قراءة تقييمية في المشاركة المغربية في القمة العربية…الدبلوماسية البهلوانية

قراءة تقييمية في المشاركة المغربية في القمة العربية…الدبلوماسية البهلوانية

س. محمد أمين
باحث في العلوم السياسية

إن المتابع لأشغال قمة جامعة الدول العربية المنعقدة بالجزائر، خلال يومي 01 و02 نوفمبر 2022 بقصر المؤتمرات الدولية عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة، يدرك بكل موضوعية أن هذه الدورة قد كانت من بين أحسن القمم العربية المنعقدة في تاريخ العمل العربي المشترك، سواءا من حيث التمثيل السياسي والدبلوماسي الرفيع المستوى، بمشاركة 17 رئيس دولة وولي عهد وأمير، وكذلك من ناحية الحضور الدولي والإقليمي للعديد من رؤساء المنظمات الدولية والقارية.

من جهة أخرى، شهدت القمة العربية بالجزائر نقاشا سياسيا واقتصاديا جادا، بين الزعماء العرب الذين تبنوا أغلبية القرارات والمقاربات التي انتهجتها القيادة الجزائرية في تحضيرها لهذه القمة المهمة، وكان ذلك معبرا من خلال مخرجات البيان الختامي لهذه القمة تحت عنوان “إعلان الجزائر 2” والذي كرس “إعلان الجزائر 1” المتعلق بالمصالحة الوطنية الفلسطينية وشمل كذلك كل القضايا العربية ذات الاهتمام المشترك.

كما شهدت ذات القمة نشاطا دبلوماسيا قويا بين الوفود العربية المشاركة من خلال عقد لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف، الأمر الذي رفع من مستوى النقاش والحوار خلال أشغال الجلسات الرسمية.

ولكن في مقابل هذا الزخم البدلوماسي والسياسي الكبير الذي ميز قمة الجزائر، كقمة ربطتها القيادة الجزائرية بتاريخ أول نوفمبر تاريخ اندلاع الثورة التحريرية المجيدة.

كان واضحا للعيان، خلال القمة، سواء المشارك داخل أشغال القمة من أعضاء الوفود الرسمية أو ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية، السلوكات الصبيانية الشاذة التي أبدتها الدبلوماسية المغربية عبر ممثلها وزير الخارجية ناصر بوريطة، الذي حاول في كثير من الأحيان بأسلوبه الغبي والطفولي تعكير السير الحسن لأشغال هذه القمة منذ نزوله بمطار الجزائر الدولي، وإدعائه بخرق البروتوكولات الرسمية والتي فندت بشكل قاطع من قبل أمانة جامعة الدول العربية والخارجية الجزائرية التي اعتمدت بروتوكولات الجامعة في هذا الشأن.

من جهة أخرى اعتمد ناصر بوريطة ما يسمى بالدبلوماسية البهلوانية كصناعة مغربية خالصة ميزتها عن باقي الدبلوماسيات العربية الجادة المشاركة، حيث بعد الاعتراض على خريطة الوطن العربي التي لم تكن أصلا في قاعة الاجتماع وكان موضوع مع قناة تلفزيونية من بين عشرات القنوات التي قامت بتغطية هذا الحدث، السلوكيات المغربية الشاذة لم تتوقف عند هذا الحد بل حاول في كثير من الأحيان المساس بالبرنامج البروتوكولي الذي تسير على أساسه أمانة جامعة الدول العربية مثل هذه اللقاءات المهمة، ليتنهي به الأمر بالدعوة إلى الترخيص له بعقد ندوة صحفية على مقاسه الخاص في سلوك بهلواني، ضاربا الأصول البروتوكولية عرض الحائط، حيث أن المعمول به أن يعقد أمين عام الجامعة ووزير خارجية الدولة المستضيفة ندوة صحفية بعد انتهاء الأشغال وليس كل الوفود على حدى.

انتهى السيرك المغربي الذي قام به الوزير المغربي بزعمه توجيه دعوة من ملكه للرئيس الجزائري لزيارة بلاده من أجل الحوار، وهي بدورها دعوة بهلوانية تافهة لم تعطِ لها القيادة الجزائرية وحتى باقي الوفود ووسائل الإعلام الدولية أية قيمة، خاصة بعد الفرصة التاريخية التي قدمتها على طبق من ذهب للملك المغربي الذي يدعي سياسة اليد الممدودة للجزائر، لتأتي القمة العربية بالجزائر لتفضح هذه السياسية المغربية المزعومة التي تدعي في كل مرة مثل هذه الأكاذيب.

في الأخير يمكن القول أن الجزائر قيادة وشعبا نجحوا في عقد قمة عربية مهمة في ظل هذا السياق الدولي والإقليمي الخاص جدا.
وعليه، فإن الجزائر قامت بواجبها الحضاري والتاريخي والأخلاقي بدون نقصان وسيكتب التاريخ أن الجزائر سعت للم الشمل العربي في مقابل سعي أطراف عكس ذلك، والحديث قياس