واقعية التكامل والاندماج الثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا تُقنع أوروبا بحلوله لمشكلات الهجرة غير النظامية

أحمد عاشور

أقنعت الرؤية التي قدما الثلاثي الجزائري التونسي الليبي في ما يتعلق بالهجرة غير النظامية، إيطاليا لعقد أول اجتماع مع وزراء داخلية هذا الفضاء المغاربي الجديد الذي يطرح “مقاربة تشاركية تهدف إلى تنمية المناطق الحدودية وتوحيد الرؤى والمواقف بخصوص مسألة الهجرة في المنطقة”، شكلت محور النقاشات التي أجراها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون مع رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد يونس المنفي، وفق ما أوضحه وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، ابراهيم مراد خلال الاجتماع.

وقد ضمّ الاجتماع الرباعي الذي تناول آليات تبادل المعلومات لمكافحة الشبكات الإجرامية التي تدير الاتجار بالبشر، كلّا من وزير الداخلية الايطالي، ماتيو بيانتيدوزي، الخميس، بمقر دائرته الوزارية “إل فيمينالي”، بالعاصمة روما، بكل من وزير الداخلية الجزائرية، إبراهيم مراد، والتونسي كمال الفقي، والليبي عماد الطرابلسي.

ويأتي هذا الاجتماع الذي شهد حضور نائب وزير الخارجية، إدموندو تشيرييلي، المسؤول عن استراتيجيات التعاون الإنمائي الإيطالي بحكومة رئيسة مجلس الوزراء جورجيا ميلوني، أياما قليلة من عقد أول دورة لآلية التنسيق المغاربي الثلاثية بين الجزائر وتونس وليبيا، ما يشكل أولى ثمرات هذا التوجه الإقليمي الجديد على أرض الواقع، حيث بحث الاجتماع المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما، سبل التصدي للهجرة غير الشرعية، فيما يشبه أول اعتراف رسمي في التعامل مع هذا التكتل.

ودعا الوزير مراد، في كلمة له خلال الاجتماع، إلى العمل على “تجاوز المقاربة التقليدية التي تقتصر على الإجراءات العملياتية والأمنية والإدارية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، للانتقال بمساعينا المشتركة إلى التركيز على معالجة عميقة للأسباب الفعلية والجذرية لتنامي الهجرة غير الشرعية، من خلال تبني مقاربات شاملة ومنصفة وحلول ناجعة وفعالة وإنسانية”.

وفي هذا السياق، أكّد مراد أن الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة ورؤية مندمجة لمواجهة الهجرة غير النظامية، قائمة على المحاور القانونية والتنموية والإنسانية والعملياتية، ما يسمح حسبه، بـ”تكفل عادل وإنساني، يحمي كل الأطراف، مهما كان موطنهم أو وجهتهم، مع التركيز بشكل رئيسي على الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة”.

وأبرز وزير الداخلية أن الجزائر “تساهم بشكل ملحوظ في دعم الجهود التنموية لدول الجوار”، وذلك من خلال “استغلال جميع الأطر والآليات المتاحة، بما فيها الآليات المخصصة لتنمية المناطق الحدودية، فضلا عن المرافعة عن قضية التنمية في كل المحافل الدولية، وتخصيص موارد هامة للدعم الإنساني وتجسيد المشاريع التنموية في بلدان الجوار، مع التركيز على المشاريع ذات الطابع الاندماجي التي من شأنها تحريك عجلة التنمية في هذه الدول وتمكينها من خلق فرص التنمية والشغل الكفيلة باستقطاب الفئات المرشحة للهجرة غير النظامية”.

ووفق ما أورده بيان لوزارة الداخلية الإيطالية عقب الاجتماع الرباعي، فقد أشار الوزير الإيطالي إلى أنه “بوصول المهاجرين إلى سواحل شمال إفريقيا استعدادا للانطلاق نحو أوربا، نكون قد وضعنا بالفعل قدرتنا على منع تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، ولهذا السبب بالتحديد، يجب أن تكون أولويتنا الاستراتيجية هي العمل على تعزيز إحكام حدودنا البرية، بدءا من منطقة الساحل”.

وأكّد البيان على أنه “من أجل التوصل إلى تقليص تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، يجب أن يكون هناك انتقال من تعاون ثنائي إلى مقاربة إقليمية شاملة، من شأنها أن تقود على تقليص هذه التدفقات غير النظامية”.

وتسعى حكومة روما إلى تعزيز التعاون أكثر فأكثر مع بلدان آلية التنسيق المغاربي الثلاثة وهي الجزائر وتونس وليبيا، حيث أن الوثيقة تحدثت عن ضرورة “الانتقال من تعاون ثنائي” إلى “مقاربة إقليمية شاملة”، وهو ما يشكل تجاوبا رسميا مع هذا الفضاء الاندماجي الجديد، كما يبرز أهميته على الصعيد الدولي ويعزز مبادرات التعاون والتنسيق معه.

شارك المقال على :