ألقى، اليوم الأربعاء، الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي، كلمةً، على هامش مراسم التوقيع على بروتوكول اتفاق بين سوناطراك والمديرية العامة للغابات، يتعلق بمشروع غابي لإنشاء بواليع كربون طبيعية معتمدة.
وفي التالي نص الكلمة كاملةً:
يسرني أن أحييكم وأن أرحب بكم في هذا اللقاء الهام الذي يشهد التوقيع على بروتوكول اتفاق بين مجمع سوناطراك والمديرية العامة للغابات، من أجل إطلاق مشروع غابي طموح يهدف إلى إنشاء بواليع كربون طبيعية معتمدة، وهو المشروع الذي يعد بمثابة خطوة كبيرة تعكس التزامنا الثابت تجاه البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
وبهذه المناسبة أود أن أتوجه لكم جميعا بخالص الشكر والتقدير على حضوركم معنا، اليوم، لمقاسمتنا مراسم هذا الحدث المميز، وأخص بالذكر السيد والي ولاية تيبازة، الذي أبى إلا أن تحتضن هذه الولاية الخطوة المؤسسة لهذا المسار الهام، إلى جانب السادة الأمناء العامون لوزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، الذين شرفونا بتلبية دعوتنا.
السيدات الفضليات، السادة الأفاضل،
إن سوناطراك التي تدرك تماما الحاجة الملحة للعمل بشكل ملموس من أجل المناخ، ملتزمة بقوة، في إطار استراتيجيتها الجديدة المتعلقة بالمناخ ، باعتماد م قاربة مسؤولة للمساهمة في التنمية المستدامة للبلاد، في ظل احترام متطلبات حماية البيئة، من جهة، والت سا وق مع الجهود الدولية ال رامية للحد من الاحترار المناخي إلى أقل من 2 درجة مئوية، من جهة أخرى، علما أننا نهدف ،بحلول عام 2030، إلى التقليل من حرق الغاز والانبعاثات المتسربة للميثان، إلى مستوى يقترب من الصفر، حيث انضمت سوناطراك في هذا السياق إلى مبادرة البنك الدولي ذات الصلة.
ولعله من المفيد التذكير، في هذا المقام، بأن استراتيجية المناخ الجديدة لسوناطراك تعتمد على ثلاثة ركائز أساسية تتمثل في الاستثمار ،وتعزيز القدرات، ونقل التكنولوجيا، فضلا عن القيام بإدماج تدريجي لمزيد من الطاقات المتجددة في مزيجنا الطاقوي، وتطوير مجالات جديدة مثل الوقود منخفض الكربون والهيدروجين الأخضر.
كما تستهدف الاستراتيجية أيضا العمل على تحسين الفعالية الطاقوية للمنشآت وتطوير بواليع الكربون الطبيعية من خلال برنامج تشجير طموح، ودراسة ال حلول التكنولوجية الأكثر أمان ا ونجاعة لاحتجاز الكربون، فضلا عن تفعيل البحث والتطوير وتعزيز الابتكار في المجالات ذات الصلة، وذلك من خلال إبرام جملة من الشراكات الاستراتيجية المفيدة.
من هذا المنظور، فإن المشروع الغابي الذي نحن بصدد إبرامه اليوم مع المديرية العامة للغابات، والذي يسعى إلى إنشاء بواليع كربون طبيعية معتمدة يمثل جزءاً من استراتيجيتنا المناخية التي تهدف إلى تحقيق توازن بين انبعاثات الغازات الدفيئة، من جهة، والقدرة على امتصاصها عبر بواليع كربون طبيعية، من جهة أخرى، مما يسهم في تعويض الانبعاثات التي لا يمكن تفاديها والناتجة عن أنشطتنا العملياتية، لا سيما منها تلك الناجمة عن استهلاك الطاقة في منشآتنا، والعمل في نفس الوقت على توليد أرصدة الكربون.
