في فعالية نظمتها “سيپا”… هذه أبرز توصيات الملتقى الوطني حول التسهيلات الجمركية لترقية الصادرات خارج المحروقات

نظمت، اليوم الثلاثاء، كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين ملتقى وطني علمي حول التسهيلات الجمركية لترقية الصادرات خارج المحروقات، بالتعاون مع المديرية العامة للجمارك وجامعة الجزائر 03، بمقر “سيبا” بالعاصمة، والذي عرف حضور عديد الفاعلين، إضافة إلى عدد من الأساتذة والطلبة.

الجمارك والجامعة الجزائرية… عاملان مهمان في الرفع من قيمة الصادرات

وفي تصريح لدزاير توب، قال رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين عبد الوهاب زياني، أن سنة 2023 عرفت توجهاً قوياً نحو التصدير، وأن الهيئة التي يرأسها تطمح إلى رفع هذا الرقم خلال السنة الجارية إلى 10 مليار دولار، وأكثر مطلع سنة 2025، قبل أن يعرج على إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على تدشين معرض الجزائر الدولي في طبعته الـ 55 أول أمس الإثنين.

وأوضح زياني، أن المعرض الذي أشرف الرئيس تبون على تدشينه يعتبر “صورة الجزائر”، بصفتها دولة صناعة وصناعيين، وأن الملتقى جاء لإبراز مرافقة الدولة لهم.

وفي سياق آخر، أضاف محدثنا، أن جهاز الجمارك يعتبر مرافقاً لنشاطهم، حيث يتم التنسيق معهم بصفة دائمة، مؤكداً أن مؤسسات الدولة مجندة لمرافقة المصنعين، وأن الملتقى جاء ليبرز هذا الدور المحوري الذي تضطلع به هذه الهيئات، ولتغيير الذهنيات.

وأشار زياني، كذلك إلى أن مؤسسة الجمارك الجزائرية وإلى جانبها الجامعة الجزائرية، شاركت اليوم في هذه التظاهرة، مضيفاً أن دور الأخيرة يكمن في تكوين الطلبة الذين سينشطون مستقبلاً في مجال التصدير، خاصةً وأن الدولة موّلت اليد العاملة المتخصصة.

وأكد ضيف دزاير توب، أن مستقبل البلاد والأجيال يكمن في التصدير من الجزائر، باعتبارها بوابة إفريقيا وأوروبا ولها قوة صناعية، رغم وجود بعض النقائص التي يجب رفعها، قبل أن يشير إلى أن هدف الكنفدرالية اليوم هو خلق ما يصل إلى 04 ملايين مؤسسة جزائرية.

ودعا رئيس سيپا في تصريحه أيضاً، إلى ضرورة تنسيق الجهود وتسطير الأهداف بغية الوصول إلى 29 مليار دولار كرقم للصادرات خارج المحروقات – وهو ما صرح به وزير التجارة وترقية الصادرات الطيب زيتوني – ، مضيفاً أن تحقيق ذلك لا يتطلب أي شروط كبيرة، خاصةً وأن القوانين تخدم هذا التوجه، والبيئة مواتية لذلك.

وشدد، محدثنا، على ضرورة تغيير الذهنيات، وعلى الأجيال القادمة أن توجه تفكيرها نحو التصنيع والتصدير من الجزائر.

وبالحديث عما إن كانت هنالك عراقيل تعيق عملية التصدير انطلاقاً من الجزائر، قال محدثنا أنها شبه منعدمة، ومسؤولية ذلك تعود للمؤسسة المصدرة نفسها، ففي حال نظمت العملية فإنها ستتم في وقت قياسي ودون تأخير، مضيفاً أنه وكمُصدر فقد قام بعملية تصدير في ظرف 48 ساعة فقط.

الجمارك الجزائرية .. دور محوري في تنظيم عملية التصدير 

وبدورها، قالت ممثلة الجمارك، المراقب العام على مستوى المديرية العامة للجمارك غازلي أميرة، أن مشاركتهم جاءت تنفيذاً لتعليمات اللواء المدير العام للجمارك، وتلبيةً لدعوة الـ “CIPA” التي نظمت هذا اليوم الإعلامي حول التسهيلات الجمركية والمزايا التي تقدمها الجمارك الجزائرية.

