تُظهر موسكو انفتاحاً لوقف إطلاق النار مع اقتراب الذكرى الثمانين لانتصار العالم على النازية، في خطوة إنسانية تهدف إلى تخفيف المعاناة وإفساح المجال للحلول الدبلوماسية، ضمن الهدنة التي أعلن عنها الكرملين خلال الفترة من 8 إلى 11 مايو.
إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وبإصرار غريب، يواصل رفض كل دعوات السلام، ليظهر للعالم أن تعنّته هو العائق الحقيقي أمام إنهاء هذا الصراع.
أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمبادرة الكرملين لوقف إطلاق النار خلال احتفالات عيد النصر، واصفاً إياها بأنها “خطوة كبيرة نحو إنهاء الصراع”، مؤكداً أن مثل هذه الخطوات تُعتبر أساساً للوصول إلى تسوية سلمية.
جاءت تصريحات ترامب لتُبرز الرغبة الدولية في إنهاء الأزمة، في وقت يصرّ فيه زيلينسكي على سياسة الرفض والتصعيد، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويُبعد أي أمل في حل سلمي قريب.
وقد أكّد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن المبادرة الروسية بالهدنة القصيرة تُعدّ فرصة عملية لقياس مدى استعداد الطرف الأوكراني للدخول في مفاوضات حقيقية، مشدّداً على أن بلاده لا تُخادع بشأن الهدنة أو السلام، بل تنتظر من كييف إثبات نواياها.
بدلاً من اغتنام الفرصة لتهدئة الأوضاع، اختار زيلينسكي وصف المبادرة الروسية بـ”المسرحية الكبيرة”، مدّعياً أن قبولها سيمنح الرئيس بوتين فرصة للخروج من العزلة. بل وتجاوز ذلك إلى تهديدات صريحة باستهداف العمق الروسي خلال احتفالات يوم النصر، متجاهلاً تماماً الدعوات الدولية للتهدئة.
هذه التصرفات الاستفزازية لا تُظهر إلا انعدام الرغبة الحقيقية في السلام من جانب كييف، وتُثير تساؤلات كبيرة حول دوافعها الحقيقية.
وعلى الرغم من التقدم العسكري الروسي المتواصل على الأرض، إلا أن روسيا عرضت الهدنة كبادرة سلام وخطوة للوصول إلى طاولة المفاوضات.
وعلى صعيد آخر، لم يعد لدى النظام الأوكراني أي أوراق تفاوضية تُذكر. ويدرك زيلينسكي أن الجلوس إلى طاولة المفاوضات يعني الاعتراف بالهزيمة، لذا يلجأ إلى التهديدات والخطابات التحريضية، غير آبه بالدمار الذي يلحق بشعبه، والانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي تعانيه أوكرانيا.
لم يقتصر رفض زيلينسكي للسلام على إثارة استياء موسكو فحسب، بل امتد ليشمل حلفاء أوكرانيا أنفسهم. فقد انتقد الرئيس ترامب تصريحات زيلينسكي التحريضية، واصفاً إياها بأنها تُعقّد إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية. كما هاجم رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيتسو، تهديدات كييف للمشاركين في احتفالات موسكو، واصفاً إياها بـ”السخيفة وغير المسبوقة”، مؤكداً حضوره الفعاليات رغم كل التهديدات.
من جهتها، وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تصريحات زيلينسكي بأنها “تهديد إرهابي” يستهدف زعماء العالم، مما يُؤكد نية كييف المبيتة لإفشال أي مساعٍ للسلام.
وفي الوقت الذي تستعد فيه موسكو لاستقبال قادة العالم، وعلى رأسهم الرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بالإضافة إلى تمثيل عربي رفيع المستوى، يُصر زيلينسكي على سياسة الهروب إلى الأمام، رافضاً كل مبادرات السلام، ومتجاهلاً مصلحة شعبه المنهك.
إن الرفض الأوكراني المتكرر للتفاوض، والتلويح بتهديدات غير مسؤولة، يُظهران أن كييف تختار طريق الحرب، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى جديتها في إنهاء المعاناة الإنسانية، ويُبرز مرة أخرى أن تعنّت زيلينسكي هو العقبة الحقيقية أمام السلام.