قال إن الجيش “أصبح بين أياد أمينة اليوم”: الجنرال خالد نزار يُغازل الرئيس تبون والمؤسسة العسكرية ويُشيد بالتنسيق بين السلطات العسكرية والسياسية

كحلوش محمد

هاهو الجنرال المتقاعد خالد نزار وزير الدفاع الوطني الأسبق (1990-1994) يعترف أنه كان على خطأ ،مقرا بأن الجيش الوطني الشعبي “أصبح بين أياد أمينة اليوم”، مشيدًا بالتنسيق بين السلطات العسكرية والسياسية. وفي نص طويل نُشر باللغة الفرنسية في موقع “ألجيري باتريوتيك” المملوك لنجله لطفي، قال الجنرال نزار إن ما كان يحدث منذ عام 2019 هو جزء من “خطة واسعة لزعزعة استقرار الجزائر” تهدف إلى استكمال “ما تم القيام به في التسعينيات”.

وزعم أنه هذه الخطة تتكون من 4 مراحل بـدأت بالعهدة الخامسة لبوتفليقة ثم بمشروع “لكسر جميع رموز المقاومة”، واعتبر أن هذه الرموز هي الجنرال توفيق، قائد المخابرات السابق، واللواء بن حديد، والمجاهدين الأخضر بورقعة ، جميلة بوحيرد، وبحسب نزار تجري الآن مرحلة ثالثة من “هذه الخطة”، وتستهدف سلطة الجيش الجزائري، بشعار “دولة مدنية ماشي عسكرية”، المرفوع في الحراك الشعبي ، وردًا بشكل خاص على خطاب قائد الأركان الراحل الفريق أحمد قايد صالح، مسير مرحلة ما بعد الإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحكمة واقتدار.

واعتبر خالد نزار أنه بخلاف زمن قايد صالح “فلحسن الحظ، أصبح الجيش الوطني الشعبي اليوم في أيادٍ أمينة. وحقيقة أن السلطات العسكرية والسياسية تعمل معًا للحفاظ على تماسكها هي علامة على ذلك، وهذا هو الأهم”. وأكد خالد نزار أن المتابعة القضائية العسكرية، التي تعرض لها مع ابنه هي “سياسية” وأنها “بدأت بأمر من قبل الفريق السابق في السلطة، لغرض الانتقام الخالص وفي إطار أجندة سياسية”.

وكان حكم غيابيًا على اللواء خالد نزار ونجله لطفي بالسجن عشرين عامًا رفقة الفريق توفيق والجنرال عثمان طرطاق ، وسعيد بوتفليقة ولويزة حنون بتهمة “التآمر على سلطة الجيش”. وحكم الأخيرين جميعا بالسجن 15 عامًا. وقد استعادت لويزة حنون، مؤخرا، حريتها. و سافر الجنرال نزار في 2019، مع عائلته إلى إسبانيا لأغراض علاجية، ولم يعد إلى الجزائر منذ ذلك الحين.وفي أوت 2019 قال وزير الدفاع الأسبق على تويتر أن “الحراك السلمي أرغم بوتفليقة على الاستقالة غير أن السلطة تم الاستحواذ عليها بالقوة العسكرية، والدستور تم خرقه بواسطة تدخلات غير شرعية ، الجزائر حاليا رهينة شخص فظ فرض الولاية الرابعة وهو من ألهم الولاية الخامسة ينبغي أن يوضع له حد ، البلد في خطر”. وفي 26 جويلية 2019، كتب خالد نزار، تغريدة أكد فيها تراجعه عن الدخول إلى الجزائر بسبب “وجود مخطط لاعتقاله من طرف السلطات”.

وقال نزار: “كنت على وشك العودة إلى الجزائر عندما وصلتني معلومات موثوق بها حول مشروع اعتقال تعسفي وغير عادل يستهدفني”. وتابع “سأعود إلى البلد حالما يتم تطبيع الوضع وعندما يتم انتخاب رئيس بطريقة ديمقراطية”. الجنرال نزار يُكذّب أي اتصالات مع السلطة لعودته وتسوية وضعيته مع القضاء العسكري ونفى وزير الدفاع الأسبق صحة تقارير إعلامية وطنية، قالت إن هناك اتصالات مع جنرالات فارين، بينهم هو، من أجل إقناعهم بالعودة إلى الجزائر وتسوية وضعهم مع القضاء العسكري، وأنه ( خالد نزار الموجود في إسبانيا ) أحد هؤلاء.

