أجواء ملائمة، تطوير الإمكانيات وطموح رياضي…..’الدّوري التونسي’ ملجأ المواهب الجزائرية للهروب من فوضى البطولة المحترفة

أيوب بن مومن

شكّل تهافت الأندية التونسية على التعاقد مع اللاعبين الجزائريين خلال فترة الانتقالات الصيفية، الحدث الأبرز في الساحة الكروية قبيل افتتاح دوري الدرجة الأولى لموسم 2120ـ2202.

فمنذ أن اعتمد الاتحاد التونسي لكرة القدم لاعبي بلدان اتحاد شمال إفريقيا محليين، أصبحت الأندية التونسية تبحث عن العصافير النادرة في بلدان شمال إفريقيا خاصة من الجزائر، هذا القرار شبهه البعض بما أقره “قانون بوسمان”، الذي غيّر خريطة الكرة الأوروبية في سنة 1995، بعد إقراره الانتقال الحر وغير المشروط للاعبين المنتمين لدول الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بين دول القارة العجوز، وهو ما جعلها تستثمر في الرابطة المحترفة الأولى وذلك في ظل عدم مقدرة الأندية المحلية على منافسة التونسيين ماليا، لترضخ بذلك لعروض الأندية التونسية ورغبة اللاعبين في خوض تجربة احترافية خارج البطولة المحلية

وأصبحت البطولة التونسية وجهة لعدد كبير من لاعبي البطولة المحلية، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها أغلب الفرق، ولجوء عدد كبير من اللاعبين إلى لجنة المنازعات بالفاف، من أجل تحصيل رواتبها المتأخرة، والحصول على أوراق تسريحها

وشهد الميركاتو الصيفي الماضي هجرة جماعية للمواهب الجزائرية، الذين اختاروا الانضمام لعدد من الأندية التونسية،حيث، خطف النجم الساحلي التونسي 3 لاعبين كانوا ينشطون في الفترة الأخيرة بالبطولة، وهم إلياس بن يوسف ويوسف العوافي وبوعلام المصمودي، كما تعاقد الأفريقي التونسي مع نبيل لعمارة الظهير الأيسر لمولودية الجزائر والمنتخب المحلي.

أفضلبحثا عن ظروف في الميركاتو تونس شقون طريقهم صوبيلاعبين 10

عرف البطولة التونسية خلال فترة التحويلات الصيفية غزو جماعي للاعبين الجزائريين للموسم الثالث على التوالي، بعدما انتقل 10 لاعبين للاحتراف بتونس، أين خطف النجم الساحلي التونسي ثلاثة أسماء هم الظهير الأيسر لفريق وفاق سطيف يوسف أمين

لعوافي، وصخرة دفاع الحمراوة بوعلام مصمودي، والعائد من العقوبة إلياس بن يوسف، كما تعاقد فريق الصفاقسي التونسي مع متوسط ميدان شبيبة القبائل رايح، ومهاجم مولودية وهران محمد هشام نقاش، والتحق زميله السابق بمولودية الجزائر نبيل لعمارة بالنادي الإفريقي التونسي، بجانب عبد النور بلحوسيني.

كما انتقل المدافع المحوري لشبيبة القبائل نسيم مقيدش إلى فريق حمام الأنف، فيما توجّه متوسط ميدان سريع غليزان محمد رضا نكروف إلى فريق الشابة، رفقة مهاجم أمل عين مليلة محمد الأمين حامية الذي تراجع عن اللعب لفريق الديوانية العراقي، وهو نفس مصير مهاجم شباب قسنطينة عبد الحكيم أمقران، الذي فسخ عقده مع فريق الشرطة العراقي، لينضم إلى الاتحاد المنستيري الذي توج معه بلقب كأس السوبر منذ 5 أيام، ضد الترجي الرياضي التونسي بضربات الترجيح، فيما التحق مهاجم وداد تلمسان طويل الهواري بفريق الزوراء العراقي وتوج معه بلقب كأس السوبر العراقي.

