الخميس 13 نوفمبر 2025

أزيد من 70 منظمة حقوقية من 35 دولة توقّع بياناً دولياً يندّد بحملة القمع: جيل زد.. بين سجون المخزن وصمت العالم

نُشر في:
أزيد من 70 منظمة حقوقية من 35 دولة توقّع بياناً دولياً يندّد بحملة القمع: جيل زد.. بين سجون المخزن وصمت العالم

في المغرب، لم يعد الصمت فضيلة، بل صار جريمة جديدة تُضاف إلى لائحة “الجرائم” التي يبتكرها المخزن ضد كل من يتجرأ على رفع صوته.
جيل جديد وُلد بعد “الإصلاحات الموعودة”، جيل الإنترنت والوعي الفوري، وجد نفسه يواجه نفس القمع، بنفس الأساليب القديمة: اعتقالات، محاكمات صورية، ووسائل إعلام رسمية تمارس وظيفة التحريض لا التنوير.

خلال الأسابيع الأخيرة، هزّت محاكم مراكش والقنيطرة والدار البيضاء جلساتٌ ثقيلة لمتهمين لا تتجاوز أعمار بعضهم الثامنة عشرة. عشرات من شباب “جيل زد” يُقدَّمون أمام القضاء بتهم واهية: “المسّ بثوابت الدولة”، “نشر أخبار كاذبة”، “إهانة موظفين عموميين”. وفي الخلفية، دولة تريد أن تُخضع الجيل الذي وُلد دون خوف، وتعيده إلى صمت التسعينيات.

لكن هذه المرة، لم يمرّ الأمر بهدوء. أكثر من سبعين منظمة حقوقية من 35 دولة وقّعت بياناً دولياً يندّد بحملة القمع، ويطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، داعية السلطات المغربية إلى احترام التزاماتها الدولية ووقف محاكمة الشباب بسبب آرائهم.
إنه بيان غير مسبوق، ليس فقط لأنه صادر عن منظمات من العالم كله، بل لأنه يكشف أن صورة “الاستثناء المغربي” بدأت تتشقق تحت ضغط الواقع.

المفارقة أن هذا الضغط يأتي من الخارج، بينما في الداخل تواصل الأحزاب السياسية دور “الكومبارس”، تتفرج على مشهد الانحدار دون أن تجرؤ على النطق بكلمة. فالمخزن – كما تقول الدراسة الأخيرة حول المال السياسي – أعاد هندسة السلطة داخل القانون نفسه، وجعل من الانتخابات واجهة شكلية لا تُنتج سوى الولاء.
وحين يغيب الأمل في صناديق الاقتراع، تنفجر الشوارع.

جيل زد ليس جائعاً فقط إلى الخبز، بل إلى الكرامة. هو جيل لم يعُد يصدق شعارات “النموذج التنموي الجديد” ولا وعود “الجهوية المتقدمة”. يرى أن ما يُنفق على “مشاريع المونديال” وعلى تسويق “المعجزات التنموية” في الصحراء المحتلة، كان أولى أن يُصرف على الصحة والتعليم وفرص العمل.
جيل لم يطلب المستحيل، لكنه رفض أن يُستعمل وقوداً في سردية الاستقرار الزائف.

في المقابل، تُصرّ الدولة المخزنية على سياسة الحديد والنار المغلفة بخطاب الحداثة، تُمارس الردع باسم القانون، وتُكمم الأفواه باسم “هيبة الدولة”. لكن أي هيبة تلك التي ترتعد أمام تدوينة أو فيديو على تيك توك؟
أية دولة هذه التي تخاف من أغنية شبابية أكثر مما تخاف من الفساد الذي ينهشها من الداخل؟

البيان الدولي الأخير لم يأتِ من فراغ. إنه نتيجة تراكم الغضب والخذلان، محلياً ودولياً.
فالعالم بدأ يدرك أن المغرب، الذي يُقدَّم كشريك “معتدل” و”مستقر”، يعيش على قمعٍ منهجيٍّ لشبابه.
منظمات من أوروبا وأميركا اللاتينية وإفريقيا قالتها بوضوح: حرية التعبير ليست جريمة، والاحتجاج ليس تهديداً للأمن الوطني.

ومع ذلك، يبدو أن الرسالة لم تصل بعد إلى الرباط، أو ربما وصلت لكنها رُكنت على رفّ البلاغات البروتوكولية.
فالمحاكمات مستمرة، والمعتقلون يتزايد عددهم، والإعلام الرسمي يواصل وظيفته المفضّلة: تشويه الضحايا وتبييض وجه الجلاد.

جيل زد هو اختبار حقيقي لشرعية النظام، لأن هذا الجيل لم يعُد يعيش داخل نفس القفص الرمزي الذي عاش فيه آباؤه.
هو جيل الوعي الرقمي، العابر للرقابة، الذي لا يحتاج إلى قنوات رسمية ليُسمع صوته.
قمعه اليوم لن يعيد “الاستقرار”، بل سيُنتج جيلاً آخر من الغضب والتشكيك في جدوى كل المؤسسات.

في النهاية، يمكن للسلطة أن تحاكم أجساد الشباب، لكنها لن تحاكم الوعي.
وإذا كان المخزن يعتقد أن الاعتقالات ستُعيد الصمت إلى الشوارع، فهو لم يفهم بعد أن جيل زد لا يسكت، بل يتنفس حرية.

رابط دائم : https://dzair.cc/abpa نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015