لتحقيق هذا العنصر يتعلق تدريب الجسم والعقل ببناء عادات إيجابية، ويعدّ الانضباط الجزء الأول من ذلك.

وتشير الأبحاث في ما يتعلق بعادة التمرّن صباحا إلى ميل الأفراد الذين يمارسون الرياضة في الصباح إلى تحقيق درجات أداء أفضل حيث يركزون على تمارينهم قبل أن تتدخل ضغوط الوقت الأخرى.

وبعد ساعات من النوم، لن تضطر إلى الإسراع لحزم حقيبة للملابس الرياضية، ووجبة خفيفة لما بعد التمرين، تتيح لك التدريبات المسائية الحصول على نقطة انطلاق مناسبة لصباحك حيث يمكنك تناول وجبة فطور كاملة، كما يمكنك قضاء وقت في الحمام بدلا من الاستحمام السريع لمدة 30 ثانية في الصالة الرياضية.

كما أن خيار المساء يضمن أنك لن تقوم بالتمارين وأنت جائع، ففي الصباح يمكنك أن تزود جسمك بالطاقة، ليكون أكثر استعدادا لممارسة التمارين في وقت لاحق من اليوم. وتستطيع أن تتدرب بعد أن تتناول طعام الغداء وبعض الوجبات الخفيفة التي تمنحك الطاقة المثالية التي تحتاجها للتدريب بعد العمل. ويوضح ليلز “يكون الجسم في حالة تأهب أكبر”.

وتعمل التمارين المسائية على محاربة التوتر بعد يوم طويل وشاق في العمل أو في الفصل الدراسي، يمكن أن يكون للتمارين الخفيفة أو المكثفة تأثير يساعد على التخلص من التوتر الذي يمكن أن يمنعك من الاسترخاء، ويمكن أن يساعدك ذلك في بناء ثقتك بنفسك، حيث سترى قدرتك على مواجهة التحديات التي تقف أمامك في جميع مجالات الحياة.

وتتيح التمارين الرياضية المسائية ضمن مجموعة من المتدربين فرصة بناء صداقات وعلاقات جديدة، على الرغم من تفكير الكثيرين في ممارسة الرياضة كتجربة فردية، إلا أن هناك بعض الأشخاص الذين يرغبون في تجربة الجانب الاجتماعي من خلال الذهاب إلى الصالة الرياضية، وفي هذه الحالة، تصبح التدريبات بعد العمل الخيار الأنسب، ويفسّر ذلك إلى أن الإقبال على الصالات الرياضية يكون أكثر في المساء.

وفي الكثير من الأحيان، لا تتوفر في الصالات الرياضية حمامات ولا يجذب هذا الأشخاص الذين يذهبون إلى العمل بعد التمارين، لتجنب التوجه إلى المكتب برائحة العرق، لذا يقترح التدرب في وقت لاحق من اليوم.

شارك المقال على :