النجم الساحلي يضم في كتيبته 8 جزائريين

يعد النجم الساحلي من بين الأندية الذي يضم العديد من اللاعبين الجزائريين شأنه شأن الترجي الرياضي، وذلك قبل انطلاق فعاليات النسخة المقبلة من البطولة التونسية.

وتعاقد الفريق الساحلي مع 3 لاعبين جزائريين خلال الميركاتو الصيفي المنقضي وهم الظهير الأيسر يوسف لعوافي، فضلا عن مدافع المحور أمين بوعلام المصمودي ولاعب الوسط المهاجم إلياس بن يوسف.

وبات ليتوال يضم في قائمته، 8 لاعبين جزائريين، باعتباره تعاقد في وقت سابق، مع 5 لاعبين آخرين من الجزائر وهم الظهير الأيمن حسين بن عيادة، ولاعب الوسط سليم بوخنشوش والمهاجمين زين الدين بوتمان ورضوان زردوم والطيب مزياني.

وبذلك، فإن النجم يكون قد خطف لقب “فريق الجزائريين” في الدوري التونسي من الترجي، والذي قام سابقا بضم 7 لاعبين جزائريين لصفوفه وهم عبدالقادر بدران ومحمد أمين توغاي وإلياس الشتي في خط الدفاع.

فضلا عن ذلك، تعاقد الترجي أيضا في وقت سابق مع رباعي جزائري يتكون من عبدالرؤوف بن غيث وبلال بن ساحة في خط الوسط، بجانب عبدالرحمن مزيان والطيب مزياني في خط الهجوم.

نجاح بلايلي بونجاح ولعريبي في تونس شجع الجزائريين على خوض التجربة

على مدى الأعوام الماضية، صنع عدد من اللاعبين الجزائريين ربيع أندية تونسية، غير أن مهاجم الترجي يوسف بلايلي يظل أكثرهم تتويجا بالألقاب خصوصا في العامين الماضيين، عندما قاده لإحراز لقب الدوري المحلي والتتويج بدوري أبطال أفريقيا في آخر نسختين.

وكان الترجي تعاقد في 2013 مع الجزائري عنتر يحيى الذي بلغ معه نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا.

وكان النجم الساحلي تعاقد في 2013 مع المهاجم بغداد بونجاح قادما من اتحاد الحراش، وأسهم هذا اللاعب بشكل فعال في تتويج الفريق بلقب كأس تونس في مناسبتين والدوري المحلي وكأس الاتحاد الأفريقي في مناسبة وحيدة قبل انتقاله في 2016 إلى السد القطري

بدوره، صنع عبد المؤمن جابو ربيع النادي الأفريقي في موسم 2014-2015 عندما أسهم بشكل فعال في عودته لمنصة التتويج بالدوري بعد غياب ثماني سنوات، كما توج في 2013 هدافا للدوري.

وكان ثلاثة لاعبين جزائريين قد اختيروا ضمن قائمة أفضل اللاعبين الأجانب الذين مروا على البطولة التونسية عبر التاريخ من طرف صحيفة “المغرب” التونسية، بفضل الإنجازات والأرقام التي سجلوها هناك، ويتعلق الأمر بكل من فضيل مغارية وعبد المومن جابو وبغداد بونجاح، وحمل اللاعبان الأولان ألوان النادي الإفريقي، في حين برز ابن الباهية مع النجم الساحلي، وترك اللاعبون الجزائريون بصمتهم بقوة في البطولة التونسية، ما يبرر حضورهم القوي هناك، لا سيما في الموسمين الأخيرين، حين أصبحت أندية تونس الشقيقة تتهافت على اللاعبين الجزائريين.

الأزمة المادية الخانقة للأندية الجزائرية أحد أسباب الهروب الجماعي

لا يختلف إثنان حول الوضعية الصعبة التي تعاني منها معظم الأندية الجزائرية ،حيث، تعيش على وقع أزمات مادية خانقة، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، تمنعها من دفع مستحقات لاعبيها.

