مسلسل “ولاد الحلال” انطلاقة واعدة للدراما الجزائرية التي نريد..
بقلم فيروز بشير شريف
من عاصمة الغرب الجزائري “وهران الباهية”، مدينة لطالما عافرت التغييب وغلبته،وسجلت حضورها في القلوب متجاوزة ضوضاء و نفور بعضهم من بعضهم ، بانفتاحها على الآخر واحتوائها له على الرّغم من الاختلاف.
وبعيدا عن عوالم الأرستقراطيين ،ومظاهر البذخ والترف المبالغ فيها،وانطلاقا من الأحياء الشعبية البسيطة المهمّشة والمنسية،أتى مسلسل “ولاد الحلال” ليعبر عن الواقع المعيش لأغلب الجزائريين، دونما حاجة لتحريف أو تزيبف،محطما احتكار بعضهم للشاشات،وزعمهم بأنّهم أرباب الفن والدّراما في هذه البلاد،وتزامنا مع الحراك الشعبي أطاح مسلسل “ولاد الحلال” بعرش الرّداءة التي عانى منها المشاهد الجزائري،تماما كما فعل الشعب الجزائري مع العهدة الخامسة لفخامته!
مسلسل”ولاد الحلال” تربع على عرش الدّراما خلال شهر رمضان الجاري،وسجل نسبة مشاهدة كبيرة جدّا،محطّما الصورة النّمطية للدراما الجزائرية التي كانت لا تمثل إلا نفسها ولكن على الرغم من ذلك تُسمى دراما جزائرية!!
المسلسل الدّرامي”ولاد الحلال” أتى ليخبر العالم عن الجزائريين الذين ظلّت لسنوات أصواتهم مبحوحة،ووجودهم مستعرٌ منه باسم الفن والحداثة،ولو أنّ الفن والحداثة إن لم ينفتحا على الواقع ولو قليلا يحكمان على نفسيهما بالفناء المبكر،فالتجريد الخالص يعني مزواجة العمل بتاريخ انتهاء صلاحية.
المخرج التونسي”نصر الدّين سهيلي” وجد الشفرة التي من خلالها استطاع برفقة الفريق العامل معه الوصول إلى المشاهد أو المتلقي الجزائري وحتى المغاربي،وهنا يظهر لنا ذكاء المخرج الذي أدرك مواطن الجمال في الكشف عن الواقع الذي يعيشه االكثير من الجزائريين لكن بلمسة فنان وإحساس مبدع،في حين نجد بعضهم يقدمون أعمالا جزائرية أنهكها التدليس واللاواقعية والزخرفة الشكلية التي تبحث عن أسر العيون بغية إخفاء عوار العمل ونقصه الفادح من جانب الفكرة والحبكة وتسلسل الأحداث…
مسلسل “ولاد الحلال” يعالج قضية اجتماعية قد تحدث في أي بيت جزائري،حيث يبحث بطل المسلسل “مرزاق” برفقة أخيه “زينو” عن أفراد من عائلتهما،وبين ذاكرة طفولة مشوهة،وأزقة أحياء شعبية منهكة من الفقر والحاجة يجد الشقيقان لنفسيهما مبرّرا في تحقيق العدالة بالطّريقة التي تمنحهما السّلام،فالأثرياء الذين جمعوا ثرواتهم بطريقة غير شرعية من وجهة نظر “مرزاق” و “زينو” يستحقون ما يلحق بهم من عمليات سطو وسرقة لممتلكاتهم ،وفي ذلك دلالات معيّنة قد تغيب عن بعضهم ،لكن مستحيل أن تخفى عن بعضهم،فالمجتمعات التي يموت فيها شباب بعمر الزهور في البحار على الأغلب فيها من يفهم التيه الذي يتخبط بعضهم فيه .
المسلسل من بطولة الممثل والسيناريست الشاب “عبد القادر جريو” ا،والممثل الواعد “يوسف السحيري”،وباقة من الوجوه التي كانت عند حسن ظن المشاهد الجزائري نذكر:”مليكة بلباي ،مصطفى لعريبي،محمد خساني،سهيلة معلم..”بالإضافة إلى جميع الأسماء الواعدة التي سجلت حضورها في المسلسل،ووضعت بصمتها …
مسلسل “ولاد الحلال” كان عند تطلعات المشاهد الجزائري وإن كان فيه بعض النقائص التي غطى عليها نجاحه وتميز ما قُدّم فيه،وكل من يبصر يرى القفزة النوعية للعمل وفردانيته الباذخة..شكرا لفريق عمل مسلسل “ولاد الحلال”،وشكرا للحب الكبير الذي تمنحه “وهران” للجميع..