«ضيف شارع فلسطين» فيلم وثائقي قصير يُصور مقاطع وتصريحات حصرية للشهيد إسماعيل هنية في إيران … بقلم د. هناء سعادة

نشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي إعلان الوثائقي القصير «ضيف شارع فلسطين» والذي يعرضُ مقاطع حصرية تُنشر للمرة الأولى من لقاءات المجاهد الشهيد إسماعيل هنية مع قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، بالإضافة إلى الحوار الأخير الذي أجراه الموقع مع الشهيد والذي سيتم بثه قريبا.

ويُمكنكم مشاهدة المقطع عبر الرابط التالي: https://arabic.khamenei.ir/news/8701

يعرضُ الفيلمُ الوثائقي القصير «ضيفُ شارعِ فلسطين» المقابلة الأخيرةِ للشهيد إسماعيل هنية مع موقع KHAMENEI.IR الإعلاميّ باللغةِ العربية، والتي صُوّرت بمشاركة السيّد زياد النخالة بعد ساعةٍ من اللقاء المشترَك لهذين القياديين المقاومين مع قائد الثورة الإسلامية. كما يتضمنُ الفيلمُ الوثائقيُ ألبوما من صور الشهيد مع قائد الثورة، أُلتقطت على مدار عقدين من الزمن، منذُ عام 2006 م حتى آخر لقاء في 30/07/2024م، وتخُص لقاءات جمعتهُما في مناسبات متنوعة، تناولت آليات دعم وتمكين المقاومة الفلسطينية، إذ لا يخفى على أحد الدور المحوري الذي تلعبُه الجُمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم المقاومة الفلسطينية بالمال والعتاد والخبرات العسكرية، فكُلنا نتذكر الشهيد قاسم سليماني وما قدّمهُ لفلسطين، فقد كان جنرالا فلسطيني الهويةِ، إيراني الجنسية، حيث أولى أهمية بالغة للقضية الفلسطينية، مُعتبرا إياها قضية الإسلام الأولى، فنادى المسلمين بوُجوب توحيد الصُفوف والموقف في مُواجهة الكيان الصهيوني الغاصب لهذه الأراضي المقدسة.

 

لقد كان الشهيد ولسنواتٍ طويلةٍ واحداً من الفلسطينيين، وجزءاً من نسيج شعبهم، وطرفاً أصيلاً من مقاومتهم، وجندياً متواضعاً في صفوفهم، ومقاتلاً بسيطاً على جبهتهم، ومُنسقاً صادقاً بين أجنحتهم، وساعياً للوحدة بين فصائلهم، وخادماً لصغيرهم قبل كبيرهم، وناصحاً لتنظيماتهم ومستشاراً لقيادتهم، لا يتأخر إذا طلبوه، ولا يغلقُ بابه في وُجوههم إذا قصدوه، ولا يمنع عنهم مساعدةً إذا سألوه. لقد عُرف عنه تزويد المقاومة الإسلامية بفلسطين بمختلف توجهاتها بالخبرات العسكرية والسلاح والتدريب حتى على مستوى التصنيع العسكري الذي طوّر من قُدراتها، ما جعله رحمه الله شهيد القدس كما وصفه الشهيد إسماعيل هنية، وحقا إنه وصف يُناسب الموصوف. وبجانب الشهيد هنية، يُجمع قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من السنوار، أمدّ الله في عُمره، والجعبرى ومحمد الضيف وبهاء أبو العطا، رحمهم الله، وغيرهم من القادة في الشقين العسكري والسياسي على الدور البارز للشهيد سليماني ومن خلفه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم القضية الفلسطينية، وما بذله من جُهود لتوحيد الفلسطينيين خلف قضيتهم، ووضع حد لأي خلافات بينهم حتى لا ينفذ العدُو من خلالها.

