أمريكا تتخلى عن المغرب… تقرير أمريكي خطير يفضح نظام المخزن ويصف دبلوماسيته بـ “المستنقع”

كحلوش محمد

فجرت طالبة دكتوراه مغربية بقسم التاريخ بجامعة كاليفونيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، سامية الرزوقي، قنبلة سياسية، حين أكدت أن أمريكا تخلت عن دعم نظام المخزن سياسيا وماليا وعسكريا.

ووصفت الرزوقي في مقال تحليلي، نشر في مجلة “الفورين بوليسي” الأمريكية، الدبلوماسية المغربية بالمستنقع، مبرزة أنّ المملكة المغربية التي تعتبر الصديق الحميم السابق للدوائر السياسة الأمريكية، قد أصبحت في عزلة أكثر من أي وقت مضى.

وأشار التقرير المنشور في المجلة الأمريكية المعروفة بمصداقياتها بالوسط الإعلامي الأمريكي، إلى أن المملكة المغربية كانت على الدوام الدولة المفضلة لدى الأمريكيين رغم تغير الوافدين على البيت الأبيض، وذلك لأسباب تاريخية مرتبطة بكون المغرب كان لها السبق في الاعتراف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1777م، ولكن هذه الأفضلية تتجه إلى الزوال، حيث هناك إجماع داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي على ضرورية تغيير طريقة التعامل مع الرباط.

وأوضح التقرير أنّ ما يعكس هذا التحول في موقف الولايات المتحدة من الرباط هو مسودات مشروع قانون اعتمادات السنة المالية 2022 الذي يحدد مخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية الأمريكية الأخرى، فالمشروع الجديد وعلى عكس ما كان عليه من قبل هو فصل الصحراء الغربية عن المغرب.

وفي نفس السياق، ترى الكاتبة المغربية أنّ وضع الصحراء الغربية كعنوان مستقل عن المغرب في مشروع مخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية الأمريكية، ما هو إلا مؤشر على التحولات التي ستعرفها العلاقات الأمريكية المغربية، موضحة أن مسودة المشروع تعارض تمويل بناء قنصلية أمريكية في الصحراء الغربية، وهذا ما يؤكد معارضة مطلقة للقيادة الأمريكية على اعتبار الصحراء الغربية جزء من المغرب.

وأضافت الرزوقي، أن قانون الدفاع الوطني، الذي يغطي الاعتمادات المخصصة للجيش الأمريكي، يحد من استخدام الأموال لأية تدريبات عسكرية مع المغرب ما لم يقرر وزير الدفاع الأمريكي ذلك.

كما تنبأت الطالبة المغربية، بأنّ تستثني الولايات المتحدة المغرب من مناورات “الأسد الإفريقي”، وهذا لم يحدث من قبل إلا سنة 2013 عندما احتج المغرب على دعم الولايات المتحدة تفويض مراقبة حقوق الإنسان كجزء من بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية والمعروفة باسم “المينورسو”.

وأكدت معدة المقال، أنه ليس مستبعدا أن يعود الحديث عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، خاصة أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، جدد التأكيد على وعد حملة بايدن بإعادة حقوق الإنسان إلى مركز السياسة الخارجية الأمريكية.  

كما عادت الرزوقي في تقريرها، بالتفصيل إلى علاقات المغرب مع حلفائه الأوروبيين، حيث دخل معهم في صدامات لا معنى لها، بداية من ألمانيا التي قطعت المملكة اتصالاتها الدبلوماسية معها في مارس 2021، وفي شهر ماي قامت الرباط بسحب سفيرها في مدريد وخففت القيود على الحدود بمنطقة سبتة الإسبانية، مما تسبب في تدفق آلاف المهاجرين إلى إسبانيا وأراضي الاتحاد الأوروبي.

وذكرت كاتبة المقال، بأن هذه الخطوة دفعت البرلمان الأوروبي إلى إصدار قرار، يعتبر أن المغرب ينتهك اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، مبرزة أنه في شهر جويلية، أكدت تقارير إعلامية أنّ عملاء استخبارات مغاربة اخترقوا هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من المسؤولين والصحفيين الفرنسيين، وهو ما أحدث شرخا في العلاقات بين البلدين رغم أنّ فرنسا من المؤيدين الأقوياء لمستعمرتها السابقة.

وزادت متاعب المغرب أكثر بقرار محكمة العدل الأوروبية التي ألغت اتفاقية تجارة الزراعة والثروة السمكية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وكان ذلك في شهر سبتمبر 2021، تضيف ذات الكاتبة.

