ثمن، الخبير الاقتصادي، مراد كواشي، سياسة تحديد الأهداف التي انتهجها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مؤكدا أن تحقيق رقم 400 مليار دولار من الناتج الوطني الخام في غضون سنة 2026 أمر ممكن .
وألح كواشي في تصريح لموقع “دزاير توب”، على وجوب تفعيل الرقمنة في مختلف القطاعات، مشيرا إلى ضرورة خلق آليات لتحويل الاقتصاد الموازي إلى اقتصاد رسمي، تستفيد منه الدولة الجزائرية.
نص الحوار كاملا:
هل يمكن اعتبار مؤشرات الاقتصاد الجزائري اليوم إيجابية؟
نعم، فنظرة صندوق النقد الدولي الأخيرة جاءت بناء على مؤشرات إيجابية سواء على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى ما يعرف بـ”الماكرو إيكونوميك”، حيث أن الناتج الوطني الخام بلغ حوالي 230 مليار دولار، بمعدل نمو تجاوز 4.2%، وهو معدل إيجابي جداً نظرا للظروف الاقتصادية العالمية الآن، خاصة أن الكثير من الاقتصادات المتطورة حققت معدلات نمو صفرية 0.5%-0.6% خلال السنتين وثلاث سنوات الماضية، حتى مؤشرات المديونية في الاقتصاد الجزائري صفرية ، إضافة إلى أن مداخيل الدولة من العملة الصعبة تعبر عن رصيد محترم جداً، وسوف نستمر في تحقيق هذه المؤشرات الإيجابية على الأقل خلال السنتين القادمتين.
كيف يمكن لسياسة تحديد الأهداف على المستوى المتوسط أن تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي؟
شيء إيجابي أن يتم تحديد أهداف نسعى لتحقيقها، رئيس الجمهورية تحدث عن تحقيق إنتاج وطني خام 400 مليار دولار في غضون سنة 2026 تتحدث أيضاً عن تخفيض معدل تضخم من 8 إلى 4 بالمائة، فتحديد الأهداف يعني أن السياسة الاقتصادية في الجزائر ليست سياسة العشوائية بل هي مبنية على أهداف ورؤى والأهم من كل هذا أن هذه الأهداف رقمية وعددية ليست كيفية بمعنى يمكن تقييمها، رئيس الجمهورية قدم أهدافا بشكل أرقام دقيقة وواضحة يمكن تقييمها فيما بعد.
ونتمنى أن تعمم طريقة الإدارة بالأهداف على جميع المستويات من الوزارات إلى الحكومة وإلى الولاة، كل طرف يقدم أهداف مستقبلية في إطار زمني محدد يمكننا أن نقوم بتقييمها فيما بعد.
هل يمكن تحقيق ناتج وطني خام بقيمة 400 مليار دولار في غضون 2026 ؟
تحقيق ناتج وطني خام يقدر ب 400 مليار دولار في غضون سنة 2026 هو أمر ممكن التحقيق، لكن أعتقد أنه هناك العديد من المسرعات التي يجب الاعتماد عليها لتحقيق ذلك.
أول مسرع هو قطاع الطاقة، المصدر الرئيس للاقتصاد الجزائري، يجب الاعتماد أكثر على هذا القطاع خاصة في ظل الظروف الدولية الراهنة، حيث يتزايد الطلب على الغاز والنفط الجزائريين، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة سوناطراك الجزائرية عن خطة استثمارية بقيمة 50 مليار دولار، إذن يجب استغلال هذه الظروف الدولية لزيادة التصدير خاصة في مادة الغاز هذا أول شيء.