 

وكمثال عن ذلك، قال محمد حميد، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، “أنه وفي وقت سابق، كان تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة يعتمدُ على وسائل بدائيةٍ، وكان ابتكارُ الصواريخ أقرب إلى المبادرات الفردية الشخصية، اعتمدت في بعض المحطات على خبراتٍ عسكريةٍ وعلميةٍ قديمة، رُبما يكون قد جاوزها قطار الزمن”، مضيفا ب “أنّ المدربين من فيلق القدس، تحت إشراف القائد الشهيد قاسم سليماني، كانوا يجتهدون في إحضار المواد، ويُتابعون مع المجاهدين الطريقة التي يعملون بها في فلسطين، ويُحاولون محاكاة الظروف وتحسين الواقع الخاص بعمليات تطوير التجارب الصاروخية. ومن ثمّ عملوا على تحسين المواد المستخدمة في التصنيع، لتكون أكثر دقةً في التصويب والرمي، وأكبر قدرةً في الوصول إلى أهدافها. كل ذلك كان سبباً في امتلاك المقاومة الفلسطينية لاحقاً لقدراتٍ صاروخية أكبر مدىً وأكثر فاعلية، وأصبحت بذلك جزءاً من الاستراتيجية الدفاعية للشعب الفلسطيني، الذي أصبح قادرا على ردع العدو الصهيوني الذي يستبيح التراب”.

 

وبالعودة إلى الفيلم الوثائقي القصير، فمن المقاطع التي يعرضُها تلك التي تُوثّق جرائمَ الكيانِ الصهيوني في غزّة، ومظلوميةَ الأهالي فيها. ففي إشارةٍ إلى بشاعة هذه الجرائمِ؛ يقُولُ قائدُ الثورة الإسلامية بنبرة تخنقُها الغصّة: “عندما يعرضُ التلفازُ بعضَ هذه المشاهد، عادةً لا أطيقُ الاستمرارَ في مشاهدتِها، لقد حوّلَ صبرُ أهالي غزّة قضيّةَ فلسطين إلى القضيّةِ الأولى في العالم، رغمَ أنفِ العدو، وقد أذهلتْ مقاومتُه الاستثنائيّةُ العالمَ”.

 

ومن جهته، وجّه الشهيد هنية شُكره للجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها المتواصل والثابت واللآمشروط، معتبرا هذه الدولة الحصن المنيع للمقاومة الفلسطينية، ودعا جميع أحرار العالم للاصطفاف وراء الحق ونبذ الظلم ومُحاربته، كما وأشار إلى ضرورة وحدة فصائل المقاومة على الساحتين السياسية والعسكرية، داعيا الأمةَ الإسلامية إلى تعزيزِ الوحدة بين مكوّناتِها.

 

واللافت للانتباه هو حُضور وُفود تمُثل مختلف الفصائل الفلسطينية المقاومة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية في إشارة إلى وحدة الصف الفلسطيني، ناهيك عن اصطحاب الشهيد هنية مجموعةً من الأسرى الفلسطينيين الُمحررين، الذين أُطلقَ سراحُهم في عملية تبادل جلعاد شاليط، الجنديّ الصهيونيّ الأسيرِ لدى المقاومة، الذي خرجَ مُقابلَهُ أكثرُ من 1000 أسيرٍ فلسطيني. وكان من بين هؤلاء الأسرى المحررين السيد يحيى السنوار الذي أمضى خمسةً وعشرين عامًا في سجونِ الكيان الصهيوني، وقد حُكمَ عليه بالسجنِ لمدة أربعمئة وثلاثين عامًا.

 

يُجسّد هذا الفيلم الوثائقي عمق العلاقات التاريخية، وأواصر المحبة والأخوة التي تجمع قادة المقاومة الفلسطينية مع قائد الثورة الإسلامية خاصة، والشعب الإيراني عامة، حيث تحدّثَ الشهيدُ المقاومُ خلالَ هذا اللقاء عن المكانة المهمّة التي تحتلُّها قضيةُ فلسطين في عقل قائد الثورة، وفي قلوب الإيرانيين، وما التشييع المهيب الذي حظي به الشهيد في طهران إلا دليل دامغ لما قيل، إذ شهدت العاصمة الإيرانية طهران مسيرات مليونية تشييعا لهذا القائد الجسور الذي سيظل عنوان ورمزا للصمود وللمقاومة الفلسطينية. وليس بغريب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا التضامن، فهي التي قدمت الغالي والنفيس نصرة لهذا الشعب المظلوم على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والشعبية بشهادة القادة الفلسطينيين أنفسهم، حيث وجّه زعيم حركة حماس، السيد يحي السنوار، وفي مناسبات مختلفة، شكره للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقال بأن طهران “كانت كريمة دائما “في دعمها للفصائل المقاومة ماديا ولوجستيا ومعنويا. وأضاف: “لإيران الفضل الأكبر بعد الله في دعم المقاومة، إيران قدمت لنا المال والسلاح والخبرات في حين خذلنا إخوان عرب عن تقديم العون”.