السبت 15 نوفمبر 2025

الخائن المرتزق بوعلام صنصال.. بأي انتصار يعِدُ فرنسا وقد خسرت كل معاركها مع الجزائر؟/ بقلم: معمر قاني

تم التحديث في:
بقلم: معمر قاني
الخائن المرتزق بوعلام صنصال.. بأي انتصار يعِدُ فرنسا وقد خسرت كل معاركها مع الجزائر؟/ بقلم: معمر قاني

«صباح الخير فرنسا، لقد عدت. سننتصر».
بهذه العبارة التي بعث بها بوعلام صنصال فور وصوله إلى ألمانيا، إلى صديقه في المهنة القذرة، كمال داود، فتح هذا الخائن والعميل المرتزق، الجزائري للأسف، مرة أخرى الباب أمام أسئلة موجعة ومحزنة حول معنى الولاء، وحدود الحرية، ومفهوم النضال حين يتحول إلى نشاط في صفوف مستعمر الأمس.

لكن السؤال الأعمق والأكثر إثارة للسخرية هو: على ماذا سينتصر صنصال؟ وبأي أدوات؟ وفي أي معركة تحديدًا؟

فرنسا نفسها ـ التي عاد إلى أحضانها مزهوًّا ـ أقرت أكثر من مرّة بأنها فقدت نفوذها التقليدي في إفريقيا، وخسرت معاركها الدبلوماسية والاقتصادية أمام الجزائر ودول أخرى صاعدة، فكيف يعد بوعلام صنصال بـ”نصر” وهمي لا تملك فرنسا اليوم أدوات تحقيقه؟

صنصال وكمال داود: من الأدب إلى لعب دور “الأداة”

لقد اختار كل من بوعلام صنصال وكمال داود منذ سنوات الاصطفاف في خندق خطاب استعلائي يتبنى نظرة باريسية كلاسيكية تجاه الجزائر: نظرة تعتبر الجزائر «متمرّدة»، «غير ممتنّة»، و«تحتاج إلى تهذيب سياسي».
بدل أن يكون الكاتبان صوتًا لمجتمعهما، صارا ـ بكل أسف ـ أصواتًا تصدّر إلى فرنسا ما تحبّ سماعه عن الجزائر.

هذه ليست “معارضة” ولا “تفكيرًا نقديًا” كما يحاول صنصال وكمال داود أن يُروّجا لنشاطهما الخسيس وسط السّذج والمغرّر بهم، هذا تحوّل إلى أدوات ابتزاز واستفزاز ضدّ الوطن ولصالح دولة أجنبية، ودائمًا الدولة ذاتها التي كانت تستعمر الجزائر وتحاول اليوم استعادة نفوذها بالثقافة حين فشلت في الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية، فأين “النصر” في ذلك؟

الجزائر مثلما قالها الرئيس تبون “لا تركع”: أمثلة حيّة من دبلوماسية الندية

حين طالب سياسيون وإعلاميون في باريس بالإفراج السريع عن صنصال، قضى الرجل عامًا كاملًا في السجن بعد أن بتّ القضاء الجزائري في قضيته وأصدر بحقه حكما بخمس سنوات سجن.
لم تتعامل الجزائر مع الملف كـ”مبايعة” لفرنسا، بل كقضية سيادية بحتة، وهذا بحد ذاته رسالة: الجزائر لا تتلقى الأوامر من أحد.

وحين حاولت فرنسا فرض ملف الترحيل القسري للمهاجرين غير الشرعيين (الحراڤة)، وصلت الطائرة إلى الجزائر محمّلة بأسماء مفروضة من باريس، فكان الرد واضحًا:
رفض الدخول، وإعادة الطائرة بركابها إلى فرنسا، إنها لحظة دبلوماسية لم يكن يمكن تخيّلها قبل سنوات، وتختصر التحول العميق في السياسة الخارجية الجزائرية في عهد الرئيس تبون.

ثم جاءت قضية القنصلين الجزائريين في باريس اللذين تعرّضا لسوء معاملة وإجراءات مهينة، وكانت الجزائر قادرة على “البلع والصمت”، لكنها اختارت ما يليق بدولة ذات سيادة:
طرد دبلوماسيين فرنسيين، وإشهار سياسة الندية من خلال ، وإرسال رسالة بأن زمن المعاملة التفضيلية لفرنسا قد انتهى.

ففي مارس 2025، طالبت الجزائر بإعادة النظر في الاتفاقيات التي تسمح لفرنسا باستخدام نحو 60 عقاراً في الجزائر العاصمة بأسعار إيجار رمزية، وذلك بعد أن كانت باريس تتجاهل هذا الموضوع لفترة طويلة، كما قررت الجزائر تقليص مساحة مقر إقامة السفير الفرنسي في الجزائر العاصمة من أربعة هكتارات إلى هكتار واحد، رداً على مضايقات تعرضت لها إقامة السفير الجزائري في باريس، وفي أغسطس 2025، ردت الجزائر بالمثل وبكلّ ندية، بشكل قاطع على إجراءات فرنسية تتعلق بدخول الدبلوماسيين الجزائريين إلى مناطق الحقائب الدبلوماسية في المطارات الفرنسية.

