يوم الميلاد ، ، يوم الهزيمة الحضارية..بقلم/قادة الدين

مروان الشيباني

الاحتفال بيوم ميلاد المسيح هو شعيرة دينية مسيحية، تماما وأكثر، من أنك كل صبيحة يوم أحد تقيم قداسا ببيتك وتتلو العظة الأسبوعية وتقيم الترانيم الكنسية، ، والأكبر من كونه رمزا مسيحيا، فهو رمزا حضاريا لأمة منافسة، نحن في تنافس وزحام حضاري معها منذ عشرة قرون على الأقل، ، ، واكتساح هذا الإحتفال لبلداننا، بعد أن عجز الإستعمار حتى أثناء ركوبه فوقنا أن يجعلنا نعتنقه، هو دليل كبير على الهزيمة الحضارية الكبرى، ، وعلى خيبة تحليل صاموئيل هنتنغتون الذي افترض أن المسلمين يشكلون ضلع مثلث في الصراع الحضاري العالمي.


قبل أيام كان النقاش حول إمكانية تهنئة المسلمين لغيرهم من المسيحين بعيدهم، وإذ قد يكون لا حرج في ذلك لمن يختلط بالمسيحيين ويعيش معهم أو حتى لغيره، ، فإننا انتقلنا بسرعة للحديث عن الآلاف الذين يتدفقون على أماكن الإحتفال به، بل على الآلاف ممن وقفوا طوابيرا أمام الحانات للحصول على قنينة خمر أو أمام المخبزات للحصول على الحلوى، ، واستمعت لروبرتاج لإحدى القنوات تسأل الجزائريين في شوارع العاصمة عن عاداتهم للإحتفال بهذا اليوم، ومنهم من يقول أنه يحتفل مع العائلة ومنهن من تقول أنها تعد طعاما خاصا، ومنهم من يقول أنه يخرج لأماكن معينة، ، حتى تضع يدك على رأسك ويخيل لك أنك في روما أو باريس أو ريو ديجانيرو.
إن البعض يذهب لهذا الطقس بدافع النقص الداخلي والهزيمة الحضارية، ليشعر نفسه أنه ينتمي للعالم الغربي المتحضر، ويعيش للحظات أجواء ما يعيشه الفرنسيون أو البريطانيون، ، لكن التقليد الأعمى لن يجعل من حشلاف يحي على هامش الحضارة والتاريخ، يعيش وسط القمامة والوحل، ويعتاش بما ينتجه الألماني والياباني، متحضرا ولا غربيا، فقط لكونه شرب الخمر أو أكل الحلوى في ليلة الأول من جانفي.


إن الإستعمار الحقيقي يبدأ لحظة تقليد المغلوب للغالب والضعيف للقوي، ، وقد بقيت فرنسا هنا 132 سنة لكنها فشلت في أن تجعل مئة جزائري على بعض يعتنقون المسيحية، ، لكن في ظل أنظمة الإستقلال التي خلّفت الأوطان ودمرتها تم إنتاج نوعية من المواطنين، ، ممسوخين ثقافيا، تابعين حضريا، فاشلين علميا ومعدومين فكريا، ، ، يعجز الواحد منهم عن الجري كيلومترا رياضة يوميا مثل ما يفعل الغربي، ، ولا يعمل من الثماني ساعات المقررة عليه سوى 23 دقيقة، ويرمي القمامة من نافذة منزله وسيارته في الشارع، ، ، لكن يحتفل بليلة ميلاد المسيح ليشعر أنه مواطن غربي متحضر، ، ، الريح في الشبك

شارك المقال على :