وتجدر الإشارة إلى أن تحديد شروط وآليات تنفيذ هذا المشروع الغابي لإنشاء بواليع كربون معتمدة سيتم بالتعاون الوثيق مع المديرية العامة للغابات، وفقا لما يتضمنه بروتوكول الاتفاق بينها وبين سوناطراك، في حين ستتكفل مؤسسة النشاط الزراعي الغذائي التابعة لمجمع سوناطراك بتنفيذ المشروع وكافة الأعمال المنبثقة عنه.
وحسب المعطيات الأولية، سيغطي هذا المشروع الذي سيمتد على مدى عشر سنوات، مساحة غابية تقدر بنحو 520.000 هكتار موزعة عبر مختلف أنحاء التراب الوطني، تتضمن غرس أكثر من 423 مليون شتلة، حيث أنه سيتم غرس 300 مليون شتلة للتشجير وإعادة التشجير، و120 مليون شتلة لإعادة تأهيل المناظر الغابية المتدهورة، و03 ملايين شتلة لتطوير الزراعة الغابية.
أما التكلفة التقييمية الإجمالية لهذا المشروع الهيكلي فإنها تقدر بـ 150 مليار دينار جزائري.
إن البدء في إنجاز هذا المشروع سيتم، مستهلا من خلال تنفيذ مشروع تجريبي يمتد لمدة سنتين، ويغطي مساحة يتم تحديدها بالاتفاق بين الأطراف ذات الصلة، على ضوء دراسة الجدوى، وذلك من أجل تمكين كل الفاعلين من اكتساب الخبرة اللازمة في هذا الصدد، والتحكم في آليات التسجيل والاعتماد وتوليد أرصدة الكربون، بما يضمن الشروط الضرورية لنجاح المشروع وتنفيذه وفق أفضل المعايير.
وبناء على التقديرات الأولية، تتضمن هذه الخطة التمهيدية غر س مايعادل 41.3 مليون شتلة تغطي مساحة إجمالية قدرها 43000 هكتار من الغطاء النباتي المتنوع، موزعة على عدة ولايات عبر ربوع الوطن.
السيدات الفضليات، السادة الأفاضل،
لاشك أنكم تدركون بأن هذا المشروع المهيكل يتضمن أبعادا متعددة، إذ لا يقتصر دوره على الجوانب البيئية ، فحسب، بل يتعداه إلى تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية هامة، لعل من أبرزها، على الإطلاق، دعم عددٍ كبيرٍ من الفلاحين ومرافقتهم ، واستحداث العديد من مناصب العمل سنويا، فضلا عن تعزيز التنوع البيولوجي من خلال تنويع الأنواع النباتية.
إن هذا المشروع الهام ليس مجرد التزام تجاه البيئة، فحسب، بل هو خطوة نحو بناء مستقبل مستدام يدمج التنمية الاقتصادية ويحافظ على الموارد الطبيعية، ويعكس رؤيتنا للمسؤولية المجتمعية والبيئية المنوطة بسوناطراك كمؤسسة وطنية رائدة.
وبهذا الخصوص فإننا نلتزم بأن يجري تنفيذ هذا المشروع في ظل احترام المعايير الدولية الأكثر صرامة، وستكون الشفافية والمسؤولية واعتماد أفضل الممارسات هي العناصر الضابطة لس ير المشروع في جميع مراحله.
إن التنمية المستدامة تقع في صميم استراتيجيتنا، ذلك أننا نؤمن إيمانا راسخا بأن موارد البلاد الطبيعية يمكن أن تستغل ، بل يجب أن تستغل بشكل مسؤول، بما يتناغم مع المتطلبات البيئية، ويخدم مصلحة السكان.
كما أننا، من خلال الاستثمار في حلول تكنولوجية منخفضة الانبعاثات، وتنفيذ مشاريع تعويضية على غرار هذا المشروع، نضع أسس مستقبل يحترم المناخ، ونعد العدة لانتقال تدريجي ن حو اقتصاد منخفض الكربون.
في الختام، أجدد لكم عظيم شكري وامتناني، وأعرب عن خالص تقديري لشركائنا في المديرية العامة للغابات على تعاونهم المثمر، وأثمن جهود كل من ساهم في بلورة هذا الاتفاق، ومعا سنمضي قدما نحو تحقيق أهدافنا الطموحة المشتركة، خدمة للجزائر وترقية لبيئتها.