في افتتاحية “فلسطينية” لمجلة الجيش: الاحتلال الصهيوني خطط لتصفية القضية الفلسطينية عبر حرب الإبادة الجماعية الوحشية

في احتفائها بالذكرى 69 للثورة التحريرية المجيدة، أشارت افتتاحية مجلة الجيش إلى أنّ “عظمتها لا تكمن فقط في التفاف الشعب الجزائري حولها وإنجاز جيش التحرير الوطني لأعمال بطولية أبهرت العالم.”، مبرزة أن اتفاق الجميع من مؤرخين وساسة وملاحظين وشعوب المعمورة، أكّد على أنها غيرت التاريخ.

ولفتت الافتتاحية في عددها لشهر نوفمبر 2023، التي حمل مقالها بعنوان: “ملحمة نوفمبر.. ملهمة الشعوب”، إلى حقيقة أنّ الثورة التحريرية المظفرة قضت على أسطورة الجيش الاستعماري الذي لا يقهر، وذلك بفضل إيمان الشعب الجزائري وعزيمته وإصراره على دحر المحتل والانعتاق من أغلال العبودية.

وفي هذا السياق ذكرت “الجيش” بتصريح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بمناسبة الاحتفاء بالذكرى: “نحتفي بالذكرى التاسعة والستين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة الخالدة، فنستذكر في هذا اليوم التاريخي العظيم وباعتزاز التضحيات التي بذلها الشعب الجزائري إبان الكفاح المسلح ضد هيمنة استعمار استيطاني، كانت عقيدته البقاء الأبدي على أرضنا الطاهرة قبل أن يدحضها الثوار الأحرار الذين اعتنقوا الجهاد، ورسموا في الفاتح من نوفمبر 1954 طريق الأبطال الشجعان إلى النصر أو الاستشهاد.”

ومن هذا المنطلق، أوضحت المجلة كيف أنّ القيم النبيلة التي قامت عليها الثورة المجيدة رسخت مواقف الجزائر المساندة والداعمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، والتي تناضل وتكافح لأجل تقرير مصيرها وحقها المشروع في التمتع بالاستقلال على أراضيها، مثلما هو الحال بالنسبة للشعبين الشقيقين الصحراوي والفلسطيني.

وبخصوص القضية الفلسطينية، إحدى القضايا المركزية بالنسبة للجزائر، قيادة وشعبا، فإن كل المؤشرات والوقائع تؤكد أن الاحتلال الصهيوني خطط لتصفيتها، وهو ما تعكسه حرب الإبادة الجماعية الوحشية، التي يشنها على المدنيين الفلسطينيين، لا سيما الأطفال والنساء، في انتهاك صارخ وسافر لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

وفي هذا الشأن، ذكرت “الجيش” بما يقترفه جيش الاحتلال من جرائم حرب وجرائم شنيعة ضد الإنسانية، في ظل عجز مجلس الأمن والأمم المتحدة عن فرض حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي، بسبب بعض المواقف الدولية المشينة التي تجانب الحقائق الماثلة وترفض إنصاف الشعب الفلسطيني، مبرزة انحياز الإعلام الغربي وتعاطيه بازدواجية المعايير مع قضية عادلة لشعب يكافح منذ أكثر من 75 سنة لاسترداد حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة.

كما أبرزت الافتتاحية حقيقة كون الجزائر أول دولة في العالم تعترف بالدولة الفلسطينية، حينما أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، قيامها من الجزائر، بتاريخ 15 نوفمبر 1988، مشددة على أن الجزائر لا تزال ثابتة على مواقفها المستمدة من مبادئ ثورتها المظفرة، الداعمة لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه كاملة,

وفي هذا السياق، أشارت إلى تأكيد الرئيس تبون خلال زيارته الأخيرة لولاية الجلفة بقوله: “ما يحدث في غزة جرائم حرب مكتملة الأركان والفلسطينيون ليسوا إرهابيين لأنهم يدافعون عن وطنهم وحقوقهم”، مذكرا بوصف الجزائريين بـ “الإرهابيين”، حينما كانوا يدافعون عن أرضهم ضد الاستعمار الفرنسي.

وذكرت “الجيش” بمرتكز الموقف المشرف جدا للجزائر بخصوص القضية الفلسطينية، والنابع من قناعة راسخة مفادها أنه “لا سلام دائم في الشرق الأوسط دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وهو ما أكدته مؤخرا حينما فضحت الدبلوماسية الجزائرية من على منبر الأمم المتحدة المشروع الصهيوني الرامي لتصفية القضية برمتها، عبر تخيير الشعب الفلسطيني بين الخضوع للأمر الواقع والتخلي طواعية عن أرضه وعن حقوقه المشروعة، وبين إبادته جماعيا.”

وانسجاما مع موقف الدولة الجزائرية، أوضحت الافتتاحية تأكيد الشعب الجزائري دعمه للقضية الفلسطينية في مسيرات حاشدة عبر كل المدن الجزائرية، ليثبت أنها ستظل قضية الجزائر، وأن موقف بلادنا سيبقى ثابتا حتى افتكاك الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة.

وشددت “الجيش” على أن وقوف الجزائر مع فلسطين هو وقوف مع الحق ضد التجبر والاضطهاد وسلب الحقوق الوطنية لشعب لم يطلب شيئا سوى العيش بسلام على أرضه، تماما كما كان مطلب الشعب الجزائري بالأمس، قبل أن يقرر وضع حد للاحتلال وتجاوز الأمر الواقع واتخاذ الكفاح المسلح وسيلة لتحرير البلاد.

وفي هذا السياق، ختمت المجلة بتأكيد الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على هذه القيم التي من واجبنا جميعا أن نحفظها ونصونها، بقوله: “بهذه المناسبة التاريخية الخالدة، نؤكد أن مصير الجزائر المستقلة والمستقرة والمزدهرة وذات القرار السيد، قد أضحى، اليوم، بين أيدي أبنائها المخلصين، الذين هم مجندون ومتحفزون وملتزمون، أكثر من أي وقت مضى، بالحفاظ على نهج الأولين والتشبث بالمبادئ والقيم الثابتة التي لطالما ميزت بلادنا منذ استقلالها في محفل الأمم، مهما كلفهم ذلك من جهود وتضحيات.”

أحمد عاشور