وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو يصعد خطابه المعادي للجزائر وسط خلافات سياسية داخلية

في محاولة واضحة لصرف الانتقادات وتأكيد موقفه داخل الحكومة الفرنسية المنقسمة، أعاد وزير الداخلية برونو ريتيللو إشعال التوترات مع الجزائر، حيث أدلى بتصريحات تحريضية تكشف عن الانقسام المتعمق بين المسؤولين التنفيذيين في فرنسا.

واتهم ريتيللو في تصريحاته، التي أدلى بها خلال مقابلة مع قناة BFM TV ذات الميول اليمينية، الجزائر بعدم احترام القانون الدولي وزعم أن فرنسا عانت من “إهانة” بعد رفض الجزائر قبول الترحيل المثير للجدل للمؤثر “دوالمن”.

ويمثل خطاب ريتيللو التحريضي استمرارًا لتصريحاته السابقة التي أدلى بها في 10 يناير، والتي أثارت ردود فعل عنيفة ليس فقط من قبل المسؤولين الجزائريين ولكن أيضًا داخل حكومته. ووصف ريتيللو عملية الترحيل، التي تم تنسيقها من خلال قرار إداري يفتقر إلى الأساس القانوني والدبلوماسي، بأنها إهانة لفرنسا – وهو الادعاء الذي رفضه وزير الخارجية جان نويل بارو بعد أيام.

ودحض بارو، في حديثه على إذاعة RTL، تأكيدات ريتيللو، مؤكداً على الحاجة إلى الهدوء الدبلوماسي والحوار مع الجزائر. وصرح بارو قائلاً: “من الضروري تجنب تصعيد التوترات دون داع. إن تركيزي ينصب على حل القضايا، وليس خلق الأزمات”، معرباً عن استعداده لزيارة الجزائر لإصلاح العلاقات إذا وافقت السلطات الجزائرية.

وقد أثار رد ريتيللو – الذي ضاعف من روايته عن “عدم الاحترام” المزعوم من جانب الجزائر واقترح تدابير، مثل إنهاء اتفاقية الهجرة لعام 1968 – انتقادات حادة عبر الطيف السياسي الفرنسي. وقد انتقد رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيليبان نهج ريتيللو دون تسميته بشكل مباشر، محذراً من أن تفكيك الاتفاقيات مثل معاهدة 1968 من شأنه أن يتناقض مع التزامات فرنسا الإنسانية والتاريخية والجغرافية.

إن اتفاقية الهجرة لعام 1968، التي تم تعديلها بشكل كبير في أعوام 1986 و1994 و2001، تحكم حركة الأفراد بين فرنسا والجزائر، وقد دافعت عن إعادة التفاوض عليها منذ فترة طويلة شخصيات من أقصى اليمين، بما في ذلك السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور، الذي يعكس موقفه المتشدد الخطاب الانقسامي الذي اكتسب زخماً في الخطاب السياسي الفرنسي. وقد فشلت الجهود الرامية إلى مراجعة المعاهدة مراراً وتكراراً، ولا سيما في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في عام 2011، بسبب طبيعتها الثنائية الراسخة والديناميكيات المعقدة للعلاقات الفرنسية الجزائرية.

كما تضع استفزازات ريتالو في خلاف مع السلك الدبلوماسي الفرنسي، وخاصة وزارة الخارجية، التي تشرف على العلاقة الحساسة والمشحونة تاريخيًا مع الجزائر. وقد أبرز توبيخ بارو الخفي هذا التوتر، حيث ذكر ريتالو بأن إدارة العلاقات الجزائرية هي من اختصاص وزارة الخارجية، التي تعمل تحت توجيهات من الرئيس إيمانويل ماكرون.

وقد أعربت شخصيات سياسية فرنسية بارزة، بما في ذلك زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، والسياسي اليساري جان لوك ميلينشون، والمرشحة الرئاسية السابقة سيجولين رويال، عن معارضتهم الشديدة للتأثير المتزايد لأيديولوجية اليمين المتطرف في تشكيل السياسة الخارجية الفرنسية. وحذروا من السماح للمشاعر القومية المتجذرة في الحنين الاستعماري بإملاء علاقة البلاد بالجزائر، الشريك الحيوي في شمال إفريقيا.

في حين تقاوم أصوات العقل داخل المؤسسة السياسية الفرنسية أجندة اليمين المتطرف المثيرة للانقسام، تظل الجزائر ثابتة في مطالبها بالاحترام المتبادل والحوار العادل.

إن تصرفات ريتاليو، بعيدًا عن تعزيز موقف فرنسا، تخاطر بعزل بلاده وتعريض عقود من التعاون الثنائي الحاسم للاستقرار الإقليمي والازدهار المشترك للخطر.