صنع الناخب الوطني الجديد فلاديمير بيتكوفيتش، الحدث مؤخرا في الشارع الرياضي وفي وسائل الإعلام الجزائرية والأجنبية، بعد الزيارات التي قام بها لمختلف الأندية الجزائرية المحلية، وشملت فرقا ناشطة في الرابطة المحترفة الأولى، لكن الملفت هو التنقل لحضور التدريبات لا المباريات الرسمية، وهو ما شد انتباه المتابعين والفاعلين في الكرة، وسط إشادة واسعة وتفاؤل كبير تجاه طريقة عمله والطموح الذي ينتابه رفقة الاتحادية الجزائرية للعبة برئاسة وليد صادي، من أجل تطوير كرة القدم في بلادنا وإعادتها للمواجهة قاريا وحتى عالميا.
سابقة تاريخية في كرة القدم الجزائرية
وبعد تعيينه مدربا لـ”الخضر” في بداية شهر مارس الماضي، شرع الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش في عمله ودخل مباشرة في صلب الموضوع من خلال الكشف عن طريقة عمله وتجسيد تصريحاته ووعوده التي أطلقها، فقد كان التقني البوسني وراء سابقة تاريخية في كرة القدم الجزائرية، عندما قرر التقرب أكثر من الأندية ومسؤوليها ومدربيها عن طريق القيام بحضور التدريبات ومتابعتها عن كثب، وهي الخطوة التي لم يقم بها أي ناخب وطني في السابق، وكان أغلبهم يحضرون بعض اللقاءات الرسمية.
التقني البوسني يخالف البروتوكولات ويتنقل شخصيا لتدريبات الأندية
وكسر خليفة جمال بلماضي جميع البروتوكولات، بقيامه بحضور تدريبات الأندية، وكانت البداية بمولودية الجزائر ثم مولودية وهران وجمعية الشلف ونجم بن عكنون وأتلتيك بارادو، حيث لم يكتف بحضور المباريات وزياراته شملت التحضيرات وبصفة شخصية وليس بإيفاد مساعديه مثلا، وهي الخطوة التي تؤكد رغبته في الوقوف على كل صغيرة وكبيرة داخل الأندية والتعرف أكثر على طريقة عملهم لأخذ نظرة شاملة ومحاولة التنسيق مع مسؤوليها والتقنيين فيها لنقل خبراته ولما لا استفادة المنتخب الوطني مستقبلا، في نظرة شاملة وتنم على تغير تام في نظرة الناخبين تجاه الفرق المحلية التي طالما عانت التهميش في عهد رؤساء لـ”الفاف” ومدربين لـ”الخضر” سابقين.
إشارة واضحة لاهتمامه بالكرة المحلية
وبخرجاته الميدانية، يؤكد المدرب فلاديمير بيتكوفيتش على الأفكار التي يسعى إلى تجسيدها ومشروعه مع المنتخب الوطني وكرة القدم الجزائرية على وجه العموم، حيث لم يخف في وقت سابق إعجابه بما تمتلكه الجزائر من مواهب في كرة القدم، إذ يسعى من خلال زيارته للأندية لتأكيد اهتمامه البالغ بالكرة المحلية ومحاولة تحسيس المسؤولين عليها وكذا المسؤولين على اللعبة الأكثر شعبية في الجزائر بذلك، وبأنه لا يكتف بالتركيز فقط على المنتخب الوطني وكذا اللاعبين الذين ينشطون في مختلف الدوريات الأوروبية، بل يريد أولا التعرف على الفرق الجزائرية ولاعبيها الذين سيكونون ضمن مخططاته مستقبلا، ومن ثم تجسيد مشروعه لبناء منتخب وطني قوي وعلى ركائز متينة، تبدأ أولا بالاهتمام بالكرة المحلية واللاعبين الذين ينشطون في مختلف الفرق الجزائرية.
بيتكوفيتش يلتقي بمدربي الفرق ويستفسر عن المشاكل
وخلال زيارته لتدريبات الأندية المحلية حرص الناخب الوطني الجديد رفقة مساعده نبيل نغيز، شخصيا على الاجتماع بالطواقم الفنية ومسؤولي الفرق من أجل الاستفسار عن ظروف التحضيرات والمشاكل التي تعاني منها أندية النخبة، وذلك في خطوة تندرج ضمن مخططاته، للتقرب أكثر من المسؤولين على الكرة المحلية، والوقوف أكثر على المشاكل التي تعاني منها، وخاصة على المستوى الفني والتكتيكي كمرحلة أولى قبل الشروع في المرحلة الثانية والتي تتمثل في عقد لقاءات وندوات مع مختلف التقنيين الجزائريين بهدف الخروج بمقترحات من شأنها أن تصب في مصلحة الكرة الجزائرية وتساهم في دخول عالم الاحتراف الحقيقي بداية من الموسم المقبل.
