لا مبالاته بمصير المتضرّرين ورفضه للمساعدات أثّرا كثيراً على شعبيته.. محمد السادس يواجه انتقادات حادّة بسبب إدارته الفاشلة للأزمة

لا مبالاته بمصير المتضرّرين ورفضه للمساعدات أثّرا كثيراً على شعبيته.. محمد السادس يواجه انتقادات حادّة بسبب إدارته الفاشلة للأزمة

وجد العاهل المغربي الملك محمد السادس نفسه وسط عاصفة متنامية فقد مكث في باريس لأكثر من 24 ساعة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق في المغرب، وأدى إلى مقتل ما يقرب من 3000 شخص.

ويشير منتقدوه إلى أن إقامته الطويلة في باريس تسلط الضوء على الانفصال المتزايد بين الملك وشعبه، الذي يعاني أصلا قبل حدوث الزلزال من مشاكل اقتصادية بالدرجة الأولى.

ولطالما كان غياب محمد السادس المتكرر عن المغرب نقطة خلاف بين شعبه، حيث يتهمه كثيرون بقضاء وقت أطول في الخارج، وخاصة في باريس، مما يمضيه في بلده، وبهذا الشأن يقول البعض أنه ينغمس في الكماليات ويسرف في المحرمات، مثل السُّكر وتعاطي الخمور، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع معاناة شعبه.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالا أثار تساؤلات حول أنشطة الملك خلال هذه الأزمة. وذكرت أنه تم التقاطه بالكاميرا وهو يترأس اجتماعًا لمجلس الوزراء، لكن بدون صوت، وقد أدى هذا الافتقار إلى الشفافية إلى تكهنات حول توقيت اللقاء وزيارته لأحد المستشفيات للتبرع بالدم، في الوقت الذي يؤكد فيه المنتقدون بأن هذه التصرفات هي مجرد محاولات لإظهار القلق على السكان الذين لا يعرفون سوى القليل عنه.

وفي حين أكدت مصادر مغربية رسمية أن الملك يتابع الأزمة عن كثب منذ بدايتها، فإن التقارير الأخيرة لفتت إلى أن الوصول إلى الملك أصبح أكثر صعوبة، وهو الأمر الذي جعل مراقبين يشيرون بخصوصه إلى علاقة الملك الوثيقة بالمصارع المغربي أبو زعيتر، الذي التقى به في وقت قريب من طلاقه عام 2018، إلى جانب شقيقيه الآخرين.

كما تضيف المشاكل الصحية التي يعاني منها الملك محمد السادس، بما في ذلك عدم انتظام ضربات القلب والالتهاب الرئوي الفيروسي الحاد، طبقة أخرى من الغموض إلى حياته داخل القصر الملكي، وهو ما أسهم في خلق تنافس محتدم بين أفراد العائلة المالكة حول خلافة العرش.

وفي سياق الزلزال الذي تعرّضت له مناطق من المملكة، انتقدت الأصوات والنخب المغربية الاستجابة البطيئة للحكومة لحاجيات المنكوبين والمتضررين، حيث يعتقد الكثيرون أنها مترددة في اتخاذ إجراءات مهمة دون الحصول على إذن صريح من الملك، كما أثار ارتباط الملك بعائلة زعيتر، التي ترافقه أحيانا في رحلات ومشاريع تجارية، مخاوف داخل الديوان الملكي.

إن انفصال الملك الواضح عن شعبه هو موضوع متكرر فهو نادراً ما يتناول أسئلة حول بلاده ومواطنيها، ويفضل الخطابات المعدة سلفاً والتي لا تقدّم الكثير من أجل سد الفجوة الكبيرة بينه وبين الشعب المغربي.

وبالعودة إلى الزلزال، كشفت آثاره عن بيروقراطية المخزن التي منعت المواطنين في المناطق المتضررة من الحصول على جثث موتاهم بهدف دفنها، حيث وبدلا عن ذلك استخدمت طائرات الهليكوبتر لإسقاط الجثث ملفوفة بإمدادات غير كافية، مما أدى إلى مشاهد مفجعة.

وقد استجاب المجتمع الدولي بسرعة للأزمة، وقدم التعاطف والمساعدة، لكن ومع ذلك، رفضت السلطات المغربية العديد من عروض المساعدة، معللة الأمر بمخاوف بشأن فوضى قد تنتج عن ذلك، وبهذا الخصوص يؤكّد متابعون أن هذا الموقف مدفوع بالرغبة في الحفاظ على واجهة تخفي الحقائق الأليمة التي يواجهها العديد من المغاربة.

وقد أدى إحجام المخزن عن قبول المساعدات الدولية إلى لفت الانتباه إلى محنة السكان في القرى النائية الذين يفتقرون إلى الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات، حيث يعكس التأخير في نشر الأرقام الدقيقة للضحايا عدم وجود بيانات سكانية شاملة في المناطق المتضررة.

علاوة على ذلك، فإن مصير السياح الأجانب الذين لقوا حتفهم في الزلزال لا يزال محاطًا بالغموض. وقد أدى رفض المخزن للمساعدات الخارجية إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها في الوصول إلى المناطق المتضررة وإدارة الأزمة بشكل فعال.

ومن جانب آخر، أثار موقف الحكومة المغربية على الساحة الدولية المخاوف، كما عكس خضوعها الملحوظ للمؤثرات الخارجية، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني، مخاوف من تداعياتها على المستويين المحلي والدولي، إلى جانب أنّ غياب الملك الطويل واستجابة الحكومة للزلزال ألقيا بظلالهما على صورة المغرب على الساحة العالمية.

وبينما يواجه المغرب آثار الزلزال المدمر، تظل الأضواء مسلطة بقوة على الملك محمد السادس وتعامل الحكومة مع الأزمة، كشفت الأحداث المحيطة بهذه الكارثة عن وجود شرخ بين النظام الملكي والشعب المغربي، مما أثار تساؤلات حول مدى مباشرة الملك للحكم بنفسه وكذا وجهة مستقبل البلاد.