الهزائم الفرنسية في مالي وليبيا: انتصار الجزائر الصامت

في الساحل، حاولت باريس عزل الجزائر وإحلال نفسها كقوة مركزية في إدارة الملف الأمني، لكن النتيجة كانت انسحاب فرنسا من مالي وطرد جنودها و انكسار استراتيجيتها، وصعود الجزائر كطرف محوري يُستشار ويُعاد إليه الملف بعد فشل المقاربات العسكرية الفرنسية.

وفي ليبيا، كانت باريس تراهن على هندسة حكومة على مقاس مصالحها، لكن الجزائر هي من فرضت الخط الأحمر بعد أن أصبحت حدودها مهدّدة، وهي من أعادت النقاش إلى حلّ سياسي شامل بدل تقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ.

وفي الاقتصاد، دفعت الشركات الفرنسية التي – لطالما ظلت معتقدة أنها تمتلك “إقامة دائمة” في الجزائر- ثمن مرحلة جديدة من السيادة الاقتصادية، حيث وُضعت بعضها في القائمة السوداء بسبب الفساد أو الإخلال بالتزاماتها.

فأي “انتصار” بقي لفرنسا كي يعد به صنصال صديقه في حرفة الارتزاق كمال داود؟

إطلاق سراح صنصال ليس عفوًا… بل خطوة إنسانية

خروج بوعلام صنصال ليس تسليمًا لفرنسا، ولا انحناءً أمام ضغط خارجي، بل لم يُلبَّ الطلب الفرنسي أصلاً، الإفراج جاء بناءً على طلب من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، وفي إطار إنساني واسع ينسجم مع سياسة جزائرية جديدة أكثر نضجًا وهدوءًا، توازن بين مصالحها الحيوية ولا تضع قراراتها في موضع الجمود، بل إنها تراجع خياراتها دون أن تخلّ بمبادئها لتحافظ على علاقات حيوية متعددة تضمن لها الاستقرار وصون سيادتها، فالسياسة الخارجية الرصينة لا تبنى على الانغلاق والتشبث بالقرارات دون النظر في ميزان المصالح.

الإفراج عن هذا العميل الخائن لا يعني، ولن يعني، أن الجزائر “سامحت” و “عفت” عن ما قاله الرجل، أو نسيت خطابه العدائي أو ارتباطه بمنابر تعمل ضدّ مصالحها وإشادته بمواقف المخزن من التاريخ والجغرافيا المغاربيين، إنه ببساطة تصرّف دولة قوية تثق في نفسها، ولا تخشى أحدًا، ولا تدخل في سجالات صغيرة مع من اختار أن يكون بوقًا لغيره. صنصال سيظلّ في ألمانيا ولن ينتقل إلى فرنسا، فليس معنى أن الرئيس تبون استجاب لطلب الرئيس الألماني في إطار “حالة إنسانية”، فإنّ ذلك يعني أنه بوسعه أن يسرح ويمرح في أوروبا كما يحلو له، أو يدخل الأراضي الفرنسية كما يرغب، بل ستظلّ حركته مقيّدة وتصريحاته ضدّ المصالح الجزائرية مجدّدا خطّ أحمر لا يمكنه تجاوزه، فألمانيا تدرك هذا جيّدا وتعلم أنه من الأعراف الدولية التي يجب احترامها، وستلقّن صنصال مقتضياته جيّداً وإلا فإنّه ستكون في حرج أمام الجزائر.

من ينتصر فعلاً؟

ما يزعج بعض النخب الفرنكوفونية ـ التي ضاقت بها جزائر اليوم لأنها لم تعد تشبه جزائر الأمس التي كانت تتوافق مع طموحاتهم ـ هو أن البلاد أصبحت صاحبة قرار، واثقة، متماسكة، لا تُدار من الخارج ولا تستجدي الشرعية من باريس.

على هؤلاء، ومِن ورائهم صنصال وداود، أن يدركوا جيّداً أن الجزائر انتصرت على فرنسا في: فرض السيادة في ملفات الترحيل، وفي إعادة رسم قواعد التعامل الدبلوماسي، وفي قلب المعادلة الأمنية في الساحل، وفي تغيير موازين النفوذ في ليبيا، وفي تقليص الهيمنة الاقتصادية الفرنسية، وأيضاً في فرض احترام الندية في كل المحافل.

فمن المنتصر إذن؟ الجزائر، بطبيعة الحال. أما بوعلام صنصال، فإن أكبر هزيمة يمكن أن يعيشها الكاتب المأجور هي أن يرى وطنه ينتصر.. دون أن يكون في صفّه، وفي النهاية هو من اختار الخندق الخطأ الذي يتمترس فيه، وخيانة الوطن لم تكن في يوم من الأيام سوى هزيمة نكراء، فكيف سيكون منتصرا من رضي بارتداء هوية الأعداء وحمل أسلحتهم وتوجيهها في صدور أبناء الوطن.

رابط دائم : https://dzair.cc/fzn5 نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015