عقب نجاح الباهر لرياضيي النخبة : دورة وهران تعلن عن انطلاقة جديدة للرياضة الجزائرية

عقب نجاح الباهر لرياضيي النخبة :  دورة وهران تعلن عن انطلاقة جديدة للرياضة الجزائرية

من الخطأ الاعتقاد بأن الرياضة الجزائرية بمختلف اختصاصاتها، خرجت من قوقعتها بعد تحقيقها حصادا جميلا من الميداليات، في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي احتضنتها، مؤخرا، عاصمة الغرب الجزائري، وهران الباهية. فمشاكل التنظيم والتأطير لاتزال عالقة في دواليب تسييرها.

53 ميدالية تاريخية في الدورة المتوسطية

ويجدر بنا التساؤل هنا، عما إذا كانت النتائج الإيجابية التي سجلتها رياضتنا بوهران، تعد مقياسا في تطورها، أم أن مجرد التنافس على أرض الوطن هو الذي دفع برياضيينا إلى رفع التحدي، وتجاوز العقبات، سيما بالنسبة للرياضيين الذين خاضوا، لأول مرة، التنافس على المستوى الدولي، منهم، بشكل خاص، عناصر الكاراتي، ورمي الجلة، والقفز الطويل، والسباحة ورفع الأثقال عند الإناث بشكل خاص، بدون الحديث عن رياضيينا الآخرين المتعودين على المنافسة الدولية، الذين استطاعوا أن يجدوا ضالتهم مع الكبار في مختلف الاختصاصات الرياضية، وهو ما جعل الجزائر تحقق نتيجة تاريخية بنيل 53 ميدالية، إذ

يعود تألقها الأخير في هذه الألعاب، إلى دورة تونس 2001 التي نالت فيها 32 ميدالية (10 ذهبيات – 10 فضيات – 12 برونزية).

لكن المفارقة في ما يحصل للرياضة الجزائرية، أنها لم تواظب في الحصول على النتائج الممتازة في المنافسات الدولية، التي خاضت أطوارها في السنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالبطولات العالمية أو الدورات الدولية، مثل الألعاب الأولمبية الأخيرة، التي جرت منذ سنتين بالعاصمة اليابانية طوكيو، حيث اشتكينا كثيرا من ضعف مشاركتنا، وتأسفنا، آنذاك كثيرا، لتواصل تقهقر مستوى رياضتنا دوليا، وطرحنا أسباب ضعفها في شتى الاختصاصات، التي صنعت مجدها في السابق، مثل ألعاب القوى، والجيدو، والملاكمة، التي شكلت في سنوات مضت، قاطرة الرياضة الجزائرية على المستوى الدولي.

ولقد كانت رغبة البروز في هذه الدورة، أكبر حافز للرياضيين الجزائريين بالرغم من التباين الذي كان حاصلا بين البعض والبعض الآخر في مجال التحضيرات والاستعدادات، بل إن الكثير منهم سكنتهم نخوة البروز والانتصار داخل الديار، فكانت إرادتهم لبلوغ هذا الهدف، أقوى من كل اعتبار آخر، إلى درجة أن الميداليات التي فازوا بها، شكلت مفاجأة كبيرة للملاحظين الرياضيين، الذين اكتشفوا بكثير من الذهول والإعجاب، المواهب الرياضية الجزائرية، التي كانت تسعى بالدرجة الأولى، إلى إدخال الفرحة والبهجة على مواطنيهم.

دورة وهران تعلن عن انطلاقة جديدة للرياضة الجزائرية

يمكن القول إن دورة البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها مدينة وهران، أصبحت تشكل محطة انطلاقة جديدة للرياضة الجزائرية، بعد أن اجتمعت الأسباب التي تجعلنا ننظر إلى المستقبل بكثير من التفاؤل. وأهم هذه الأسباب تشييد منشآت رياضية على مستوى كل التراب الوطني، تسمح بالممارسة الرياضية على أوسع نطاق، وتسمح بالتكوين الرياضي في القاعدة أو في مجال التنافس الرياضي. ولنا أن نستبشر في هذا الشأن، بالملاعب الرياضية الضخمة، مثل ملاعب وهران وسطيف وتيزي وز وسيق وقسنطينة وبراقي والدويرة، وملعب 19 ماي بعنابة الذي يخضع، حاليا، لعملية تجديد مرافقه الرياضية، فضلا عن تشييد قاعات ومساحات رياضية جديدة، وأخرى توشك على إنهاء أشغال هياكلها، كل هذه المنشآت الرياضية أصبحت، اليوم، تشكل قاعدة حقيقية لإعادة بعث الرياضة الجزائرية على أسس صحيحة.

أهمية الحفاظ على صيانة المنشآت الرياضية

وإذا كان تشييد كل هذه المنشآت الرياضية يسمح بتوسيع رقعة الممارسة الرياضية عبر التراب الوطني، فإن استغلالها والحفاظ على صيانتها يتطلب، أيضا، وضع خطة مثلى لتحسين مردودية خدماتها على مدار المواسم الرياضية، من خلال تخصيص عمال وفرق مختصة في مجال الصيانة، وعادة ما تقع المسؤولية في هذا الشأن، على ديوان المركبات الرياضية، المطالبة بتحسين مردود عمالها، عبر إخضاعهم لدورات تكوينية. وقد خصص

القانون الرياضي 10 – 04 المؤرخ في 4 أوت 2004، جزءا من اهتمامه بهذا الجانب في المادة 18 منه، التي تؤكد على “سهر الدولة والجماعات المحلية بعد استشارة الاتحاديات الرياضية الوطنية، على إنجاز وصيانة المنشآت الرياضية المتنوعة والمكيفة مع متطلبات مختلف أشكال التربية البدنية والرياضية، طبقا للخريطة الوطنية للتنمية الرياضية، وفي إطار المخطط التوجيهي للرياضة والتجهيزات الرياضية الكبرى”.

ضرورة بناء استراتيجية للرفع من مستوى المواهب

الطريق لايزال طويلا وشاقا لاستعادة الأمجاد الضائعة. ويتعين البحث من الآن، عن أي استراتيجية يجب اتباعها، سواء على المدى القصير، أو المتوسط أو البعيد. وتقريبا كل الاتحاديات أصبحت لها مواهب رياضية، يمكن الاعتماد عليها، على الأقل، في عشر سنوات القادمة. ويسمح لها ذلك ببناء استراتيجية عمل للرفع من مستوى هذه المواهب، التي استطاعت خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط، أن ترفع التحدي، لا سيما الرياضيون الذين لم يستفيدوا من إمكانيات تحضيرية كبيرة. الاتحاديات مطالبة باتباع سياسة إعداد المواهب الشابة عن طريق التكوين المدروس، والاضطلاع برياضة النخبة عبر إشراكها في مختلف المنافسات الدولية، التي تسمح لها برفع مستواها. ولا يمكن الاتحادية أن تبقى كهيكل إداري بطيء في تسيير الرياضة، ولا تبدي اهتمامها برياضييها سواء في التظاهرات الرياضية الكبرى، أو الاتحاديات الرياضية، وتبقى دوما في حاجة إلى توجيهها من طرف خبراء وإطارات في الرياضة، يدركون معنى التخطيط الممنهج، الذي يسمح بتطوير الرياضة على مختلف الأصعدة. ونفس الشيء يقال عن الجمعيات الرياضية، لا سيما التي تعمل في القاعدة، حيث يجب أن يكون دورها رياديا في إعداد النشء بدنيا ورياضيا