نظام المخزن يستخدم القضية الصحراوية للهروب من مأزق التطبيع وللتهرّب من الاستجابة لانتفاضة الشارع المغربي

نظام المخزن يستخدم القضية الصحراوية للهروب من مأزق التطبيع وللتهرّب من الاستجابة لانتفاضة الشارع المغربي

لا يزال نظام المخزن بصرّ بغرابة شديدة على استخدام القضية الصحراوية كموضوع للإلهاء الداخلي، حيث أنه يهرب بها من مأزق التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي وضع نفسه فيه، ويتهرّب من خلالها من الاستجابة لضغط الشارع المغربي بخصوص الأوضاع الاجتماعية المتفجرة في أنحاء المملكة.

ورغم الأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب المغربي الشقيق، بمختلف فئاته الاجتماعية وأطيافه وحساسياته، تطالعنا الصحف بحجم فساد المسؤولين المخزنيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، الذي أثار بخصوصه الصحفي المغربي، حميد المهداوي، موضوع الأموال الطائلة والتي قدرت ب”300 مليون” درهم (حوالي 5ر28 مليون يورو) التي كان أخنوش، يعتزم إنفاقها في محطة للتزلج بفرنسا، إلا أن جائحة كورونا حالت دون ذلك وأوقفت تبديد المال العام من قبل المسؤولين في المملكة.

مؤخرا راح هذا النظام الوظيفي والعميل للكيان الصهيوني وللبلدان الاستعمارية يجرّب ملهاةً أخرى يضيّع بها وقت العالم العربي الثّمين، ففي تصريح للمبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية وبلدان المغرب العربيي عمار بلانيي لدى وأج أكد أن “مصادر رسمية مغربية تواصل باستمرار مشروعها التضليلي السافر ودعايتها الكاذبة بخصوص عقد القمة العربية المقبلة المزمع تنظيمها في شهر مارس المقبل بالجزائر، حيث جندت من خلال بوقها الرسمي (وكالة المغرب العربي للأنباء) أذنابها (منهم بعض المرتزقة الجزائريين المعروفين) بخصوص خريطة جديدة مزعومة تضم الإقليم المحتل من الصحراء الغربية والتي تكون أمانة الجامعة العربية قد أقرتها مؤخرا”.

ومن الواضح جدا أن هذه الأبواق الإعلامية المضللة تسعى جاهدة من أجل إفساد استضافة الجزائر للقمة العربية في مارس المقبل، والتأثير عليها وإجهاض مخرجاتها التي من المرتقب جدا أن تكون في صالح القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، خاصة وأن المغرب قد طعن فلسطين وقضايا الأقصى والحدود والدولة واللاجئين والعاصمة الأبدية للأراضي المحتلة، وراح الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يبرر لفعلته الشنعاء ويجد لها الحجج، ويدعي تمسكه بالقضية الفلسطينية، مع أنه من الواضح جدا تخليه عنها لصالح أجندة الصهاينة.

ومن سخرية التاريخ أن يقع المحتل المغربي في شرّ أعماله، فيجد أن شعبه يواصل الاحتجاجات التي تتوسع وتمتد يوما بعد آخر، رغم الحصار الأمني الرهيب للقوات المخزنية لإخماد غضب الشارع، الذي يمتد يوما بعد يوما، رفضا لسياسة المخزن ولاستقدام الكيان الصهيوني عبر اتفاقيات تطبيعية تهدد أمن المنطقة واستقرارها، فلم يهنأ بذلك بعلاقته غير الشرعية المفضوحة مع الكيان الصهيوني، ولم يتمكن من ضم الصحراء الغربية فعليا، حتى وهو يفرّط في فلسطين لقاء حصوله على اعتراف مزعوم من إدارة أمريكية انتهت ولايتها مع خروج ترامب من الباب الضيق وهو لم يستطع الظفر بولاية ثانية، لم يغير هذا الاعتراف من الواقع الميداني شيئا، حيث لا يزال الجيش الملكي المغربي يتكبد خسائر فادحة في الصحراء الغربية المحتلة على يد الجيش الصحراوي الذي استأنف الكفاح المسلح منذ 13 نوفمبر 2020.

وفي اتجاه طريق الهروب المخزني من الواقع المرّ والأليم، يسخّر هذا النّظام كل أجهزته الأمنية، لقمع هذه الاحتجاجات، التي تتنامى بشكل كبير، وهدد بالمزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة، وتتوسع بهذا انتفاضة الغضب الشعبي لتشمل المزيد من المدن والقطاعات الاخرى، كما تزداد هذه الاحتجاجات الشعبية، رغم حالة الطوارئ الصحية، التي يتفنن نظام المخزن في استغلالها، للتضييق على الحريات وانتهاك حقوق الانسان، حيث أبدعت الجماهير الشعبية المغربية في الأساليب النضالية، وتحدي القوات القمعية.

ولا يسلم الشعب الصّحراوي من الأذى والقمع المسلّط عليه من قبل أجهزة الأمن المغربية التي تستأسد على امرأة مثل الحقوقية سلطانة خيا، حاسرة لا تملك سوى لسانها للدفاع عن الحق الصحراوي في إقامة دولته المشروعة على أراضيه المغتصبة من قبل آخر استعمار في إفريقيا، بل ربما في العالم أجمع.

أحمد عاشور