نوال بن عيسى، خليفة الزفزافي على زعامة حراك الرّيف: المغرب سيتغير عندما يدرك الشعب أن محمد السادس هو سارق كرامته

وُلدت وسط الغضب من وحشية الشرطة التي أودت بحياة محسن فكري، بائع السمك الذي سحقته شاحنة قمامة حتى الموت بعد أن أوعز ضابط بتحريكها، عندما كان يحاول استعادة الأسماك التي صادرتها السلطات، وقد سلطت المأساة الضوء على حراك الريف الذي طالب بوضع حد لسوء معاملة الحكومة لمنطقة الريف الشمالية، حيث أدى القمع الوحشي واعتقال مؤسسيها إلى تولي نوال بنعيسى، ربّة منزل، قيادة المنظمة، التي تحافظ بعد سبع سنوات من الضربة الأولى على بعض الأمل مع التغيير الذي طرأ في مملكة محمد السادس.

وصرّحت بن عيسى في حوار مع صحيفة “الإنديبندينتي” الإسبانية بقولها: “لا يزال لدي أمل رغم أن كل ما يأتي من المغرب ليس إيجابيا”. وبعد أن أصبحت هدفًا لجهاز الشرطة المغربية، تعيش بن عيسى اليوم بعيدًا عن بلدها الأصلي، حيث تقيم في هولندا التي منحتها مؤخرا حق اللجوء السياسي. وبذلك انضمت إلى الشتات الريفي الكبير على الأراضي الأوروبية.

أصبحت بن عيسى زعيمة لحراك الرّيف بعد اعتقال زعيمه ناصر الزفزافي في مايو 2017 والحكم عليه بالسجن 20 عاما. أُلقي القبض على مئات الناشطين، وعانت بن عيسى نفسها من الاعتقال أربع مرّات بين يونيو وسبتمبر 2017. وبعد مرور عام، حُكم عليها بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة “المشاركة في مظاهرة غير مرخصة” و”إهانة رجال إنفاذ القانون” و”التحريض على ارتكاب الجرائم”.

وكان تحركها الوحيد هو دعوة سكان الحسيمة للانضمام إلى الاحتجاجات المطالبة بوضع حد لتهميش المنطقة. “لقد تغيرت حياتي 90 درجة. الآن أشعر بأنني أكثر أمنا وأنني أستطيع التعبير عن آرائي بحرية”، تعترف بن عيسى بارتياح واضح من منفاها الهولندي بعد سنوات من الاضطهاد، وتقيّم هذه السنوات السبع من النضال الذي قمعته الرباط بقسوة مستنكرة بقولها: “الدولة المغربية، أو كما نسميها في لغتنا اليومية، المخزن، لم تستجب لمطالب حراك الريف، بل زادت الأمور تعقيدا”.

وشاركت بن عيسى منذ بداية الاحتجاجات في عشرات المظاهرات التي كانت ساحة محمد السادس المركزية بالحسيمة مركزها، لكنها لم تصنع لنفسها اسما إلى غاية توليها قيادة الحراك في مايو 2017. وحتى ذلك الحين لم تكن قد نشطت في أي حزب “لم أستطع قبول الطريقة التي يُعامل بها الناس في منطقتي. وقالت لاحقًا: “كأم لأربعة أطفال قلقة على مستقبلهم، فهمت جيدًا الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب والشابات إلى التظاهر للمطالبة بالعدالة الاجتماعية ومستوى معيشي لائق”. وحذرت قائلة: “وما زلت أقول ذلك الآن، وبقوة أكبر لأن لدي عائلة وأصدقاء هناك، ويقولون لي إن الأمور أصبحت أكثر خطورة وأن معاملة الدولة المغربية لمنطقة الريف تأخذ شكل الانتقام منهم”.

سبع سنوات من النضال

وبعد مرور سبع سنوات على النزاع في منطقة الريف، التي كانت جزءا من المحمية الإسبانية لمدة أربعة عقود، ترى بن عيسى أن المطالب منذ ذلك الحين لا تزال سارية تماما. “الأمر الأول هو حرية جميع المعتقلين في حراك الريف وجميع معتقلي الرأي من صحفيين وغيرهم، الذين اعتقلوا فقط لأنهم تضامنوا معنا”، تقول المعارضة وتؤكد أن الصعوبات الاقتصادية والظروف الاجتماعية التي غذت صحوة الريف لا تزال تحدّ من مستقبل المنطقة.

