الأربعاء 06 أوت 2025
إعلان
ANEP PN2500006

الجزائر تعبّد طريق الطموح الإفريقي… بقلم وزير الاتصال محمد مزيان

نُشر في:
بقلم: وزير الاتصال الدكتور محمد مزيان
الجزائر تعبّد طريق الطموح الإفريقي… بقلم وزير الاتصال محمد مزيان

من 4 إلى 10 سبتمبر، تتحول العاصمة الجزائرية إلى مركز حيوي للتجارة الإفريقية، فالطبعة الرابعة من المعرض التجاري الإفريقي البيني(IATF) ، ليست مجرد حدث اقتصادي عابر، وإنما هي تجسيد طموح قاري تلتزم به الجزائر..*

بقلم: محمد مزيان
وزير الاتصال

“عمل استشرافي ورصد تحليلي”.. هكذا وُصف الجهد الكبير الذي تم إنجازه، عقب مشاورات تناولت تقييم الوضع الراهن والتوصيات الخاصة بالمرحلة الجديدة من تكثيف التحضيرات للنسخة الرابعة من المعرض التجاري الإفريقي البيني، المقرر تنظيمه من 4 إلى 10 سبتمبر المقبل بالجزائر العاصمة. وهو حدث يتجاوز بكثير حدود مجرد تظاهرة اقتصادية، وإنما يشكّل محطة استراتيجية في مسار التكامل الإفريقي.

في سياق دائم التحوّل، حيث تعاد صياغة التوازنات والرهانات التي تشكّل أولويات إفريقيا، يأتي تنظيم هذا المعرض بالجزائر كمشروع واسع النطاق، ولحظة مفصلية في مسار القارة، وهو يشكّل فرصة فريدة للجزائر لإبراز قدرتها على الجمع بين الطموحات الاقتصادية، والخبرة اللوجستية، والدبلوماسية الاستباقية.

ويُعدّ معرض IATF 2025 فرصة استراتيجية للجزائر، من أجل ترسيخ مكانتها داخل الفضاء الاقتصادي الإفريقي، وتقديم صورة متجددة عن إمكاناتها الإنتاجية، ويهدف الحدث إلى الارتقاء بالتعاون الإفريقي البيني إلى مستوى بنيوي، وتحقيق آثار ملموسة في ترقية المبادلات التجارية، وتعزيز اندماج البلاد في الديناميكية الاقتصادية القارية، ومع هذا، تبقى هذه التظاهرة القارية متجاوزة لإطار معرض تجاري، إذ تمثل لحظة استراتيجية في التوصل إلى تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف)، وتُوفّر للجزائر نافذة فريدة لإبراز قدراتها التصديرية.

إن الالتزام السياسي المحيط بهذا الحدث، يعكس رغبة السلطات الجزائرية في جعل المعرض التجاري الإفريقي البيني (IATF) نجاحًا هيكليّا يخدم الاندماج الإقليمي. بعيدًا عن مجرد تحقيق الحضور والظهور، فالهدف يتمثل في تحويل التظاهرة إلى رافعة حقيقية لتنويع الاقتصاد بشكل مستدام، وإعادة التموقع الاستراتيجي على مستوى القارة.

وتندرج هذه الديناميكية ضمن استمرارية الالتزام التاريخي للجزائر تجاه القارة الإفريقية. فمنذ الاستقلال، كانت الجزائر حاضرة بدعمها لحركات التحرر الوطني، وبمواقفها الدبلوماسية الثابتة دفاعًا عن القضايا القارية.. هذا الدور الريادي يُفسر إلى حد كبير انتخاب الجزائر لرئاسة عدة هيئات تابعة للاتحاد الإفريقي، ويعزز من شرعية اختيارها كبلد مضيف لهذا الحدث الكبير الذي يحظى باهتمام واسع من قبل المستثمرين والخبراء الاقتصاديين الأفارقة.

“تسخير كل الوسائل بما يتماشى مع طموح الجزائر الإفريقي”.. هو الشعار الذي تتبناه الجزائر للدفاع عن صورتها ونفوذها، ويمنحها القدرات الأساسية التي تسمح لها بالبروز في عدة مجالات لا سيما في الفضاءات، والخدمات اللوجستية، والإجراءات الإدارية، والبروتوكول، والتمويل، والجمارك، والنقل، والإيواء، والسياحة، وكذلك الاتصال والتسويق.

إن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الوفيّ لهذا التوجه الإفريقي للجزائر، ما فتئ يعمل من أجل تعزيز التقارب السياسي بين الدول الإفريقية، من خلال نظرة ترتكز على التضامن الفعّال، والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، والأهم من ذلك إطلاق رؤية اقتصادية واضحة تقوم على تحريك القدرات الذاتية للقارة، وتستند إلى تنشيط التجارة البينية الإفريقية، وشعار “إفريقيا للأفارقة”، الذي شكّل أحد ركائز الفكر الوحدوي الإفريقي منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، انطلق من الجزائر، وليس من باب الصدفة أن يُبنى اليوم مشروع النهضة الاقتصادية للقارة، على نفس الأرض التي شهدت كفاح التحرر ومقاومة الاستعمار.

إن الاستراتيجية التي يعتمدها الرئيس تبون تقوم على رؤية بعيدة المدى: تنويع الاقتصاد الوطني، تعميق الشراكات الإفريقية، وقطع الطريق أمام أنماط العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة.. وهذه المقاربة الطموحة تجد تجسيدها العملي اليوم في تنظيم هذا المعرض الإفريقي الذي يعتبره العديد من الخبراء رافعة أساسية لترقية المبادلات التجارية داخل القارة، إلى مستوى سوق تُقدَّر قيمتها بأكثر من 3000 مليار دولار.

وتحسبا لهذا الموعد الهام، تسخّر الجزائر جميع إمكاناتها لإنجاح هذه التظاهرة، وجعلها محطة مرجعية، ومنعطفًا استراتيجيًا في انطلاقتها الاقتصادية الإفريقية، بما يلبي تطلعات شعوب القارة، ويترجم – على الأرض – رؤيتها لمستقبل مشترك، قائم على روابط تجارية قوية ودائمة.

لن يكون الرابع من سبتمبر المقبل، مجرد حدث اقتصادي، ولا مناسبة دبلوماسية رمزية، فالجزائر ستجسّد فيه إرادة مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي، تدعمها إرادة سياسية عبّر عنها بشكل صريح السيد أولوسيغون أوباسانغ، الرئيس الأسبق لجمهورية نيجيريا، وعلى مدار أسبوع كامل، ستستعيد الجزائر دورها كعاصمة إفريقية محمّلة بزخم تاريخي عميق يستحضر أمجاد ماض قريب، صاغته الآمال الإفريقية.

وفي وقت تبحث إفريقيا عن معالم جديدة، تأتي الطبعة الرابعة للمعرض التجاري الإفريقي البيني، بالجزائر، لتكون نموذجًا للتبادل، والطموح، والتكامل القاري..

رابط دائم : https://dzair.cc/lhb4 نسخ