الماء هو سر الحياة، ولكن يضطر المسلمون حول العالم للبقاء لساعات طويلة من دون تناول السوائل جزئيا لمدة شهر كامل، ألا وهو شهر رمضان، وفي ظل حاجة الناس لتعويض كمية الماء المفقودة بعد الإفطار، يظل السؤال الذي يطرح على أدمغتنا ما قدر المياه الذي يحتاجه الرياضي، كي يحافظ على توازن الجسم وينظم درجة حرارة أجسامهم.
وخلال شهر رمضان، يمتنع الصائمون عن تناول السوائل والطعام خلال الفترة من شروق الشمس إلى غروبها، وأظهرت الأبحاث أن أداء التمارين الرياضية يمكن أن يتأثر خلال شهر رمضان بسبب قيود الطاقة، والحرمان من النوم، واضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، والجفاف، والتغيرات في حمل التدريب.
على العكس من ذلك، تشير الأبحاث التي يتم التحكم فيها جيدًا إلى أن الرياضيين الذين يحافظون على إجمالي طاقتهم ومغذياتهم الكبيرة، وحمل التدريب، وتكوين الجسم، وطول النوم وجودته، من غير المرجح أن يتعرضوا لأي انخفاض كبير في الأداء، مع هذه النتيجة الواعدة، تقترح هذه المقالة وتناقش بعض استراتيجيات المواجهة للحفاظ على الأداء خلال شهر رمضان
وأوضحت خبيرة التغذية العلاجية أنه إذا لم نشرب ما يكفي من المياه، فقد نعاني من الغثيان وفقدان الشهية، وقد نجد صعوبة في التركيز وأداء المهام الجسدية، مثل حمل البقالة أو رفع الأوزان، وأن النساء من المفترض أن يستهلكن يوميا نحو 2.7 لتر من السوائل يوميا، بينما يحتاج الرجال شرب ما يعادل 3.7 لتر، ويشمل ذلك جميع السوائل بما فيها المياه والأطعمة الغنية بالمياه مثل الفواكه والخضروات والحساء.
ووضعت خبيرة التغذية خريطة لما ينبغي أن يتناوله الشخص، ألا وهي أن يستهلك الشخص المياه بالطريقة الآتية، بحيث يأتي 80% منها من السوائل والمياه، و20% من الخضروات وباقي أنواع الأطعمة، وأنه يمكن أن يتم تقسيم المياه على فترات الإفطار بنحو 9 أكواب مقسمة على ساعات الإفطار للإناث و12 كوب للذكور، ولكن قد تختلف تلك الكميات على حسب مستوى النشاط وتكوين الجسم والمناخ الموجود فيه الشخص، إضافة إلى النشاط البدني.
وأوضحت الخبيرة أنه إذا كنت شخصية رياضية وتركض لفترات طويلة، فأنت تفقد الكثير من السوائل من خلال العرق خاصة في الأجواء الحارة والرطبة، وأن الشخص سيحتاج إلى المزيد من الماء، لكن سيكون ذلك بصورة أكبر من شخص ركض لمسافة قصيرة في صالة الألعاب الرياضية.
بالإضافة إلى ذلك، نظراً لأن خلايا العضلات تحتوي على تركيز أعلى من الماء من الخلايا الدهنية، فإن الشخص الذي لديه كتلة عضلية أكبر سيكون لديه احتياجات أعلى من الماء – وقد يحتاج إلى استهلاك المزيد من الماء – من شخص لديه كتلة دهنية أكثر.
كما أن هناك عوامل أخرى ينبغي أن يتم وضعها في عين الاعتبار أيضا، مثل الحمل والرضاعة الطبيعية، أو الإصابة بأمراض مزمنة، والتي تزيد من احتياج الجسم للسوائل.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أيضا، هل تناول المزيد من المياه بصورة أكبر من التي يحتاجها الجسم أمر مفيد للصحة، ويقول الخبراء إن تناول مياه أكثر مما يحتاجها الإنسان لا توفر أي فائدة إضافية.
