الإعلام بين الرسالة النبيلة ودور الانتلجنسيا..بقلم/ ابراهيم بن عرفة

مروان الشيباني

من المعروف أن الأنتلجنسيا هي نخبة النخبة التي تمارس فكرها انتاجا ونقدا، ضد السلطة عموما ومنذ الأزل تسارع السلطات بكافة أشكالها الردعية والراديكالية، الملكية والتبعية ،الديمقراطية والفيدرالية، إلى فرض نوع من العقد الاجتماعي بينها وبين هاته الطبقات.

فالمثقف دوما يعتبر عاملا في النقد البناء ويدل السلطة على ما غفلت عنه، والعقد الاجتماعي الذي ذكرته آنفا هو محاولة احتواء المثقف داخل أجنحة السلطة فيصبح من علماء السلطان كابن خلدون، فيميل معه كل الميل أو محاولة وضع نخبة بديلة مساندة للسلطة معارضة للآخر ، أو الردع المباشر مثلما وقع للمقريزي وغيره من العلماء على مر التاريخ.

إلا أن هاته المسألة أصبحت ظاهرة للعيان مع وسائل الإعلام اليوم فالدور الذي كان على الإعلام أن يمارسه هو دور الانتلجنسيا المعارضة، حيث يفترض أن ينقل الخبر للعيان كما هو وينبش عن المواطن التي بها خلل في هياكل الدولة قصد لفت الانتباه من قبل الخبراء وأصحاب الاختصاص إلى أن هذا الدور لم يؤدى كما ينبغي، وأصبح الإعلام مجرد صوت وصورة ملونة لا قيمة لها خصوصا في التكنولوجيا الحديثة.

إذا شرحنا الظاهرة لا بد من الاستعانة بأهل العلم ، ربما اقتصر على أسباب بسيطة تجعله رهين ذلك :التكوين الردئ والفاشل والتخبط الذي تمر به الجامعة الجزائرية .فشل الرعيل الأول من إعلاميي عصر الحداثة في نقل خبراتهم وتجاربهم نحو إعلاميي ما بعد بعد الحداثة والتكنولوجية الآنية. ضعف التكوين المنهجي والبيداغوجي لبعض الإعلاميين، المغريات التي تسيل لعاب الإعلاميين من قبل السلطة والتي تجعلهم عبيدا رهينة بيد فئة معينة من أصحاب النفوذ .التركيز على جمع أكبر عدد من مصادر التمويل دونما الإلتفات لجودة ونوعية المعلومات وكذا الملقين وبالتالي تكريس الدور التجاري وهو الطعم الذي وقعت في شراكه أغلبية الأسرة الإعلامية حتى أصبحت شريكا للسلطة خصوصا في المجتمعات العربية كمثال واضح وصريح.

وبالتالي فالدور الحيادي والرسالة النبيلة التي وجدت من أجلها شمعة الصحافة والإعلام، قد حادت عن المسار ولست في الموضع الذي يمكنني من التنظير للخروج من عنق الزجاجة لهاته الأزمة، فعند التمعن والتحليل على ما يحدث اليوم في الساحات الإعلامية يجعلنا نقف موقف المتعجب أهذا الإعلام معنا أم ضدنا، أهو مساند أم معارض للجماهير المتلقية، أقول حتى لا يؤخذ ضدي تفسيري. وهذا نتيجة لما يحدث من تغطية لبعض الأمور التي بلغت حدا من التفاهة بالنسبة لجمهور المتلقين ما يجعلهم يعارضون بشدة نوعية التغطية والبرامج بينما في الحقيقة، وعلى حد اعتقادي تلك التفاهات تحمل أفكارا مزلزلة لقيم ومباديء المجتمع نتيجة للسكوت عنها وتركها في المتناول وما يحدث اليوم في القنوات التلفزيونية خير دليل .

شارك المقال على :