ودخل عدد كبير من اللاعبين في صراع مع أنديتهم جراء فشلهم في الحصول على مستحقاتهم المالية المتأخرة.

ويفضل بعض المواهب المحلية الانتقال للأندية الأوروبية لأسباب رياضية، في حين يفضل معظمهم الانتقال للأندية العربية في تونس والجزائر والمملكة العربية السعودية لأسباب مالية بالأساس.

طموح رياضي بالدرجة الأولى

ومن بين أهداف اللاعبين المحترفين خارج الوطن، العمل على خطف الألقاب المحلية والقارية مع الفرق التي يلعبون لها، خصوصا المتعاقدين مع فرق عريقة على غرار الفرق التونسية (الترجي الرياضي، النجم الساحلي، الصفاقسي، النادي الإفريقي)، المتعوّدة على بلوغ أدوار جد متقدمة في المنافسات القارية، وحصد أكثر من ثلاثة ألقاب في كل عشرية.

طموح اللاعبين الشباب المتعطشين للبروز وارتداء قميص المنتخب الوطني، على غرار ما قام به كل من سليماني، سوداني، دوخة، بدران، بن العمري، بلايلي، عطال، بن سبعيني، بوداوي، زرقان، أضحى أمرا محفّزا خصوصا أن مهندس التتويج القاري أكدها في أكثر من ندوة صحفية وتصريح، بأنّ الذي يرى فيه قدرة على جلب الإضافة لكتيبة المحاربين سيدعم صفوفهم، وهو التصريح الذي رنّ في أذن جميع لاعبي البطولة، خصوصا بعدما تأكّدوا بأنه بلماضي يعطي لكل واحد فرصته ولا يظلم أي احد.

*******

كريم لعريبي أفضل نموذج

تونس بوابة الإحتراف في أوروبا والإلتحاق بـ “الخضر”

ويبدو أنّ العديد من اللاعبين الجزائريين يفضلون الانتقال إلى الدوري التونسي، من أجل خوض تجربة احترافية تفتح لهم الأبواب واسعة نحو الإنتقال إلى أوروبا أو الالتحاق بصفوف المنتخب الوطني.

ويرى المتتبعين أنّ الأمر لم يعد مقتصرا على المال فقط، بدليل أنّ العديد من الشبّان تنقلوا نحو الجارة الشرقية بحثا عن مغامرة جديدة، تسمح لهم بتطوير مواهبهم وإمكانياتهم، ما يسمح لهم بالانتقال إلى إحدى الدوريات الأوروبية مستقبلا، وبرّر البعض منهم اللعب في تونس بتوفر الإمكانيات الكبيرة وأجواء العمل الملائمة مقارنة بالجزائر. وعن سبب مغادرة هؤلاء اللاعبين البطولة الجزائرية والالتحاق بالبطولة التونسية، يرى المتتبعين إن ذلك يعود إلى الفوضى الموجودة في الكرة الجزائرية، حيث يفضل هؤلاء اللعب في تونس حفاظا على حقوقهم المالية، باعتبار أنهم يملكون عقودا احترافية يصعب على الأندية التونسية عدم احترامها، وهي بوابة لهم من أجل الاحتراف، مثلما حدث مع لاعبين، على غرار بونجاح وبلايلي ولعريبي.

هذا كما أضحى الدوري التونسي، بوابة اللاعبين الجزائريين نحو صفوف “الخضر”، على غرار ما حصل مع الثنائي بن عيادة وعبد القادر بدران اللذان وإن كانت دعوتهما نادرة إلا أنّهما تمكّنا من تحقيق حلمهما بارتداء قميص المنتخب الجزائري، وهو ما يعتبر تحديا بالنسبة لباقي اللاعبين خاصة وأنّ حظوظهم ستكون معدومة في البطولة الجزائرية التي تعجز على تكوين لاعبين بإمكانهم الدفاع عن الألوان الوطنية في ظل تواجد اللاعبين المحترفين في مختلف الدوريات الأوروبية والعربية.

شارك المقال على :