وتطرق  التقرير الأمريكي، إلى أسباب تلك الصدامات التي حدثت بين المغرب وحلفائه، أين أكد أن السبب الأول، راجع إلى تدهور السلك الدبلوماسي المغربي بعد تعيين ناصر بوريطة وزيرا للخارجية سنة 2017، وهو بيروقراطي صغير لا ينتمي إلى أي حزب مع سيرة ذاتية ضعيفة.

وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى أن المغرب لم يبتعد أكثر من أي وقت مضى عن جيرانه وحلفائه، كما يحدث خلال فترة إشراف بوريطة على وزارة الخارجية، مستدلا بكلام دبلوماسي مغربي مخضرم تحدث إلى “فورين بوليسي” أين قال: “هناك إجماع عام بين الدبلوماسيين السابقين والحاليين على أن الدبلوماسية المغربية وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الاستقلال، وباختصار الدبلوماسية المغربية غير منتظمة ومتوسطة التأثير”.

وأضاف الدبلوماسي قائلا: “حتى سنوات قليلة ماضية، كانت قرارات السياسة الخارجية نتيجة لمجموعة جماعية من المستشارين الذين يقدمون توصياتهم إلى الملك، أما الآن فقد تم طرد العديد من كبار المسؤولين الذين كانوا يتمتعون بأذن الملك، مما أدى إلى غرفة صدى تركت العديد من الدبلوماسيين السابقين محبطين وقلقين من أنّ المغرب يسير في مسار السياسة الخارجية المقلق “.

كما جددت الطالبة المغربية، التأكيد على أن نظام المخزن سيفقد دعم أقدم وأقوى حليف له، وهو الولايات المتحدة، مشددة على أنّ الأمور بدأت تنحرف عن مسارها بالنسبة للمغرب بعد أن وضعت نفسها في عام 2016 في مرمى نيران الحملة الرئاسية الأمريكية، عندما ورد أنّ الملك محمد السادس تعهد بمبلغ 12 مليون دولار لمؤسسة كلينتون في عام 2015، وهذا ما جعل حملة دونالد ترامب تدرج التقرير الخاص بالموضوع في نقاط حديثها كمثال لمشاركة المرشحة هيلاري كلينتون في “الدفع مقابل اللعب”.

كما تطرق التقرير، إلى تطبيع المملكة المغربية مع الكيان الصهيوني، أين أكد أنّ ترويج المغرب المبالغ للتطبيع مع الكيان يسعى من ورائه إلى تحسين صورته المهتزة أمام حلفائه الغاضبين، والتأكيد لهم على قابليته للتكيف مع الظروف الدولية الجديدة.

واعتبرت كاتبة المقال، أنّ التطبيع ما هو إلا نتيجة لانخراط البلدين منذ فترة طويلة في مجالات التعاون منذ منتصف القرن العشرين، واعتمد المغرب على هذه الصفقة كوسيلة بديلة لجهود الضغط التي يبذلها، ويراهن في مسعاه على الحاخام الصهيوني المغربي يوشياهو يوسف بينتو الذي يقود منظمة عالمية تسمى “موسود شوفا إسرائيل” ويعتبر من أغنى عشرة حاخامين في بلاده، وكان بينتو أدين بتهمة الشروع في الرشوة، مما أدى إلى الحكم عليه بالسجن لمدة عام.

كما أبرزت الرزوقي، أن ترقية بنتو من مدان إلى زعيم حاخامي تأتي  دون أي مساهمة من الجالية اليهودية المغربية رغم توظيفه من طرف نظام المخزن، وهو ما يعتبر فشلا آخر للديبلوماسية المغربية.

وأبرزت كاتبة المقال التحليلي، أنّ المغرب كان دائما قادرا على اجتياز موجات المد المتقلبة للدبلوماسية الدولية، على عكس هذه المرة، حيث وضع نفسه وسط توترات مع حلفائه وتصاعد العدوان مع خصومه بما في ذلك تصعيد العنف مع الجزائر وجبهة البوليساريو، ولهذا فإنّ المغرب يواجه خطر الانزلاق الخطير إلى العزلة والعداء من خلال مقاربته العدوانية للدبلوماسية.

كما لم تنس الطالبة المغربية، التذكير بأنّ المغرب يعيش تدهورا على جميع الأصعدة، حيث قالت: “أنه خسر حلفاءه التقليديين، وسيخسر لاحقا الولايات المتحدة ودعمها المالي والعسكري، وأكثر من ذلك فالمؤشرات الداخلية غير مريحة على الإطلاق، حيث وصل معدل البطالة في البلاد إلى أعلى مستوياته منذ عام 2001 ، وتدهورت حقوق الإنسان وحرية التعبير بسرعة، ويشعر الكثير من الناس بالإحباط من إدارة الدولة للوباء”.

محمد.ك

شارك المقال على :