الثلاثاء 01 جويلية 2025

أذعن لصوت الشارع المغربي.. محمد السادس “يدين جرائم الاحتلال” خشيةً على عرشه بعد أن زلزله طوفان الأقصى

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
أذعن لصوت الشارع المغربي.. محمد السادس “يدين جرائم الاحتلال” خشيةً على عرشه بعد أن زلزله طوفان الأقصى

وأخيراً أذعن ملك المغرب للحقيقة الواضحة وها هو يدين الاحتلال الصهيوني، بعد صمت مطبق دام 53 يومًا لم يذكر ما حدث خلالها بكلمة واحدة، لـ “يطالب”، في رسالة إلى الأمم المتحدة تزامنا مع مناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، “بالتحرك العاجل والملموس” وتخفيف التوترات وإصدار قرارا بـ”وقف دائم لإطلاق النار” في قطاع غزة.

الآن فقط تذكّر محمّد السادس وبشكل مفاجئ، بأنّ عليه أن يندد بـ “الانتهاكات الصارخة” لإسرائيل في غزة، وأن يصف ما يقوم به جيش الاحتلال بـ “الأعمال الانتقامية العسكرية الإسرائيلية”، التي “كشفت عن انتهاكات صارخة لأحكام القانون الدولي في غزة”.

الغريب والمريب في موقف محمد السادس أنه جاء خلال هدنة بين كتائب المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الصهيوني وعقب مجازر مروعة، ارتكبها هذا الأخير وتسببت في استشهاد وإصابة الآلاف من الفلسطينيين المدنيين الأبرياء، فلماذا لم يتكلم ملك المغرب طوال هذه الوقت وأصرّ على السكوت والتواطؤ، وما الذي حدث حتى يتغيّر موقفه من النقيض إلى النقيض؟

الأغرب من هذا هو كيف لنظام المخزن الذي جمّد علاقاته مع الكيان الصهيوني في عام 2000، على وقع الانتفاضة الثانية التي اندلعت شرارتها بعد قتل جنود الاحتلال للطفل محمد الدرة بطريقة جبانة ووحشية، أن لا يفكّر في أن القضية الفلسطينية لن يحلها التطبيع الذي هرول إليه في ديسمبر 2020، إلا إذا كان الملك، رئيس لجنة القدس، قد تنصّل بالكلية من التزاماته تجاهها.

لقد كانت الأسابيع المشحونة بالمظاهرات الحاشدة على امتداد مدن عدّة بالمملكة المغربية تضامنا مع الفلسطينيين ورفضا لتطبيع المخزن، والتي طالبت صراحة بطرد ممثل الكيان الصهيوني، وأيضا مستشار الملك أندريه أزولاي، كافية لتؤكد اتساع حجم الهوة السحيقة بين شعب مغربي حرّ متمسك بالقضية الفلسطينية، ونظام مخزني عميل للصهاينة ومتواطئ معهم في جرائمهم البشعة.

كما أثبت طوفان الأقصى أنّ كيان الصهاينة المحتلين مجرّد بيت عنكبوت خيوطه واهية سرعان ما تسحقها عمليات المقاومة، وجيش الاحتلال أضعف بكثير ممّا كان يظنّه المهرولون المطبعون.

لقد أصبح محمّد السّادس يخشى على عرشه من أن يفقده إن هو استمرّ في موقفه المتخاذل والمتواطئ، وأضحى المخزن يرى بأنّ عليه أن يتخذ موقفا منسجما مع الهبة الشعبية الرافضة للتطبيع، استباقاً لحدوث ثورة شعبية عارمة أو انقلاب عسكري يطيح بالقصر والمخزن، فالأمر لا يتعلّق بصحوة ضمير لا يمتلكه أصلا لا المخزن ولا ملكه المتصهين.

يبدو أنّ محمد السادس الذي أعرب في رسالته إلى الأمم المتحدة عن “أسفه” لأن الحرب الحالية في المنطقة هي نتيجة “لغياب أي أفق لحل سياسي” للصراع، وذكر أن هذا المسار “هو أساس السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة”، ينسى سريعا أو لربما أنه يتناسى كيف أنّ خطأ المخزن لم يكن في تجميد العلاقات خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، بل في إقامتها أصلا، سنوات الستينات في عهد أبيه الحسن الثاني الذي كان يتواطؤ مع الصهاينة ويكشف أسرار أشقائه العرب.

لو كان الملك العلوي صادقا في تصريحاته التي سوّد بها ورقته البيضاء وهو يوجهها لغوتيريش، لما فكر للحظة واحدة أن يوقع على اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، ولكان تجاوبه سريعا مع انتهاكات جيش الاحتلال الصهيوني، وليس التنديد المتأخر الذي سبقته أحداث جسام تحرك لها العالم في حينها، من مقتل آلاف الضحايا، ودمار هائل للمنازل والمستشفيات والمدارس ودور العبادة في غزة التي قال عنها ملك المخزن أنها تعاني من “حصار شامل، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية مع التجاهل التام للقيم الإنسانية”، تجاهل لا يقل عن تجاهله لما عانته غزة طيلة 53 يوما دامية على الأقل.

رابط دائم : https://dzair.cc/j01m نسخ