الجزائر تدخل نادي الدول المستوردة للنفايات..بقلم/فريد بغداد

مروان الشيباني

عند مطالعتي لخبر حجز الجمارك ل 17 حاوية محملة بالنفايات، تبادر لذهني و للوهلة الثانية أن الجزائر دخلت نادي الدول المستوردة للقمامة – أجلّكم الله- على غرار السويد التي تستورد القمامة الإسبانية لتشغيل مصانع الرسكلة و التدوير عندها، بعدما تكون قد حولت كل زبالتها إلى شيء ذي قيمة و فائدة، فيصبح من غير المعقول أن تبقى تلك المصانع التي أنفق أصحابها عليها الملايين و تشغل آلافا من العمال و الموظفين و تعول عشرات الآلاف من السكان، عرضة للبطالة و العطالة .

كنت أحسب في تلك اللحظة السريالية أن الجزائر أصبحت فعلا أفضل من السويد كما تنبأ ذات يوم جمال ولد عباس، بل كما جزم و أكد بقوله “الجزائر أحسن من السويد”، لكن بارقة من التفكير اخترقت دماغي الحالم لتقطع عليه هذا التفكير الساذج، الجزائر غارقة في الأوساخ و القاذورات إلى أذنيها، فهي لا تحتاج إلى نفايات من الخارج حتى تشغل مراكز الردم التقني المنتشرة في كل الولايات و المدن، و رغم ذلك لا تجد المادة الأولية التي تحولها إلى أشياء ذات فائدة كما يحصل في السويد الحقيقية و ليس في سويدنا المزيفة.

شوارع ستوكهولم تبرق و تشعل شعيل، لا مكان للأوساخ والقمامة فيها، كل شيء يرمى في تلك المصانع ليصبح في الأخير منتوجا يتم بيعه و تصديره لدول تستورد أشياء ذات قيمة و ليس لدول تستورد قمامة من مالطا و تركيا، أما شوارعنا فتعج بالأوساخ، أوراق، ساشيات، بلاستيك، لي كوش بما حملت من كاكا و نشادر، قرُع وقارورات و قاذورات، في بعض الأحيان و الأحياء تنتشر القمامات العشوائية التي ينشؤها السكان حينما تغيب البلدية و المصالح المعنية في عين المكان عن القيام بدورها؛ كما الفطريات التي تنبت عليها كما الحشرات التي تغزوها، كما الجرذان والقطط و الكلاب التي تثير الحروب على رقعتها.

في الوهلة الأولى كنت أفكر في مصير الألف مليار دولار،يبدو أن مول ال 17كونتونير قد أعطى إجابة واضحة، 300 ألف دولار نفايات من مالطا و تركيا، 500 ألف دولار تراب، 600 ألف نشارة خشب، 200 ألف مسامير مصديين، 400 ألف سلعة محجوزة حتى فسدت في الميناء جراء الإجراءات البيروقراطية، 100 ألف صاحبها رفض دفع الرشوة لشحن بضاعته، 701 كيلوغرام كوكايين مخباة بين 70 ألف لادولار من كراطين اللحم كونجلي التي أصبحت عفنة، هكذا تم صرف جزء هام من الألف مليار سادتي الكرام.

لو أن كل مدير أو رئيس مصلحة أو أي عون بسيط في مصالح الجمارك تم ترقيته عند قيامه بإحباط عملية تجارية فاسدة، تستهدف الربح السريع على حساب الوطن و الشعب و الاقتصاد، لأصبحنا فعلا في مصاف الدول المستوردة للنفايات مثل السويد و أخواتها، لأصبح الفساد عندها في الزاوية و الهامش، و لم يعد كالغول الذي يجري في الشوارع ليلتهم أي جزائري قد يصادفه أمامه.

للأسف في الغالب يحال هؤلاء على التقاعد أو يتم تحويلهم إلى أماكن بعيدة عن بؤر الفساد أين تنتعش الصفقات المشبوهة حتى لا تطالها أيديهم فيفسدوا على الفاسدين فسادهم، و لا يعكروا صفو المسؤولين الذين لا يريدون للفضائح أن تظهر هكذا فجأة فتقلل من قيمة إنجازاتهم السياسية و التنموية و تجعل المواطنين يتساءلون عن الحجم الحقيقي الذي يتم استيراده من الزبالة و نشارة الخشب و التراب و الحصى ، و مقدار المبالغ من العملة الصعبة التي تخرج من بنوكنا إلى بنوك ما وراءالبحر الأبيض المتوسط.    

شارك المقال على :