23 سبتمبر، 2025
ANEP الثلاثاء 23 سبتمبر 2025

إمبراطورية التجسس المغربية: من فضيحة هولندا إلى تواطؤ أوروبا

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
إمبراطورية التجسس المغربية: من فضيحة هولندا إلى تواطؤ أوروبا

انفجرت في هولندا فضيحة مدوية جديدة، بعدما كشفت التحقيقات عن اختراق جهازها الوطني لمكافحة الإرهاب من طرف عميل مرتبط مباشرة بجهاز الاستخبارات الخارجية المغربي (DGED)، يقوده ياسين المنصوري، المقرّب من الملك محمد السادس. القضية أعادت إلى الواجهة صورة “المخزن” كدولة ظل متخصصة في التسلل والتجسس وشراء الذمم داخل أوروبا.

هولندا.. الفضيحة التي فجّرت المستور

العميل المغربي عبد الرحيم م. تمكّن من التغلغل في وكالة الأمن ومكافحة الإرهاب الهولندية، بينما تشير التحقيقات إلى لقاءات متكررة جمعته بالمنصوري نفسه، ما يؤكد أن الاختراق يجري بتوجيه مباشر من أعلى هرم السلطة الأمنية المغربية.

من بيغاسوس إلى هولندا: النمط نفسه يتكرر

القضية ليست الأولى من نوعها، بل تضاف إلى سجل أسود يمتد إلى فضيحة برنامج “بيغاسوس” سنة 2021، حين استعمل المغرب برنامج التجسس الإسرائيلي للتنصت على هواتف رؤساء دول أوروبية وصحفيين ومعارضين. حتى رقم هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان ضمن قائمة الأهداف.

أوروبا الصامتة.. خوف وتواطؤ

رغم جسامة الفضيحة، فضّلت باريس ومدريد التزام الصمت، مبررة ذلك بمصالح استراتيجية تتعلق بالهجرة والتعاون الأمني وملف الصحراء الغربية. صمت يكشف عمق التواطؤ الأوروبي مع المغرب، حتى على حساب القوانين والقيم التي تدّعي هذه العواصم الدفاع عنها.

ماروك غيت.. المال مقابل النفوذ

الفضيحة الهولندية تذكّر كذلك بفضيحة “ماروك غيت” التي ضربت بروكسل، حيث أثبتت التحقيقات أن أموالاً مصدرها الاستخبارات المغربية ضُخت داخل البرلمان الأوروبي، لشراء ذمم نواب ومسؤولين، بهدف تلميع صورة الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية وضمان صفقات تجارية مريبة.

وثائق كولمان: الحقيقة القديمة التي كُشفت باكراً

قبل هذه الفضائح، كان الهاكر المعروف باسم “كريس كولمان” قد سرّب في 2014 مئات الوثائق الرسمية من وزارة الخارجية والمخابرات المغربية، أظهرت كيف عملت الرباط لشراء وسائل الإعلام، اختراق منظمات المجتمع المدني، والتأثير على الجاليات. يومها أنكرت السلطات المغربية، بينما فضّلت أوروبا التجاهل.

أوروبا مسرح عمليات المخزن

من فضيحة بيغاسوس إلى ماروك غيت، وصولاً إلى قضية هولندا، يتضح أن أوروبا بالنسبة للمغرب ليست شريكاً بل ساحة عمليات: مراقبة الجاليات، اختراق المؤسسات، ورشوة السياسيين. واللافت أن هذه الممارسات استمرت في ظل إفلات كامل من العقاب بفضل صمت العواصم الأوروبية.

خطوة هولندية تكسر الجدار

الجديد في الفضيحة الهولندية أن القضاء طلب استدعاء ياسين المنصوري نفسه، في خطوة تعد الأولى من نوعها داخل أوروبا، وقد تمثل بداية لتقويض الحصانة غير المعلنة التي طالما تمتعت بها أجهزة التجسس المغربية.

بين الإفلات والمحاسبة

الخلاصة أن ما يجري اليوم يكشف عن معادلة خطيرة: أوروبا تعرف جيداً أن المغرب تجاوز كل الخطوط الحمراء في ممارساته الاستخباراتية، لكنها تغض الطرف باسم “التعاون الاستراتيجي”. السؤال الذي يفرض نفسه: هل تواصل أوروبا التواطؤ، أم ستواجه أخيراً إمبراطورية التجسس المغربية؟

تهديد مباشر للأمن المغاربي

هذه الفضائح لا تقتصر تداعياتها على أوروبا وحدها، بل تمثل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي في شمال إفريقيا، خصوصاً الجزائر التي تواجه منذ سنوات محاولات مغربية لاختراقها سياسياً وأمنياً عبر شبكات تجسس ودعاية مدعومة إسرائيلياً. فالمخزن الذي جعل من أوروبا ساحة مفتوحة، لن يتردد في زعزعة استقرار جيرانه خدمةً لأجندات توسعية وتحالفات مشبوهة.

رابط دائم : https://dzair.cc/gle0 نسخ