23 أغسطس، 2025
ANEP السبت 23 أوت 2025

«الحرقة» تغري المغاربة الباحثين عن فرص عمل تنتشلهم من الأوضاع الصعبة رغم تشديد الرقابة الأمنية

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
«الحرقة» تغري المغاربة الباحثين عن فرص عمل تنتشلهم من الأوضاع الصعبة رغم تشديد الرقابة الأمنية

على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في مدينة الفنيدق المغربية قرب منطقة باب سبتة، وعلى مسافة بضعة كيلومترات فقط من الحدود الإسبانية، يقف خالد، شاب مغربي يعيش حالة من التفكير العميق بشأن الهجرة، بحثاً عن فرصة لتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية.

ورغم إحباطه من الظروف الراهنة، ينتظر خالد وقتًا أفضل لتأمين المال اللازم لشراء تذكرة سفر والحصول على تأشيرة دخول إلى إسبانيا، إذ يخشى المجازفة بحياته عبر الهجرة غير الشرعية. هذا الخيار قد يودي به إلى السجن بسبب الإجراءات الأمنية الصارمة التي تنفذها سلطات المخزن في مواجهة تلك المحاولات.

وفي هذا السياق، عززت السلطات المغربية دورياتها البحرية لاعتراض مهاجرين غير شرعيين وسط البحر، حيث يتم إبعادهم بحافلات إلى مناطق بعيدة وتحرير محاضر بحقهم لدى الجهات المختصة. وفي المقابل، تنسق السلطات الإسبانية مع الجانب المغربي لإعادة عشرات المهاجرين البالغين إلى مدينة الفنيدق في الأسابيع الأخيرة، بينما يتم نقل القاصرين إلى مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين.

ويعبر خالد عن إحباطه قائلاً إنه والكثير من الشباب يعانون من ظروف اجتماعية صعبة بسبب نقص الفرص المتاحة وإغلاق العديد من المصانع في المنطقة. إذ يصف الهجرة بأنها أصبحت القناعة الوحيدة لدى الكثيرين ممن سبقوه في السعي نحو أوروبا بحثاً عن حياة أفضل. العام الماضي شهد إحباط السلطات المغربية محاولات هجرة غير شرعية لمئات الشباب المغاربة عبر الفنيدق، وهو توجه بات يشمل بشكل متزايد مواطنين مغاربة، وليس فقط مهاجرين قادمين من دول جنوب الصحراء.

من جانبه، يرى ياسين بليونش، عضو هيئة الإنصاف وتكافؤ الفرص ببلدية الفنيدق، أن الإجراءات الأمنية وحدها غير كافية لمنع الهجرة غير الشرعية. ويدعو إلى بذل مزيد من الجهود لتحسين أوضاع الشباب الاقتصادية والاجتماعية، ومعالجة جذور المشكلة بدلاً من الاكتفاء بمواجهتها. كما يشير أيضاً إلى غياب استهداف المنطقة بسياسات اقتصادية فعالة ضمن البرامج الحكومية، وهو ما يزيد من تفاقم الأوضاع.

محمد بن منصور، عضو بلدية وادلاو بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يؤكد وجود مشكلات اجتماعية خطرة ناجمة عن تدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء. ويوضح أنه يجب على المغرب ألا يتحمل دور الشرطي في هذه القضية دون الحصول على دعم كافٍ من الطرف الآخر.

epa11608330 Moroccan auxiliary forces deployed near a customs checkpoint along the land border with the Spanish enclave of Ceuta, in Fnideq, northern Morocco, 16 September 2024. Hundreds of migrants on 15 September stormed a barbed wire fence to cross the land border from Fnideq to Ceuta, following a call on social media for a mass migration attempt, authorities said. According to Spanish police, they were all prevented from entering following a large deployment of security forces on both sides of the border. EPA/JALAL MORCHIDI

وفي العام الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المغربية إحباط أكثر من 78 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية، موضحة أن 58 في المائة من المهاجرين الأجانب غير الشرعيين يتحدرون من بلدان غرب أفريقيا، و9 في المائة من دول شرق ووسط أفريقيا.

وأوضحت، في بيان صادر في يناير الماضي، أنه تم تسجيل 14 عملية اقتحام، ومحاولة اقتحام في محيط سبتة ومليلية خلال عام 2024، شارك فيها أكثر من 4290 مهاجراً، مشيرة إلى أنه خلال العام الماضي أيضاً تم إنقاذ أكثر من 18 ألف مهاجر غير شرعي في عرض البحر، حيث تلقوا المساعدة الطبية والإيواء والتوجيه.

ودعت الحكومة المغربية إلى «مكافحة شاملة وفعالة للهجرة غير الشرعية، مع تنسيق محكم بين جميع البلدان الشريكة، خاصة من قبل بلدان غرب أفريقيا وإسبانيا، لمواجهة مشتركة لكل التحديات التي يطرحها ملف الهجرة غير الشرعية».

وقال تاج الدين الحسيني، المحامي والخبير في العلاقات الدولية: «علاقتنا مع أوروبا تدخل في إطار هذا المد والجزر في عمليات الهجرة، خاصة القادمة من بلدان جنوب الصحراء وأفريقيا الغربية»، مضيفاً أنه «إذا كان للمغرب القدرة على تسخير إمكانياته الهائلة لقمع هذه الهجرات، والحيلولة دون وصولها إلى أوروبا، فهي إمكانيات محدودة».

وأعلنت الحكومة الإسبانية مطلع العام الجاري عن تخصيص 2.5 مليون يورو لدعم قدرات السلطات المغربية في مجال مراقبة الحدود، ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر.

رابط دائم : https://dzair.cc/rl40 نسخ