ثاني مسرع هو قطاع المناجم والتعدين، حيث تمتلك الجزائر ثروات باطنية ومنجمية هائلة جدا بدأنا في استغلالها من خلال بعض المشاريع على غرار مشروع الفوسفات المدمج شرق البلاد، هناك مشروع الحديد غارا جبيلات غرب البلاد ومشروع الزنك والنحاس واد ميزور إلى غير ذلك، لكن يجب التوسع أكثر في استغلال الطاقة المعدنية والمنجمية لأنها تدر عملة صعبة كبيرة على الاقتصاد الوطني.
المسرع الثالث الذي يمكن أن نركز عليه هو ما تم تسجيله من طرف الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والتي سجلت حوالي 6103 مشروع استثماري بقيمة خمسة وعشرين مليار دولار ، وهي قيمة هائلة جدا فيها 40 مشروع استثمار أجنبي مباشر و73 مشروع بالشراكة مع الأجانب، هذه المشاريع التي أعلن رئيس الجمهورية أنه سيتم الانطلاق في تنفيذها وسوف يتم الانتهاء منها في أفاق سنة 2026، من شأنها أن توفر 146 ألف منصب عمل مباشر وغير مباشر لذلك أعتقد أن تجسيد 90% من هذه المشاريع فقط سوف يدفع بالاقتصاد الوطني وسيحسن معدلات النمو والناتج الوطني الخام وسينعكس بالإيجاب على عديد من القطاعات الأخرى خاصة الصناعة
والفلاحة.
ومسرع أخير يجب التنويه به، وهو يجب على الدولة الجزائرية أن تمضي قدماً في تحويل السوق الموازية والاقتصاد الموازي أو على الأقل نصفه إلى اقتصاد رسمي بمعنى أن الاموال في السوق الموازية تبلغ حوالي 90 مليار دولار إذا استطعنا تحويل على الأقل 45 أو 50 مليار دولار من السوق الموازية إلى السوق الرسمية فهذا سيعطي للناتج الخام إضافة أكبر.
كيف يمكن ترقية القطاع الصناعي في الجزائر ؟
بالنسبة للقطاع الصناعي، فإنه يساهم بنسبة ضئيلة في الناتج الوطني الخام بحوالي 5% فقط، لكن بالنظر إلى العدد الكبير من المشاريع المسجلة في الجزائر على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وبالنظر إلى أن نصف هذه المشاريع تقريبا هي تنتمي لقطاع الصناعة، فأعتقد أنه بعد تجسيد هذه المشاريع سوف يعرف قطاع الصناعة ربما وثبة قوية وترتفع نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج الوطني الخام من 5% إلى 10%.
هل يساهم القطاع الفلاحي في تحقيق النمو الاقتصادي هو الآخر؟
بالنسبة للقطاع الفلاحي، أعتقد أنه لدينا أيضا موارد فلاحية كبيرة مازالت غير مستغلة، رغم أن قيمة إنتاج القطاع الفلاحي السنة الماضية بلغت 35 مليار دولار وهو يساهم بـ 18% في الناتج الوطني الخام، بمعنى أنه يعتبر ثاني قطاع بعد الطاقة مساهمة في الناتج الوطني الخام، لكن رغم الإيجابيات ورغم الأرقام الإيجابية التي حققها، إلا أننا ما زلنا نستطيع تحقيق الأفضل بالنظر إلى الإمكانية الكبيرة التي تحوزها الجزائر، خاصة إذا تمت رقمنة قطاع الفلاحة.
إضافة إلى التوجه نحو الفلاحة في الجنوب، وأيضا الاعتماد على المزارع النموذجية التي تتربع على 164 ألف هكتار، وتوجيه هذه المزارع لزراعات معينة خاصة زيوت نباتية، أشجار وتكثيف إنتاج الحبوب، بالإضافة إلى ذلك هناك مشروع استراتيجي أعلنه رئيس الجمهورية لإنتاج بودرة الحليب محليا من خلال توفير 100 ألف رأس من الأبقار الحلوب، إذن هذا ما من شأنه أن يعطي دفعا آخر للقطاع الفلاحي.
مصطفى بن أمزال