الأربعاء 19 نوفمبر 2025

الجزائر تُسقط “فقاعة الصلح” المخزنية: لا مفاوضات ولا سلام مزعوم فقط دعاية تبحث عن انتصار وهمي

نُشر في:
الجزائر تُسقط “فقاعة الصلح” المخزنية: لا مفاوضات ولا سلام مزعوم فقط دعاية تبحث عن انتصار وهمي

لم تنتظر الجزائر طويلاً لتفجير بالون الاختلاق الذي ظلّ إعلام المخزن ينفخ فيه منذ أسابيع. فبعد أن روّجت وسائل إعلام مقرّبة من السلطة في الرباط لما سُمّي بـ“اتفاق سلام تاريخي قريب بين المغرب والجزائر”، جاءت التصريحات الرسمية من أعلى مستوى دبلوماسي جزائري لتضع حدّاً للمسرحية: لا مفاوضات، لا تقارب، ولا حتى اتصال مباشر بين البلدين.

وزير الخارجية أحمد عطاف، وبلهجة لا تحتمل التأويل، قال في ندوة صحفية إنّه تفاجأ من تصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، الذي زعم أن واشنطن “تعمل على اتفاق سلام بين البلدين خلال 60 يوماً”. عطاف أوضح أن المسؤول الأمريكي خلط بين النقاشات المرتبطة بملف الصحراء الغربية وبين العلاقات الثنائية، وأن الجزائر ليست طرفاً في أي مبادرة حوارية مع الرباط.

بهذا التصريح، انهار ما حاول إعلام المخزن تسويقه للرأي العام كـ“انتصار دبلوماسي جديد” و“تطبيع مغاربي مرتقب”، وهي سردية اشتغلت عليها منابر دعائية لتقديم خطوة لم تحدث أصلاً على أنها نتيجة لانتصارات دبلوماسية مفترضة في ملف الصحراء.

“انتصار” بالتصوّر فقط.. وهزيمة في الواقع

منابر المخزن سارعت خلال الأسابيع الماضية إلى نشر مقالات وتحليلات تتحدث عن “ضغوط أمريكية” و“رغبة جزائرية في مراجعة القطيعة”، بل وصل بعضها إلى الحديث عن “انفراج تاريخي” و“عودة العلاقات قريباً”، لكن الرد الجزائري الرسمي جاء ليكشف الحقيقة: كل ما تم تداوله لم يكن سوى فرقعة إعلامية بلا أساس سياسي.

الرباط حاولت توظيف تصريحات عابرة لمسؤول أمريكي—ليست له الصفة الرسمية التي تخوّله إطلاق مثل تلك الوعود—من أجل صناعة صورة مفادها أن الجزائر بصدد مراجعة موقفها، وأن “مبادرات الملك تلقى قبولاً”، لكن واقع الحال كان عكس ذلك تماماً.

الجزائر: ملف الصحراء شيء.. والعلاقات مع المغرب شيء آخر

في خطابها الدبلوماسي، فرّقت الجزائر بوضوح بين مسارين: ملف الصحراء الغربية، والذي تعتبره قضية تصفية استعمار يحدده القانون الدولي، وبين العلاقات مع المغرب، التي تقول إنها قُطعت بسبب “أفعال عدائية” وليست مرتبطة بملف النزاع ذاته.

وبالتالي، فاستعمال إعلام المخزن لتصريحات ويتكوف من أجل إظهار الجزائر كطرف يسعى للصلح كان محاولة التفاف على الحقائق، انتهت بصفعة رسمية.

دعوة الملك… وغياب الجزائر عن التصويت

روّج الإعلام المخزني أيضاً لدعوة الملك محمد السادس لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى “حوار أخوي صادق” باعتبارها مؤشراً على تقارب وشيك، لكن الجزائر تجاهلت هذا الطرح ولم تعلّق عليه، بل غابت عن جلسة التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء الغربية، الأمر الذي فُهم جزائرياً على أنه استمرار في نهج التحفظ والرفض الحذر.

الإعلام الدعائي.. حين يتحول من الخبر إلى الرغبة

إنّ ما حدث خلال الأسابيع الماضية يكشف مرة أخرى عن فجوة هائلة بين إعلام المخزن والواقع، فبدل نقل الوقائع، فضّلت كثير من المنابر تصوير رغبات الرباط كحقائق، ومحاولة فرض قراءة متفائلة قسرية على ملفٍ يعتبر من أعقد الملفات في المنطقة المغاربية.

أما الآن، وبعد النفي الصريح من الجزائر، فلا يبقى أمام تلك المنابر سوى الإقرار بأن الحقيقة لا تُصنع بالمانشيتات الكاذبة والبروباغندا الزائفة، ولا العلاقات الدولية تُدار عبر البلاغات الدعائية.

رابط دائم : https://dzair.cc/bggk نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015