اعتبر المدرب الوطني السابق نور الدين ولد علي بأنّ فشل المنتخبات السنية لأقل من 17 سنة و20 سنة في دورة شمال إفريقيا المؤهلة لكأس أمم إفريقيا للفئتين المذكورتين، يعود إلى غياب مشروع رياضي حقيقي داعيا الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، إلى ضرورة تبني نظرة مستقبلية من خلال مشروع رياضي وطني بدل الاعتماد على انتقاء اللاعبين قبل كل منافسة.
وقال مدرب المنتخب اليمني، في تصريحاته لجريدة “دزاير سبور” أنّ مشاركة “الخضر” في دورة “لوناف” الأخيرة كانت فاشلة لعدّة أسباب وأبرز :”بالنسبة للنتائج التي حققها منتخبي أقل من 17 وأقل من 20 سنة هي نتائج مخيبة، لأنهم لم يحققوا التأهل وهو الهدف الرئيسي، تابعت ما قام به المدربون الذين عملوا في الوقت الضائع رغم أن المدة كانت سنة أو سنة ونصف، لأن المشروع الرياضي هو مشروع وطني، وليس عملية انتقاء اللاعبين في بعض الولايات أو بعض المناطق، في آخر لحظة”، وأضاف ولد علي :” هذا مشروع وطني، يبدأ من القاعدة ويكون هناك عدد كبير من اللاعبين، يجب أن نحدد آليات انتقاء اللاعبين بالنسبة للمراحل الشبانية، وتكون هناك بيانات وطنية خاصة باللاعبين الموهوبين، وكل منطقة تعمل وفقا للمشروع الوطني وحسب مشروع “الفاف”، المشكل الحالي هو أنه لا يوجد عمل في العمق”.
” هذا ما حـــدث لي مع الاتحاد السابق بخصوص المنتخب الأولمبي”
إقصاء الفئات الشبانية في البطولة التي أراها جهوية لأننا لعبنا في منقطة شمال إفريقيا هو أمر غير عادي، عشت فترة مع الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وواجهت عدّة صعوبات في مهمّتي،منحوني منتخب أقل من 23 سنة، ولم يكن هناك أي مشروع رياضي بالنسبة لـ “الفاف”، وكل ما قالوه لي أنّ هناك منافسة بعد شهرين أو 3 أشهر ويجب تحضير المنتخب لهذا الحدث، أما الصدمة الثانية فكانت عدم وجود قائمة للاعبين ولا قائمة للمنتخبات الشبانية لأقل من 23 سنة، لم يكن هناك أرشيف، وكان علي أن أبدا العمل من جديد وأبحث عن لاعبين جدد”.
وأردف “والصدمة الأخرى هي أنني لم أكن أعلم موعد المنافسة القارية، قالوا لي بأنها ستكون بعد شهرين أو ثلاثة، لم أكن أعرف كيف سأحضر المنتخب، لأن فئة أقل من 23 سنة،- كما تعلم- تشمل لاعبين يمثلون الجزائر إما في الفرق المحترفة أو أكاديميات وفي بطولة الرديف، لم أعرف بأي فريق سأشارك هل سأستثمر في اللاعبين المحليين أم أشّكل منتخبا خليطا بين المحليين والمحترفين، وهذا أمر عائق بالنسبة للمنتخبات الوطني لأنه لم تكن هناك نظرة عميقة، ولا يوجد في منتخبات أقل من 17, 20 و23 عمل العمق”، مشيرا أنّ اكتشاف اللاعبين يبدأ من 13 إلى 14 سنة، وخاصة المواهب التي تتواجد في الجزائر، ممكن استثنائيات كل منطقة وخصوصياتها ، في آخر دقيقة تكون منافسة على المدى القريب، الاتحادية تتصل بك وتطالبك بتجهيز منتخب وطني.