كما حذر الخبراء من أن الرياضيين الذين يتناولون الكثير من المياه بصورة أكبر من حاجتهم لها، يصبحون معرضين لخطر نقص الصوديوم من الدم، وأنه في حالة النقصان الحاد في مستويات الصوديوم في الدم، فهذا قد يكون مهددا للحياة.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن ويندي سترلنغ، اختصاصية التغذية الرياضية، قولها: “انخفاض مستويات الصوديوم بصورة حادة أمر بالغ الخطورة ويتطلب عناية طبية فورية وقد يتسبب في وفاة البعض”.
ويمكن للرياضيين في شهر رمضان، من حيث المبدأ، الوثوق في شعورهم بالعطش لمنع الجفاف ومنع نقص تركيز الصوديوم في الدم، وكقاعدة عامة، عند فقدان السوائل بنسبة من 2 إلى 4٪ من وزن الجسم، يتم فقدان القوة العضلية والقدرة على التحمل، على سبيل المثال بالنسبة لشخص يزن 70 كيلوجراما، قد يتراوح فقدان العرق من 4ر1 إلى 8ر2 كيلوجرام.
وبعد التمرين، من المهم إعادة توازن السوائل والكهارل، فإذا لم يكن هناك تدريب أو منافسة أخرى خلال 24 ساعة التالية، لا يتعين سوى شرب كمية كافية من الماء وتناول الطعام بشكل طبيعي.
أما إذا كان هناك تحميل مرة أخرى في اليوم التالي، فسيتعين لتفادي الجفاف شرب 5ر1 لتر من السوائل لكل كيلوجرام من وزن الجسم فُقد أثناء التدريب، مع مراعاة عدم شرب السوائل دفعة واحدة؛ حيث ينبغي شرب كمية السوائل في غضون 4 إلى 6 ساعات بعد التمرين.
وأهم الاضطرابات الناجمة عن صيام رمضان تحدث في الأسبوع الأول من رمضان، لذلك يجب تقديم إستراتيجية المواجهة المناسبة تدريجياً قبل أسبوعين على الأقل من بداية شهر رمضان، حيث يجب أن تكون الأحمال التدريبية مناسبة للتقدم في مستويات اللياقة والأداء المطلوبة للرياضيين، أو يجب أن تكون مماثلة للتدريب قبل رمضان.
ويجب برمجة التمارين في الصباح لمواجهة التحول المحتمل في دورة الاستيقاظ من النوم وتأثيره على الأداء الرياضي، يجب جدولة جلسات التدريب المكثفة إما في وقت مبكر من المساء (بعد الإفطار) أو في وقت متأخر بعد الظهر (بالقرب من وقت الإفطار)، بحيث يمكن للاعبين تجديد مخازن الجليكوجين الخاصة بهم وإعادة الترطيب فورًا بعد التدريب.
يجب أن يشتمل جزء من استراتيجيات المواجهة على نظام غذائي يتكون من أطعمة عالية الكربوهيدرات (60-70٪ من إجمالي مدخول الطاقة)، مع طاقة كافية لتلبية احتياجات الرياضيين من الطاقة والعناصر الغذائية في جداول تدريبهم ومسابقاتهم، يجب أن تكون الوجبات صحية ومتوازنة وشهية، ومع ذلك، قد لا يكون توقيت تناول الطعام والشراب هو الأمثل للرياضيين المسلمين خلال شهر رمضان بسبب صيام النهار.
يحدث نقص الترطيب الحاد خلال ساعات النهار خاصة أثناء نوبات النشاط البدني الشاق في الحرارة، يجب مراقبة تناول السوائل يوميًا، ويجب فحص تركيز البول وكتلة الجسم قبل التدريب للتأكد من أن الرياضيين الأفراد لا يعانون من الجفاف بشكل كبير قبل التدريب.
كما يُقترح أن الأفراد الذين يعانون من نقص الماء بنسبة 3 ٪ أو أكثر من كتلة الجسم المعتادة يجب ألا يمارسوا تمارين شاقة وطويلة (حوالي 60 دقيقة)، خاصة في البيئات الحارة.