الناخب الوطني يحفز اللاعبين المحليين للتواجد مع “الخضر”
زيارة المدرب فلاديمير بيتكوفيتش للأندية الوطنية كان لها وقع إيجابي كبير لدى اللاعبين المحليين الذين التمسوا من التقني البوسني رغبة كبيرة في منح العناصر المحلية فرصة للتواجد ضمن صفوف المنتخب الوطني مستقبلا، وذلك خلافا لما كان يحدث مع المدربين السابقين لـ “الخضر” والذين قاموا بتهميش اللاعبين المحليين بل وأكثر من ذلك، لم يتوانوا في انتقاد مستوى البطولة واللاعبين على حد سواء، وهو الأمر الذي كان يحز في نفوسهم أكثر وأغلق الباب في وجوه العديد من المواهب لتحقيق حلمها بحمل الألوان الوطنية، غير أن ما يقوم به المدرب السابق للمنتخب السويسري، والذي لم يكتف بمعاينتهم في المباريات الرسمية، بل قام بالتنقل إلى التدريبات والحديث معهم بشكل شخصي، وأيضا تحفيزهم لتقديم كل ما لديهم، يعتبر خطوة إيجابية من شأنها أن تعيد الاعتبار للاعب المحلي، وتعزز آماله في الانضمام إلى صفوف المنتخب الوطني خلال الاستحقاقات المقبلة.
بيتكوفيتش يكسب الاحترام ويحـــــظى بإشادة واسعة
وتمكن المدرب البوسني فلاديمير بيتكوفيتش من كسب الاحترام من قبل الشارع الرياضي الجزائري بشكل أسرع مما كان متوقعا، فبعد البداية القوية له مع المنتخب الجزائري في أول امتحان له مع “محاربي الصحراء”، خلال مواجهتي بوليفيا وجنوب إفريقيا ضمن الدولة الدولية الودية التي احتضنتها الجزائر شهر مارس الماضي، والمستوى الذي قدمه زملاء المتألق بن زية خلال المواجهتين المذكورتين، لم يحصر التقني البوسني عمله في المنتخب فقط، بل قرر أن يجوب مختلف الملاعب الجزائرية للوقوف على مستوى العناصر المحلية، بل وأيضا زيارة تدريبات الفرق، في خطوة جعلته يحظى بإشادة واسعة من قبل مسؤولي الأندية الوطنية والمدربين الجزائريين، الذين أثنوا كثيرا على هذه الخرجات واعتبروها بداية جيدة تصب في صالح الكرة المحلية بالدرجة الأولى في انتظار تعميمها على باقي فرق النخبة.
الخطوة تندرج ضمن مخططات صادي لتطوير الكرة المحلية
وما يقوم به الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش يحسب للاتحادية الجزائرية لكرة القدم ورئيسها وليد صادي الذي تكفل شخصيا بالتفاوض مع المدرب البوسني، وعمل على منح اهتمام كبير لتطوير الكرة الجزائرية، إلى جانب تحسين نتائج المنتخب الوطني التي تراجعت على المستوى القاري في الفترة الماضية، وذلك من خلال سن بند في عقد مدرب “الخضر” الجديد ينص على بقائه في الجزائر لمدة 21 يوما في الشهر، يقوم خلالها بإيلاء أهمية قصوى للكرة المحلية، حيث شدد الرجل الأول في مبنى “دالي إبراهيم” على ضرورة تنقل الطاقم الفني لـ “محاربي الصحراء” إلى مختلف الملاعب الجزائرية والوقوف على مستوى اللاعبين ومحاولة إيجاد حلول من شأنها الرفع من مستوى البطولة بشكل عام، وهو الأمر الذي سينعكس إيجابيا على المنتخب الوطني الجزائري في المستقبل، وذلك عن طريق خلق المنافسة بين اللاعبين المحليين حتى يكونوا ضمن مخططاته في الاستحقاقات القادمة، بدل الاعتماد بشكل كلي على اللاعبين مزدوجي الجنسية والمكونين في الأكاديميات الفرنسية.
ولا شك أن التحديات التي تنتظر الطاقم الفني لـ”الخضر” بقيادة فلاديمير بيتكوفيتش، ستكون صعبة، إلا أن رئيس “الفاف” وليد صادي والفاعلين في كرة القدم الذين شرعوا في عملية الإصلاح على كافة المستويات يريدون بناء مشروعهم على أسس صلبة، وهذا يمر عبر تكاتف الجهود، والبداية ستكون بمسؤولي الفرق الجزائرية المطالبون بمواكبة هذه الأفكار وتأكيد نياتهم في بلوغ عالم الاحتراف الحقيقي.