“في وقتي كانت المديرية الفنية ترفض إجـــــــــــــراء التربصات…”
وواصل ذات المتحدّث كلامه، داعيا المسؤولين عن كرة القدم في الجزائر، إلى الاقتداء بالدول الأوروبية التي استثمرت في اللاعبين الشبان منذ الصغر قائلا : “هناك عدّة أمور واجهتني مع المنتخبات الشبانية في “الفاف” لم أتحدث عنها سابقا وأول شيء هو غياب مشروع رياضي وطني، علينا الاقتداء بالدول المجاورة أو الأوروبية، ونرى كيف يستثمرون في الشبان وكيف يسيرون البطولات الشبانية، لكل بلد معاييره الخاصة، وهذه الأمور غائبة في الجزائر، وبالتالي حينما تصل إلى منتخب أقل من 17 أو 20 سنة فإنك لن تأخذ أحسن اللاعبين، لأن انتقاء المواهب في البداية والمشروع الرياضي غائبان ، ستأخذ اللاعبين الجاهزين فقط وهذه إشكالية كبيرة “، وتابع “حينما كنت في المديرية الفنية، كانوا يرفضون إجراء معسكرات تدريبية، قبل 3 أشهر على بداية المنافسة ويقولون لي أن الوقت غير مناسب، وحينما يتبقى 20 يوم يقولون لي بأن هناك منافسة وكل الإمكانيات تحت تصرفك. يجب أن يكون هناك بروفيال خاص بالمدراء الفنيين، وكذلك مدير فني وطني لا يعمل لوحده، هناك مدراء فنيين ولائيين هم من يقومون بالعمل الكبير في انتقاء اللاعبين”
“العائق الكبير في كرة الجزائرية محدودية الانخراط.. ويجب العودة لمراكز ما قبل التكوين”
وأوضح المدرب الجزائري، في تصريحاته لـ “دزاير سبور”، أنّ عدّد المنخرطين في رياضة كرة القدم، هو عائق آخر بالنسبة للكرة الجزائرية، قائلا : “العائق الكبير في الكرة الجزائرية هو أنّ عدد المنخرطين في كرة القدم محدود، وهذا مشكل كبير مقارنة بما هو عليه الحال في المستوى العالي، والأندية والبلدان الأوروبية، التي تتواجد في حالة حرب مع المنخرطين، كلما كان عدد المنخرطين أكبر يكون لديك فئة كييرة في المستقبل بالنسبة للفرق الوطنية وفرق النخبة، على سبيل المثال بالنسبة لكأس العالم 2014 و 2018، ألمانيا قامت بمشروع رياضي طويل الأمد من خلال فتح مراكز ما قبل التكوين، لأن مراكز التكوين كانت حاضرة، هم قرروا العمل على فئة أقل من 12 و أقل من 14 سنة، حتى يعطوا للاعبين الشبان أكثر وقت لتعلم المجال الفني، بتخصيص حوالي 300 إلى 400 ساعة سنويا لتعلم بديهيات كرة القدم الفنية، وخلال سنة 2014 فازوا بمونديال البرازيل، بعدها قامت فرنسا بنفس الخطوة بعدما اكتشفت بأن أكثر من 70 % مم اللاعبين الألمان الذين فازوا بكأس العالم هم خريجي مدارس ما قبل التكوين، لأن الحجم الساعي الذي منحوه لهؤلاء اللاعبين لتكوين فنياتهم، بعدها انتهج الفرنسيون نفس المنهج، وقاموا بنفس الأمر خلال 4 إلى 8 سنوات صار لديهم جيل قادر على الفوز بكأس العالم في 2018، هذه الأمور يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ونأخذ ما يساعدنا بحسب البيئة الموجودة عندما.
“في الجـــــــزائر يعتقد الجميع أنهم سيصبحون مدربين لفرق الأكابر..”
وأبرز مدرب المنتخب الأولمبي السابق، بأنّ هناك مشاكل أخرى، تعيق التكوين في الجزائر من بينها “تأطير المدربين الشباب، يبدأ من مربي، وبعده مكون ثم مدرب، ليس لدينا هذه الخصوصيات، ما نعمل عليه في الجزائر هو شهادات التدريب فقط وكأن الجميع سيصبح مدربا لفرق الأكابر، وهذا خطأ لكن فئة خصوصياتها، هناك الهواة وهناك التكوين وأيضا المحترف يجب علينا أن نعرف البيداغوجية التي تمنحها لمدرب في الهواة أو في مرحلة التكوين أو المحترف الأول، ليست نفس المعطيات ولكل فئة خصوصياتها”.
“هذا ما يحتاجه اللاعبين الشبان..، وعلينا العمل على المدى البعيد”
وواصل محدثّنا كلامه :”هناك عائق آخر وهو المنشآت الرياضية، نحن في كرة مرّة نعمل على البداية بمنشآت الإدارية، اللاعب يذهب إلى الملعب لا إلى الإدارة، ثقافتنا أن مركز التكوين هو الحجر وهذا خطأ”، مضيفا ” الشيء الذي يحتاجه اللاعب للتدرب، هو مساحة كبيرة وملعب بحجم 105 متر على 68 متر ومرمى، وغرف تغيير ملابس ليس شرط أن تكون بالحجر، نحن نعمل على مشروع يتطلب من 3 إلى 10 سنوات، وهذا وقت ضائعة بالنسبة للأجيال، لم يستفد لا فنيا ولا تكتيكيا ولا ذهنيا، بسبب المشروع وهو بحاجة إلى ملعب فقط”. وفي ختام تصريحاته أكّد المدرب نور الدين ولد علي على ضرورة وضع مخطط وطني والعمل على المدى البعيد، للوصول إلى النتائج المرجوة :” الإشكالية الكبيرة هي يجب أن يكون هناك عمل على المدى البعيد ويجب أن تكون هناك سياسة انتقاء وسياسة التكوين ويجب أن يكون هناك أناس مؤطرين وآخرين بيداغوجيين وإطارات يفهمون في التكوين والتطوير ومرحلة ما بعد التكوين، يجب علينا أن نفهم هذه المراحل جيدا والاختصاص في التأطير وليس كل من هب ودب يدعي أنه مكون، المكون يجب أن تكون لديه معايير وأسس يسير عليها”.