وأشارت غازلي، أن الفرصة كانت مواتية لتقديم عرض حول هذه المزايا والتسهيلات للمتعاملين قصد مرافقتهم في تصدير سلعهم إلى الخارج.

وأوضحت محدثتنا، أن المديرية العامة للجمارك، قامت بتصنيف هذه التسهيلات في 03 أصناف، وهي التسهيلات الخاصة بالأنظمة، الإجراءات وكذا الرقابة الجمركية.

تصدير المنتوجات خارج المحروقات… تحديات وآفاق

وقالت الدكتورة هدى سميرة جعفري، الخبيرة المستشارة بكنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، أن المصدرين الجزائريين يواجهون العديد من التحديات التي تعيق قدرتهم على التنافس في الأسواق العالمية.

وتطرقت جعفري، إلى أهم هذه التحديات، سيما الهيمنة شبه الكاملة لصادرات المحروقات، مشيرةً إلى أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على صادرات المحروقات، والتي تمثل أكثر من 90 بالمائة من إجمالي الصادرات، وهو ما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، ويحد من قدرة القطاعات غير النفطية على التطور والنمو.

إضافة إلى ذلك، ضعف تنويع الصادرات، حيث تُعاني الجزائر من ضعف تنويع الصادرات، وتتركز غير النفطية منها على عدد محدود من المنتجات، كالغذائية والزراعية وبعض المواد الخام.

وإضافة إلى جملة التحديات المذكورة، تضيف محدثتنا بالقول أن البيروقراطية والإجراءات الإدارية المعقدة هي الأخرى تقف عائقاً أمام المصدرين الجزائريين في مختلف مراحل عملية التصدير، بدءً من الحصول على التراخيص اللازمة، إلى إعداد الوثائق، مرورًا بالإجراءات الجمركية.

كما أن نقص المعلومات والوعي، حيث يفتقر العديد من المصدرين الجزائريين إلى المعلومات والوعي الكافيين حول متطلبات الأسواق الخارجية، المعايير الدولية، اتفاقيات التجارة الحرة، وإجراءات التصدير، تُضاف هي الأخرى إلى جملة التحديات، وفق ما كشفت عنه الخبيرة جعفري.

وتابعت بالحديث عن هذه التحديات، سيما ضعف البنية التحتية اللوجستية، مبرزةً أن الجزائر تُعاني من نقص في البنية التحتية اللوجستية، مثل الموانئ، الطرق وشبكات النقل، مما يزيد من تكاليف التصدير ويؤخر عمليات الشحن، وكذا قلة التمويل، إذ يواجه المصدرون صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لأنشطتهم، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة.

ويُضاف إلى كل ما سبق ذكره، المنافسة الشرسة في الأسواق العالمية، أين تواجه المنتجات الجزائرية منافسة قوية من قبل منتجين من دول أخرى ذات تكاليف إنتاج أقل وكفاءة أعلى، حسبما أفادت به ضيفة دزاير توب.

ويُصنف مشكل عدم استقرار القوانين والأنظمة، ضمن التحديات البارزة التي تواجه المصدرين الجزائريين، وفقاً لما قالته الخبيرة جعفري، حيث أوضحت أنهم يتعرضون للتغييرات المتكررة في القوانين والأنظمة، مما يضعهم وسط بيئة عمل غير مستقرة تعيق التخطيط على المدى الطويل.

بالإضافة إلى هذه التحديات العامة، تواجه بعض القطاعات المصدرة تحديات خاصة بها، إذ وبالنسبة للقطاع الفلاحي، فإنه يعاني نقص في مرافق التخزين والمعالجة، وضعف في تنظيم سلاسل الإمداد، بالإضافة إلى صعوبات في الحصول على شهادات الجودة الدولية، وفقاً لمحدثتنا.

أما القطاع الصناعي، فإنه يعاني نقص في الابتكار والتكنولوجيا وضعف الكفاءة الإنتاجية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، بينما يفتقر قطاع الخدمات إلى المهارات المتخصصة والعمالة المؤهلة، وقلة الوعي حول إمكانيات التصدير في هذا المجال، تسترسل جعفري.