وكانت تقارير إعلامية وطنية كشفت إن هناك اتصالات مع جنرالات فارين من أجل إقناعهم بالعودة إلى الجزائر وتسوية وضعهم مع القضاء العسكري، وإن اللواء المتقاعد خالد نزار وزير الدفاع الأسبق الموجود في إسبانيا أحد هؤلاء. وربطت جريدة “الوطن” الناطقة بالفرنسية بين ربط الاتصالات بين هؤلاء الضباط السامين السابقين الفارين، وهم اللواء المتقاعد خالد نزار واللواء لحبيب شنتوف القائد السابق للناحية العسكرية الأولى، واللواء عبد الرزاق شريف القائد السابق للناحية العسكرية الرابعة وبين ترحيل وحبس الضابط قرميط بونويرة أمين سر أو كما يوصف “خزنة أسرار” الفريق الراحل أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش، الذي تقول الصحيفة إن هروبه في وقت أول ثم اعتقاله في تركيا وترحيله إلى الجزائر أسقط الكثير من الرؤوس داخل المؤسسة العسكرية.

وذهبت الصحيفة إلى القول إن الذين كانوا وراء صعوده السريع في المناصب والمسؤوليات هم الذين ساهموا في هروبه مباشرة بعد وفاة الفريق قايد صالح، مُلمحة إلى أن بونويرة ومن معه كانوا وراء متابعة الضباط السامين أو إبعادهم بأمر من الفريق أحمد قايد صالح. وأشارت الصحيفة إلى الضباط الكبار، الذين أطيح بهم، مؤخرا، بقرار رئاسي، وآخرهم مهام مدير الصناعات العسكرية اللواء رشيد شواكي، وتعويضه باللواء سليم قريد الذي يشغل منصب مدير الأكاديمية العسكرية بشرشال (غرب العاصمة).

كما تم إنهاء مهام اللواء عبد القادر لشخم مدير الإشارة والمعلومات والحرب الإلكترونية، وتعيين اللواء فريد بجغيط خلفا له. وجرى كذلك، إنهاء مهام اللواء علي عكروم مدير التنظيم والإمداد، وتعويضه باللواء حواس زياري، وأيضا إنهاء مهام مدير العتاد بالوزارة اللواء محمد تبودلت، وتعيين العميد إسماعيل صديقي خلفًا له. ومنذ وصول تبون لرئاسة الجمهورية، في ديسمبر 2019، أجرى عدة تغييرات على مستوى القيادة العسكرية، شملت قيادة القوات البرية والجوية، ومدير القضاء العسكري وقائد الدرك الوطني، وإدارة قسم الأمن الداخلي بالمخابرات، الذي تم اعتقال قائده السابق الجنرال واسيني بوعزة، والزج به في سجن البليدة العسكري.

وأفردت “الوطن” حيزاً معتبرًا في التقرير لقائد الدرك الأسبق العميد الغالي بلقصير، الذي قالت إنه فر مع زوجته القاضية السابقة فتيحة بوخرص، وأبنائه إلى باريس، وأشارت إلى أملاك عائلته هناك. وكان القضاء العسكري وجه تهمة “الخيانة العظمى” لقائد الدرك الأسبق وأصدر مذكرة اعتقال في حقه.

وفي أبريل الماضي، أكدت مجلة الجيش (لسان حال الجيش الوطني الشعبي) “وجود انسجام وتناسق كبير بين مؤسسة الرئاسة والجيش الوطني الذي أبدى ثقته بالرئاسة في جميع المحطات العصيبة التي مرت بها البلاد”. جدير بالذكر أن اللواء المتقاعد حسين بن حديد الذي سجن مرتين، والذي كان واضحًا أن مشكلته كانت مع الفريق الراحل قايد صالح، أعيد له الاعتبار من طرف قائد أركان الجيش الحالي الفريق سعيد شنقريحة، الذي كان أرسله للعلاج في فرنسا، واستقبله بحفاوة بالغة خلال حفل ذكرى الاستقلال في 5 جويلية الماضي.

