الثلاثاء 15 جويلية 2025

في لقاء على قناة “دزاير توب”.. الدكتور محمد دومير يروي حادثة خيانة سلطان المغرب عبد الرحمان بن هشام للأمير عبد القادر وتحالفه مع الفرنسيين ضدّ ثورته عليهم

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
في لقاء على قناة “دزاير توب”.. الدكتور محمد دومير يروي حادثة خيانة سلطان المغرب عبد الرحمان بن هشام للأمير عبد القادر وتحالفه مع الفرنسيين ضدّ ثورته عليهم

أبرز الباحث وصانع المحتوى التاريخي، الدكتور محمد دومير، أنّ شخصية الأمير عبد القادر أكبر من أن ننتظر رأي المغاربة أو الفرنسيين فيه، لافتا إلى أن موسوعة ويكيبيديا الثقافية الموجهة للجميع تضم صفحة للأمير عبد القادر متاحة بـ 93 لغة، في حين أنّ سلطان المغرب عبد الرحمان بن هشام الذي عاصره توجد صفحته في هذه الموسوعة مترجمة إلى 4 لغات فقط.

وفي هذا السياق، أكّد الدكتور دومير في لقائه على برنامج “ريمونتادا” للإعلامي مصطفى بونيف عبر قناة “دزاير توب” الإلكترونية، أنّ الأمير عبد شخصية كُتب عنها بجميع اللغات، وهذا يؤكّد أهميتها، في مقابل عدم اهتمام الباحثين في أنحاء العالم بخصمه السلطان المغربي الذي طارده وتعارك معه.

وعن قيام المخزن وبعض الدوائر الفرنسية بالانتقاص من الأمير عبد القادر والطعن فيه، شدّد المتحدّث أن “هذه التصرفات لها علاقة بمحاولة في الجانب الآخر لتبرير مواقف السلطان عبد الرحمان بن هشام من الأمير عبد القادر.”

وفي هذا السياق يلفت الباحث في التاريخ، إلى أنه لولا الخيانات التي تعرض لها الأمير عبد القادر لكان قد تمكن من طرد المحتل الفرنسي ولذهب بعيدا ولصنع لنفسه مجدا عظيما، وذلك نظرا لما تميز به من نبوغ وتفوق ونجاح منذ سنّ مبكرة، وقد ظهرت هذه السمات فيه بشكل متسارع.

ويضيف  صانع المحتوى التاريخي، بهذا الخصوص: “لقد استطاع الأمير عبد القادر توحيد الصف الجزائري بطريقة غير مسبوقة في مواجهة الفرنسيين، وقد أثرت هذه النفسية الإيجابية على سكان وجدة والمناطق المجاورة لها، والتي كانت تبعث له بمبايعتها له، ما مثّل سحبا للبساط من تحت أقدام السلطان المغربي عبد الرحمان بن هشام، الذي كان مقرّ حكمه في أقصى الشرق بمحاذاة المحيط الأطلسي.”

ويتابع ضيف “ريمونتادا” في هذا الشأن: “لقد خلق تنامي التأييد والمساندة للأمير الشاب حينها من قبل هذه المناطق التي تقع تحت حكم سلطان المغرب، الغيرة والحسد في نفسه، وكذلك الخوف من صعود نجم الأمير على الأراضي التي يسيطر عليها وعلى عرشه.”

وأشار دومير إلى أنّ أعداد كبيرة من سكان المغرب أعجبت بشخصية الأمير عبد القادر، حتى قبل أن يلجأ إلى منطقة وادي ملوية ويحتمي بها من الجيش الفرنسي، حيث أن الأنفس اشرأبت إليه وتهافتت عليه وهو لا يزال بمعسكر ووهران وتلمسان.