وفي حديثها أيضاً، أبرزت الخبيرة جعفري جهود الدولة لترقية الصادرات، حيث قالت أنه وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الحكومة الجزائرية تبذل مجهودات كبيرة لتعزيز الصادرات غير النفطية وتنويع الاقتصاد.

ووفقاً لما جاء في تصريحها، فإن هذه الجهود تشمل استحداث إستراتيجية وطنية لتنمية الصادرات، وتهدف إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية في إجمالي الصادرات، فتح أسواق جديدة للمنتجات الجزائرية، وتعزيز تنافسية الشركات الجزائرية في الأسواق العالمية.

إضافة إلى دعم المصدرين، من خلال تقديم الحكومة الجزائرية للعديد من البرامج لدعم المصدرين، سيما تقديم الإعفاءات الضريبية، المساهمة في تكاليف المشاركة في المعارض الدولية وتقديم خدمات المعلومات والتكوين.

وتعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية اللوجستية، سيما للموانئ، الطرق وشبكات النقل، قصد تسهيل عمليات التصدير وخفض تكاليفها، فضلاً عن تطوير الموارد البشرية، حيث يتم التركيز على برامج التعليم والتكوين لتحسين مهارات المصدرين، وإعداد كوادر متخصصة في مجال التجارة الدولية.

وفي ختام تدخلها، قالت الخبيرة جعفري، أن التغلب على هذه التحديات يتطلب جهدًا مشتركًا من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني من خلال العمل معا.

لنصدر معا…. نتائج وتوصيات 

وخَلُص الملتقى الوطني العلمي إلى جملة من التوصيات، فضلاً عن ضرورة إعادة النظر في أولويات إصلاح الإقتصاد من طرف الدولة وتبني سياسات تتضمن نحفيز وتنشيط قطاعات الإنتاج لغرض سد جزء من الطلب المحلي، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية المهمة، سيما القطاع الفلاحي والصناعات التحويلية وغيرها، مع العمل على استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع الطاقات.

وأوصى الملتقى بإعداد إستراتيجية التصدير وتنويع الصادرات خارج المحروقات، والاعتماد على شعب إنتاجية موجهة خصيصاً للتصدير، إضافة إلى مراجعة القوانين المتعلقة بالصرف وملاءمتها مع المعايير الدولية، وإشراك السفارات الجزائرية في إعداد دراسة تكنو إقتصادية للدول المقيمة بها حتى يتسنى للمصدر الجزائري معرفة الأسواق الخارجية الملائمة للسلع الجزائرية، ومنه سهولة الولوج والتموقع فيها.

كما دعا الملتقى إلى تعزيز التعاون في المجال الجمركي بين الجمارك والمتعاملين، ورقمنة مختلف القطاعات، وإنشاء أنظمة معلوماتية مترابطة فيما بينها، مشدِداً على ضرورة التنسيق بين مختلف الفاعلين في سلسلة التجارة الخارجية لخفض تكاليف تصدير واستيراد السلع والخدمات، مع إعداد إستراتيجية واضحة لترشيد الاستيراد وإحلال الواردات بمنتجات محلية تنافسية من حيث السعر والنوعية.

وتضمنت التوصيات التي خرج بها الملتقى، أيضاً تشجيع الصادرات المحلية غير النفطية وحمايتها، بحيث تمكن المنتج المحلي من المنافسة والصمود أمام السلع الأجنبية، والبحث عن أسواق دولية أخرى بديلة، مع القيام بعملية إحصاء شاملة مبنية على أسس عملية لمختلف قطاعات النشاط الإقتصادي، للحصول على معلومات وأرقام دقيقة تساعد على استقراء الواقع واستشراف المستقبل.

كما تم التشديد على ضرورة تقريب البحث العلمي من المؤسسة، لاسيما في مجال دراسة الأسواق ووضع إستراتيجيات فعالة للتصدير، ووضع التعليمات الجمركية في متناول المهنيين والمتعاملين الاقتصاديين، لاسيما عن طريق ضمان مشاركتهم في صياغتها وضمان نشرها.