الجنرال خالد نزار يدعو أفراد الجيش للتمرد

وكان الجنرال نزار هاجم بعنف قايد صالح في تغريدة بتاريخ 30 جويلية 2019 اتهمه فيها بمنع “تحقيق الحراك الشعبي السلمي المطالب به. ودعاه للرحيل”. وفي 9 أوت 2019، نشر مقطع فيديو على موقع يوتيوب ( قبل أن يسحبه ) اتهم فيه بأنه دعا عناصر الجيش الوطني الشعبي للتمرد ضد قيادتهم، وبرر الجنرال المتقاعد اليوم هذا الفيديو بأنه خاطب “الكوادر الشابة في الجيش ليس لكي يتمردوا، لكن حتى يدركوا مسؤوليتهم”.

ودعا الجنرال نزار،أفراد الجيش للتمرد على القيادة، فيما بدا أنها آخر ورقة قرر الرجل القوي في النظام خلال تسعينيات القرن الماضي لعبها، بعد أن تقطعت به السبل، أياما قليلة بعد صدور مذكرة توقيف ضده من طرف محكمة عسكرية في الجزائر بتهمة المساس بالأمن القومي.

وظهر خالد نزار الذي كان “يحيي ويميت” خلال تسعينيات القرن الماضي، في فيديو منشور على موقع يوتيوب متلعثما مترددا وهو يقرأ من ورقة مكتوبة بلغة عربية فصحى، فيما كان يجد صعوبة في قراءة الكلمات التي كتبت أمامه، ومرتكبا أخطاء فظيعة في اللغة العربية، الأمر الذي جعل من الصعب فهم جزء كبير من كلامه، ليثني على نفسه وعلى الدور الذي لعبه في المؤسسة العسكرية خلال تسعينيات القرن الماضي، صابا جام غضبه على القيادة العسكرية الحالية، وداعيا أفراد الجيش إلى التمرد، في خطوة خطيرة بدت غريبة من شخص يظهر وكأنه قرر إحراق البلد، لمجرد أن مصالحه ومصالح أولاده أضحت مهددة.

هذا هو الجنرال خالد نزار وتدرج خالد نزار الذي كان ينظر إليه كأقوى رجل في النظام خلال النصف الأول من التسعينيات، في عدة مسؤوليات بالجيش الجزائري بعد الاستقلال، حتى أصبح في سنة 1982 قائدا للمنطقة العسكرية الخامسة بقسنطينة، ثم عين قائدا للقوات البرية، وبعد أحداث أكتوبر 1988 عينه الرئيس الشاذلي بن جديد وزيرا للدفاع في جويلية 1990، واستقر بالمنصب لمدة جاوزت 3 سنوات.

يذكر أن الجنرال نزار هو من أعطى قرار إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية عقب فوز الإسلاميين فيها وإقرارها حالة الطوارئ، وشهدت تلك الفترة التي عرفت بالعشرية السوداء في الجزائر تجاوزات خطيرة من الجماعات الإسلامية المتشددة، وحول موقفه من الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فيفري 2019، قال نزار في بيان مطول إن سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل استشاره حول إقالة قائد الأركان الفريق قايد صالح وإعلان حالة الطوارئ لمواجهة الحراك الشعبي.

وأطلق القضاء في الأشهر الأخيرة تحقيقات عدة في قضايا فساد تستهدف شخصيات مرتبطة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي بقي على رأس البلاد عشرين عاماً. ووُضع في الحبس الاحتياطي عدد كبير من رجال الأعمال الأثرياء إلى جانب سعيد بوتفليقة وعدد من الوزراء في النظام السابق.

عمّـــار الجزائري

رسالة الجنرال خالد نزال على موقع “ألجيري باتريوتيك”

:https://www.algeriepatriotique.com/2020/08/28/declaration-du-general-a-la-retraite-et-ex-ministre-de-la-defense-khaled-nezzar

شارك المقال على :