محاولات خبيثة لاستغلال معبر الكركرات المحتل عبر اتفاقيات ثنائية.. المخزن ينتهج سياسة القفز فوق الشرعية الدولية لفرض أسطورة “السيادة” عبر احتلاله للصحراء الغربية

لا يزال نظام المخزن يصرّ على غيّه ويمعن بغطرسة واستعلاء منتهكا حقّ الشعب الصحراوي في إدارة شؤونه بعيدا عن تسلّط الاحتلال المغربي، الذي يدير ظهره للشرعية الدولية الواضحة في قراراتها الداعمة لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم وإنشاء دولتهم على أرضهم، وأيضا في مطالبتها نظام المخزن بعدم الاعتداء على ثرواتهم الطبيعية التي يزخر هذا الإقليم.

ولا تتعلق ثروات الشعب الصحراوي فقط بالمعادن الثمينة وما هو مجهول لحد الساعة من ثروات ضخمة تخبئها أراضي الإقليم الزاخرة ولم تكتشف بعد، بل إن المغرب يسعى لاستخدام الأراضي الصحراوية كجسر استراتيجي لمدّ روابط مع دول ليست جارة له ولا تصلها بالمغرب أيّ امتدادات جغرافية أو اجتماعية، على غرار موريتانيا، ومن ثمّ يصل إلى إقليم شاسع يضمّ تعدادا ديمغرافيا كبيرا في القارة، إنها منطقة غرب إفريقيا، التي يخطط المغرب للتوسع ومدّ نفوذه فيها.

وهذا ما تجرّأ على إعلانه، بكلّ وقاحة وزير الخارجية ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، حيث صرّح بأنّ المغرب يسعى لإبرام اتفاقيات دولية بهدف جعل معبر الكركرات الحدودي “ممرا استراتيجيا” للنقل البري.

وقال بوريطة: “نريد أن يصبح معبر الكركرات محورا طرقيا مهما”، مضيفاَ أن “اتفاقيات النقل البري لها أهمية كبرى، ونسعى إلى توقيع المزيد منها لتعزيز دور المعبر كممر استراتيجي”.

وزعم بأن المغرب “حتى الآن وقع (في إطار هذا الهدف) نحو 10 اتفاقيات ثنائية مع دول صديقة”.

هذه الرؤية التوسعية الخبيثة فتحت أعين المخزن على علاقات مع منطقة غرب ووسط إفريقيا بغية كسب المزيد من الاعتراف المزيف بسيادة مزعومة على أرض وشعب يشكلان دولة منفصلة عن المغرب الذي يحتلها، وذلك عبر الترويج لمشاريع وهمية غير قابلة للتحقيق على غرار المشروع غير الواقعي والمستحيل لمد أنابيب الغاز من نيجيريا إلى المغرب مرورا عبر 12 دولة إفريقية، والذي يرافقه مشروع أكثر فشلا منه والذي يتمثل في محاولة بائسة لخلق فضاء للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، والذي لا يقلّ مجانبة للمنطق من مساعي المغرب للانضمام إلى دول الساحل!!

وبعد عودة ترامب صاحب الاعتراف التاريخي بملكية من لا يستحق على ما لا يملك، راودت الآمال مجدّدا المخزن طمعا في مزيد من الاعتراف، وهذا ما دفع بملك المغرب لأن يجري، مطلع الشهر الحالي، زيارة إلى دويلة الإمارات عرّابة التطبيع واتفاقيات أبراهام التي كانت بمثابة السند المفروض لبيع القضية الفلسطينية للصهاينة وحليفهم ترامب، في مقابل دعمهم للمخزن في الاستيلاء على الأراضي الصحراوية.

غير أنّ ما غاب عن ذهن المخزن أنّ الولايات المتحدة ليست هي الأمم المتحدة، فاعترافات الدول منفردة بأسطورة “مغربية الصحراء”، ومهما كثرت، لن تغني شيئا عن قرارات الشرعية الدولية التي تمّ الفصل فيها إلى الأبد ولن تتبدّل أو تتحوّل، ولن يمكن بأيّ حال استبدال قرار تنفيذ حق مصير الشعب الصحراوي في الاستفتاء على سيادته النابع من مبدأ الحدود المتوارثة عن الاستعمار، بوصف الصحراء الغربية آخر مستعمرة في القارة الإفريقية تسعى للحصول على استقلالها السياسي، بأطروحة المخزن حول الحكم الذاتي التي لا يوجد لها أيّ سند من القانون الدولي أو مواثيق الأمم المتحدة.

إنّ سياسة القفز إلى الأمام هي ما دفع بالمغرب مؤخرا لأن يحاول التقرب من موريتانيا بغرض الترويج لاتفاقات التطبيع في ظل إدارة ترامب، وعبر التنسيق مع دويلة الإمارات سيحاول المخزن الضغط على نواقشوط من أجل فتح ممر إلى غرب إفريقيا، فهل تجدي نفعا سياسة فرض الأمر الواقع في مواجهة قوانين ومواثيق الشرعية الدولية، إنه المستحيل بعينه.