في أعقاب الفضيحة المدوية لبرامج التجسس “بيغاسوس” العالمية، يقف المغرب في قلب عاصفة شديدة من الاتهامات والشكوك، وعلى الرغم من نفي الحكومة المغربية، فإن المد الساحق من الأدلة والكشوفات الأخيرة تلقي بظلالها المشؤومة على تورط المخزن في الانتشار المثير للقلق لأداة المراقبة هذه، التي صممها الكيان الصهيوني، ولم تؤد التقارير التي تم الكشف عنها من مصادر صحفية إسبانية إلى تعميق خطورة الوضع فحسب، بل كشفت أيضًا عن شبكة سرية من عمليات المراقبة، مما زاد من تورط المغرب في شبكة من الأنشطة السرية.
أحد أحدث المعلومات التي تم الكشف عنها حول حساب البريد الإلكتروني [email protected]، الذي تم ربطه بفيروس بيغاسوس الذي أصاب هواتف وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلز، والمثير للدهشة أن هذه الرواية نفسها استهدفت الناشط المؤيد للصحراويين كلود مانجين، وهي مواطنة ورئيسة بلدية فرنسية أيضًا، إضافة إلى دبلوماسي في جبهة البوليساريو، وصحفي مغربي في المنفى في فرنسا، وكل هؤلاء يشتركون في معارضتهم للنظام المغربي ، كما أكد مانجين في مقابلة مع صحيفة الإندبندنتي.
اعترف مركز الاستخبارات الوطني الإسباني بعدم قدرته على تحديد الهوية التي تقف وراء حساب البريد الإلكتروني هذا، مما دفع المحكمة الوطنية إلى إغلاق التحقيق بسبب عدم كفاية الأدلة، وعند الاتصال بها، كررت كلود مانجين اتهاماتها ضد المخزن، تاركة الكثيرين يتساءلون عن مدى تورط المغرب في أنشطة المراقبة هذه، ومن المثير للفضول، في خضم هذه اللحظة المحورية، أن العدالة الإسبانية قررت إغلاق تحقيقها في قضية التجسس المتعلقة بالهاتف المحمول لبيدرو سانشيز، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، وتثير هذه الإجراءات الدهشة، لا سيما بالنظر إلى العلاقات الوثيقة المتصورة بين سانشيز والنظام المغربي.
وكشف تحقيق منظمة العفو الدولية أن هاتف مانجين، وهي زوجة سجين سياسي صحراوي في المغرب، تعرض للاختراق في يوليو 2021، ومن المثير للاهتمام، أن توقيت هذه الاختراقات يتزامن مع الهجمات على روبلز ومارلاسكا، وشهد مسؤول في وزارة الدفاع أربع هجمات في يونيو 2021 ، فيما استُهدف الهاتف الشخصي لوزير الداخلية مرتين خلال نفس الشهر. وقد وقعت هذه الهجمات خلال فترة كانت إسبانيا تتعامل فيها مع أزمة هجرة كبيرة على طول حدودها مع المغرب، حيث سبح حوالي 10000 مهاجر إلى سبتة في غضون يومين فقط.
هذه التطورات الأخيرة، وإن لم تكن شاملة، غير أنّها ساهمت في تضييق الخناق حول المخزن. ومع استمرار ظهور الأدلة المتزايدة، ستواجه الحكومة المغربية قريبًا ضغوطًا متزايدة لمعالجة مشاركتها في هذه الأنشطة المضرّة. إن الحاجة إلى المساءلة آخذة في الازدياد، والمجتمع الدولي يراقب الوضع عن كثب.
ومن المهم أن نلاحظ أن فضيحة بيغاسوس لم تصل إلى نهايتها، والعالم ينتظر بفارغ الصبر المزيد من الاكتشافات، ومع وصول الحكومة الجديدة الوشيك إلى السلطة في إسبانيا، هناك أمل متجدد في أن يتم التحقيق بدقة في هذه القضية الساخنة، وسوف تتبنى مدريد موقفًا أكثر قانونية فيما يتعلق بإنهاء استعمار الصحراء الغربية.