الأربعاء 23 جويلية 2025

الرئيس تبون يشرع في زيارة رسمية إلى إيطاليا لتعزيز الشراكة الاقتصادية وتمتين العلاقات الاستراتيجية بين البلدين

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
الرئيس تبون يشرع في زيارة رسمية إلى إيطاليا لتعزيز الشراكة الاقتصادية وتمتين العلاقات الاستراتيجية بين البلدين

حلّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء أمس الثلاثاء، بالعاصمة الإيطالية روما على رأس وفد رفيع المستوى ضمن زيارة رسمية تهدف إلى تقوية روابط الصداقة وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مجموعة من القطاعات الحيوية، وتأتي هذه الزيارة في توقيت يشهد فيه اقتصاد الجزائر توجهاً متزايداً نحو تنويع الشراكات، بعيداً عن الفضاء الأوروبي التقليدي.

وتشهد القمة الخامسة رفيعة المستوى بين الجزائر وإيطاليا، التي تعقد اليوم الأربعاء، وفق مصادر رسمية، توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الصناعة، الزراعة، الصحة، التكنولوجيا والتدريب المهني، في ظل سعي مشترك لإرساء نموذج شراكة إنتاجية يخلق قيمة مضافة للطرفين، ويتجاوز نمط المبادلات التجارية الخام.

برنامج مكثف لرئيس الجمهورية خلال زيارته الرسمية

تُبرز الزيارة الرسمية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى إيطاليا جدول أعمال مكثف يعكس عمق علاقات الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، بالإضافة إلى حرصهما المشترك على تعزيز ديناميكية التعاون في مختلف المجالات.

وفي إطار برنامج هذه الزيارة، سيحظى رئيس الجمهورية اليوم الأربعاء باستقبال رسمي من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في القصر الرئاسي “كورينالي” وفقاً للبروتوكول الإيطالي. وستتيح المحادثات بين الجانبين فرصة لمناقشة ملفات التعاون المشترك إلى جانب قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.

كما يتضمن البرنامج ترؤس رئيس الجمهورية عن الجانب الجزائري أعمال الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية-الإيطالية رفيعة المستوى، والتي ستُعقد في قصر “كيجي”، مقر رئاسة الوزراء الإيطالية.

وفي المساء، سيشرف رئيس الجمهورية على اختتام منتدى الأعمال الجزائري-الإيطالي الذي يُنظم بمناسبة الزيارة. يشكل المنتدى منصة يجتمع من خلالها الفاعلون الاقتصاديون من البلدين لاستكشاف فرص الاستثمار وبناء شراكات في العديد من القطاعات، مثل الطاقة، البنية التحتية، النقل، الزراعة، الصناعة والصناعة الصيدلانية وغيرها.

كما تشمل الزيارة سلسلة من الاجتماعات بين أعضاء الوفد الوزاري الجزائري ونظرائهم من الجانب الإيطالي. تهدف هذه اللقاءات إلى تعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة بما يتماشى مع تطلعات البلدين. تأتي هذه الاجتماعات في إطار جهود مستمرة لتنفيذ توجيهات قيادتي البلدين التي أثمرت عن مشاريع استراتيجية واتفاقيات جديدة خلال السنوات الأخيرة. ويتم التركيز أيضاً على تعزيز الحوار والتعاون الاستراتيجي لدعم الشراكة التاريخية بين الجزائر وإيطاليا.

الجزائر وإيطاليا: علاقات استراتيجية متينة في مجالات متنوعة

من المنتظر أن يُعقد على هامش القمة منتدى اقتصادي ثنائي يجمع كبار رجال الأعمال من البلدين، تحت إشراف وزير الخارجية أحمد عطاف ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، ويشهد توقيع اتفاق لإنشاء مركز تدريب مشترك لمعالجة الرخام، في خطوة تستهدف نقل المهارات وتعزيز الاندماج الصناعي في القطاعات التحويلية.

كما يُرتقب -بحسب وكالة “نوفا” الإيطالية- توقيع اتفاق استثماري رئيسي بقيمة مليار يورو خلال المنتدى لبناء مصنع حديد مخفض الكربون كان من المزمع تنفيذه في ليبيا، وتم نقله إلى الجزائر لأسباب تتعلق بالجدوى الجيوسياسية والاستقرار التشغيلي. ويعد هذا المشروع خطوة استراتيجية لإزالة الكربون من قطاع الصلب، ويعكس تصاعد الرغبة الإيطالية في توطين صناعات ثقيلة في الجزائر.

ويُتوقع أن يتداول المنتدى مقترحاً لافتتاح أول بنك إيطالي في الجزائر، وهو ما تعتبره روما “حلقة مفقودة” تعيق التمويل الثنائي، مقارنة بالحضور القوي للبنوك الفرنسية. ويمثل هذا الطرح تحولاً نوعياً في بنية الدعم المالي للتجارة والاستثمار بين البلدين، ويفتح الباب لزيادة تدفقات رؤوس الأموال.

ومنذ 2020، تعزز الجزائر انفتاحها على الشراكة الإيطالية في قطاعات الزراعة والصناعة والسيارات، حيث تنفذ شركة إيطالية مشروعاً زراعياً بقيمة 420 مليون دولار، فيما دشنت شركة “فيات” مصنعاً لتجميع السيارات في وهران بطاقة إنتاجية تستهدف 90 ألف سيارة سنوياً بحلول 2026، مع رفع تدريجي لمعدلات الإدماج المحلي التي تجاوزت حالياً 17%.

في المقابل، يبقى قطاع الطاقة حجر الأساس للعلاقة الاقتصادية الثنائية، إذ تعد الجزائر ثاني أكبر مزود لإيطاليا بالغاز بعد روسيا. وفي يناير 2023، وقع اتفاق لبناء خط أنابيب ثالث لنقل الغاز والأمونياك والهيدروجين والكهرباء إلى أوروبا عبر الأراضي الإيطالية، ليرتفع بذلك إجمالي خطوط الربط الطاقوي بين البلدين إلى ثلاثة. وتظهر البيانات التجارية الرسمية ارتفاعاً ملموساً في حجم المبادلات، إذ بلغت الصادرات الجزائرية لإيطاليا في الثلث الأول من 2025 نحو 4.79 مليارات يورو، بزيادة 6.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفق بيانات رسمية، ما يعكس نجاح الجزائر في تعزيز موقعها مورداً استراتيجياً للطاقة والسلع الأولية في السوق الإيطالية.

وتسعى الجزائر عبر هذه القمة لتعويض التوترات مع الاتحاد الأوروبي، من خلال توسيع نطاق الشراكات الثنائية المباشرة مع دول ذات ثقل صناعي مثل إيطاليا تتيح فرص استثمار إنتاجي ونقل تكنولوجيا.

وفي المقابل، ترى روما في الجزائر منصة آمنة لتعويض التراجع في إمدادات الطاقة من روسيا، وإعادة رسم دورها ضمن الخريطة الجيوطاقوية الأوروبية.

رابط دائم : https://dzair.cc/zorp نسخ