وتضيف بقولها: “للأسف الوضع سيء للغاية لأن كل الشباب هاجروا هربا من اضطهاد الدولة المغربية”، مؤكدة أسفها على الارتفاع الأخير في أعداد الوافدين المغاربة إلى السواحل الأندلسية، خاصة تلك الموجودة في ألميريا، والذين تنحدر غالبيتهم من منطقة الريف التي تمتد من ولاية الناظور إلى الحدود الجزائرية، ويعتبرهم مراقبون للشأن المغربي نتاج تخلي سياسي ينتهي بدفع شباب المنطقة نحو الهجرة، بموافقة السلطات التي تحصل بذلك على التخلص من المحاولات المحتملة للرد.

“إن الحفاظ على هذه السياسة تجاه الريف يعني ترك المنطقة بلا مستقبل. المستقبل هو مستقبل الأم الجريحة التي تفتقد أطفالها الذين شردتهم هذه السياسة”، تقول بن عيسى بيانيا، رابطة الهجرة الحالية بالذي وقع عليه الحسن الثاني. “محمد السادس هو شخص كرر أخطاء والده ولم يكن ذكيا. أنا ببساطة أراه خائن لشعبه”.
“مزيد من الظلم على الناس”

وأضافت زعيمة حراك الريف: “المغرب يتجه نحو المزيد من الفقر والمزيد من البطالة والكثير من الظلم تجاه الشعب المغربي. ثروة المغرب يجب أن تكون ملكا للشعب وليس فقط للملك وحاشيته”، وتنتقد بن عيسى، التي تقول إنها لا تخشى التهديدات التي لا تزال تصل من الجانب الآخر من المضيق. “التهديدات من عبيد الملك أمر أعيش معه وأصبح أمرًا طبيعيًا بالنسبة لي”.

وحسب رأيها، فإن انتقاد إدارة الملك بعد الزلزال الذي وقع مطلع سبتمبر الماضي، هو أحد أعراض النظام الذي تم تصويره مرة أخرى، فضلا عن عدم قدرة نخبته وعدم تلبية مطالبه. مضيفة بقولها: «أتفهم الانتقادات وهم يستحقون الانتقاد من كل جانب، لأن إدارتهم للكارثة كانت بطيئة. وتابعت: “لقد رأينا مواطنين مسلحين بأدوات يدوية بسيطة يحاولون إنقاذ الجرحى بينما كانت الدولة غائبة تماما بمعداتها حتى مرت الأيام وظهر الملك في أحد مستشفيات مراكش لزيارة الجرحى”.

لقد أظهر الزلزال تمازج البلاد وعدم المساواة التي تعاني منها الأطراف، من الحسيمة إلى الأطلس الكبير. “ما يعيشه سكان هذه المناطق مؤسف للغاية. لا توجد طرق ولا مستشفيات ولا تعليم. إنهم يعيشون في زمن مختلف عن البقية. أنا حزينة جدًا بسبب أوضاعهم. كم مرة تحدثنا عن مناطق الأطلس وطلبنا إنهاء عزلتها، لكن لا يوجد رد، وكأنهم ليسوا على قائمة الشعب المغربي. الملك والحكومة لا يريدان رؤيتهم”.

ولم تنس بن عيسى الرحلة التي قامت بها منذ بدء الاحتجاجات. “عندما بدأ ناصر الزفزافي ونشطاء آخرون في التجمع وإنشاء الحراك، شعرت بالحاجة إلى الانضمام إليه حتى يُسمع صوتي. مشيرة بقولها: “تركت المطبخ وخرجت إلى الشارع للمطالبة بحقوق الإنسان العالمية”. وفي تلك المعركة المليئة بالعقبات تستمر. “المغرب سيتغير عندما يستيقظ كل الشعب المغربي ويدرك أن اللص الحقيقي لحقوقه وكرامته هو ملكه”.