وعن سرّ هذا الانبهار بشخصية الأمير عبد القادر التي حظيت بقبول منقطع النظير لدى المغاربة في ذلك الزمن، قال المتحدث إن ذلك يعود إلى فصاحته وطلاقة لسانه فقد كان شاعرا وأديبا وإماما وعالما بالدين، إلى جانب بطولته وشجاعته التي صنعها من قدرته على تأديب أعدائه الفرنسيين بسيفه البتار، مبرزا أنّ هذه الميزات التي تفرّد بها الأمير انعكست في نفس سلطان المغرب حسدا منه وخوفا على عرشه من تنامي وقوة ونفوذ الأمير عبد القادر.

وتابع الباحث: “عند هذا الحد شرع السلطان عبد الرحمان، الذي لم يكن ليهمه أن يحكم المغرب من هو أفضل منه بقدر ما كان متمسكا بعرشه حتى ولو أساء التصرف، في ذكر الأمير عبد القادر بالسوء والانتقاص منه، ونشر الوشايات الكاذبة عنه عبر آلته الدعائية في ذلك الزمن، والتي كانت تتشكل من شعراء وكتاب، كانوا يرمونه بالاتهامات الباطلة.”

وأردف: “ومع تقدم الأحداث اضطر الأمير عبد القادر لكي ينفذ خططه في الكر والفر في مواجهة الأسلحة المتطورة، وقتها، التي كانت في أيدي الفرنسيين، أن يلتجئ إلى منطقة وجدة، وتحديدا في أغادين ونهر ملوية، وهي أرض أجداده التي انتزعها منه الفرنسيون بموجب معاهدة التافنة.”

واستطرد في سرده لواقعة خيانة سلطان المغرب للأمير: “وقد كان الأمير في حركة الكر والفر هذه التي كانت تضطره إلى الرجوع إلى العمق في منطقة وجدة، قد لفت انتباه الفرنسيين الذين راسلوا السلطان عبد الرحمان ليبلغوه أن رعيته في المنطقة يؤوون الأمير عبد القادر ويقدمون له المأكل والمشرب والحماية، الأمر الذي زرع في سلطان المغرب الجرأة من أجل إعلان الحرب على الأمير، بعد أن ظهر له أنه قد وجد في الفرنسيين سندا له على مواجهته.”

وأضاف: “ومنذ ذلك الحين شرع السلطان المغربي في توجيه الرسائل إلى زعماء القبائل يحذرهم فيها من استقبال الأمير عبد القادر وجيشه واستضافته عندهم، وحتى التعامل معهم بيعا وشراء، ومقاطعته نهائيا.”

وزاد: “وفي إحدى المرات ترك الأمير عبد القادر الأطفال والنساء عند نهر ملوية، عندما اضطرته مواجهة الفرنسيين في إحدى معاركه بتلمسان، ليجد حال عودته إليهم أن السلطان عبد الرحمان قد بعث ببعض الأوباش ليعتدوا على النساء ويفزعوهنّ، ويطعنوا إبل الأمير وينحروها في مسعى منه لشلّ حركة جيشه، كما أنهم أسقطوا الخيام، غير أن الأمير عبد القادر ورغم أنه عاد مجهدا من قتال الفرنسيين إلا أنه تعقّب أولئك الأوباش إلى أن تمكن منهم وظفر بهم، وبعد أن أخبروه بأن السلطان هو من حرضهم على ارتكاب فعلتهم قام بقتلهم.”

وفي تعقيبه على هذه الحادثة المحزنة، لفت الإعلامي مصطفى بونيف بعد أن أكد أنه يسمعها لأول مرة، إلى أنّ ما حدث في زمن الأمير عبد القادر يتكرر في الحاضر وكأن التاريخ يعيد نفسه، فعندما يقوم المخزن بزرع جهاز الموساد على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع الجزائر، ويطلق أقمار صناعية اقتناها من الكيان الصهيوني ليتجسس على الجزائر، فإن ذلك يمثل استمرارا للخيانة التي بدأت في عهد السلطان عبد الرحمان بن هشام.

رابط دائم : https://dzair.cc/1skp نسخ