الرئيس تبون في سلوفينيا… خارطة طريق نحو تعاون استراتيجي

بدأ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اليوم الاثنين، زيارة رسمية إلى جمهورية سلوفينيا، تلبيةً لدعوة من رئيسة الجمهورية السلوفينية ناتاشا بيرتس موسار.

وتُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى دولة من دول أوروبا الشرقية منذ عقود، مما يعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الخارجية الجزائرية نحو تنويع الشراكات الدولية، خاصة مع دول وسط وشرق أوروبا.

الأبعاد الاقتصادية: الطاقة في صدارة التعاون

تأتي هذه الزيارة في سياق تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وسلوفينيا، حيث تُعتبر الجزائر من أهم مزودي سلوفينيا بالطاقة.

في نوفمبر 2023، وقعت الجزائر وسلوفينيا اتفاقاً لضخ إمدادات غاز تقدر بنحو 300 مليون متر مكعب سنوياً عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائر بإيطاليا.

كما وقعت شركة سوناطراك في مايو 2024 اتفاقاً مع الشركة السلوفينية “جيوبلين” لزيادة كميات الغاز الطبيعي المصدرة إلى سلوفينيا، مما يساعد الأخيرة والمجر في تقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية.

البعد السياسي والدبلوماسي: تطابق في المواقف الدولية

على الصعيد السياسي، تشهد العلاقات الجزائرية السلوفينية تقارباً ملحوظاً، خاصة في المواقف الدولية، كلا البلدين يتبنيان مواقف متطابقة في مجلس الأمن بشأن قضايا مثل العدوان الصهيوني على قطاع غزة، حيث يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار.

كما أن سلوفينيا من بين الدول التي تعترف باستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية، مما يعزز من التقارب السياسي بين البلدين.

إعادة إحياء العلاقات التاريخية مع أوروبا الشرقية

تُعتبر هذه الزيارة جزءاً من استراتيجية الجزائر لإعادة إحياء العلاقات مع دول أوروبا الشرقية، التي كانت تربطها بالجزائر علاقات قوية خلال فترة ما بعد الاستقلال.

ففي الفترة الأخيرة، أبدت الجزائر اهتماماً متزايداً بتعزيز العلاقات مع دول مثل صربيا والمجر والتشيك، في محاولة لاستعادة الروابط التاريخية والسياسية التي جمعتها بهذه الدول.

آفاق مستقبلية: نحو شراكة استراتيجية شاملة

من المتوقع أن تفتح هذه الزيارة آفاقاً جديدة للتعاون بين الجزائر وسلوفينيا في مجالات متعددة، تشمل الطاقة، التكنولوجيا، والمؤسسات الناشئة.

كما قد تسهم في تعزيز مكانة الجزائر كشريك استراتيجي في أوروبا، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة والحاجة الأوروبية لتنويع مصادر الطاقة.

في الختام، تُعد زيارة الرئيس تبون إلى سلوفينيا خطوة استراتيجية نحو تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع نطاق التعاون بين الجزائر ودول أوروبا الشرقية، مما يعكس رؤية الجزائر الطموحة في السياسة الخارجية والاقتصاد.