السفير الصحراوي لدى الجزائر في حوار حصري لـ “دزاير توب”: الجيش المغربي تكبد خسائر بشرية ومادية معتبرة إثر هجمات جيش التحرير رغم تكتم المخزن

كحلوش محمد

خص السفير الصحراوي بالجزائر عبد القادر طالب عمر موقع دزاير توب بحوار خاص وحصري تحدث فيه عن أهم التطورات الحاصلة في القضية الصحراوية بعد خرق إتفاق وقف إطلاق النار من طرف المغرب و عودة جيش التحرير الصحراوي إلى الصراع من أجل استرداد سيادته عبر سلسلة من القصف كانت الكركرات نقطة البداية لها، إضافة إلى ردود الفعل الدولية وخاصة العربية منها، وكذا موقف منظمة الأمم المتحدة حيال هذا التطور في المنطقة.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

بعد قرابة عشرين يوما من القصف، ماذا حقق الجيش الصحراوي من إنتصارات ؟

وقع تحول هام جدا ، ومن أهم التحولات هو القطيعة مع مرحلة دامت 29 سنة من الجمود والإنسداد، وتقريبا وضع القضية الصحراوية في جانب يكاد يكون محل النسيان، بينما إقدام الجانب المغربي على الإعتداء هو ما جعل الجيش الصحراوي يرد وهذا الرد بالسلاح جعل للقضية حضور إعلامي كبير، و كذلك خلق دافعا جديدا للشعب الصحراوي ليندفع مجددا نحو حمل السلاح و يبدأ في الإعداد الحقيقي للرد على النظام المغربي مثل ما فعل في البدايات، و النظام المغربي فرض عليه أن يستدعي كامل قواته العسكرية و يجعلها فإستنفار دائم و تعيش في الخنادق و لم يعد ذلك الهدوء والراحة … كما أننا نعد الخسائر وإستنزافات مادية وخسائر نفسية وبشرية و حتى إقتصادية في الجانب المغربي، إذ أنهم وقعوا طيلة هذه الفترة على طول الحزام الدفاعي في قصف متواصل وفي كل مرة تلاحظ أعمدة الدخان وألسنة اللهب تصعد من تلك المواقع، النظام المغربي يحاول التكتم على خسائره ولكنها تظهر من حين لآخر في مواقع التواصل الإجتماعي، والوضع تغير تماما فالصحراويين بدؤوا في حرية الحركة في الزمان والمكان ومواقع القوات المغربية هي في أماكن ثابتة وأهداف سهلة للجيش الصحراوي.

هل يمكن إعتبار الأحداث الأخيرة نقطة تحول في مسار القضية و هل سيكون لها ثمار إيجابية في المستقبل القريب ؟ 

بطبيعة الحال، هي ليست معركة واحدة هي سلسة من المعارك ومع طول الوقت ستأتي بثمارها، والصحراويون لا ينطلقون من فراغ هم ينطلقون من تجربة حرب خاضوها مع الطرف المغربي منذ سنة 1975 إلى غاية سنة 1991 أين تكبد جيشه العديد من الخسائر وسجل الآلاف من الأسرى وأعداد هائلة من الغنائم و طلب المغرب وقف إطلاق النار مقابل تنظيم الإستفتاء ولكن الظاهر أنها كانت خديعة ومناورة وخرقوا كل هذه الإتفاقيات وخرجوا عنها .

المغرب بخرقه لإتفاقية وقف إطلاق النار … هل تعتقدون أنها خطوة إرتجالية أم أنها خطة تخدم أجندات لأطراف معينة؟

لولا التشجيع و الدفع الذي يجده من القوى الدولية التي لها أهداف إستعمارية لما تجرأ، ولولا الحماية التي تقدمها له فرنسا والإتحاد الأوروبي و الدول الفرنكوفونية لما تجرأ المغرب خصوصا في وجود المصالح المشتركة بين المغرب كمحمية و حصان طروادة في المنطقة تتشابك مصالحه مع هذه القوى منها الإمارات الخليجية التي تقود التطبيع مع الصهاينة، تختلط كل هذه الأهداف الإستعمارية وهي التي تشجعه ودفعته للتصرف بهذه الطريقة لفرض أجنداتهم ولم يتوقعوا ردة الفعل الصحراوية .

الموقف الجزائري لا غبار عليه تجاه القضية الصحراوية، هل تعتبرونه نقطة ضغط على الطرف المغربي خصوصا في ظل الحملات الإعلامية التي يشنها الإعلام المغربي على الجزائر لإحباط  الشعب الصحراوي؟

الجزائر دولة محورية في المنطقة، ولها دور ومكانة جغرافية في حد ذاتها مساحتها وسكانها وتاريخها ومواقفها هي دولة رائدة أحب من أحب وكره من كره وبالتالي لا يمكن تجاوز هذا الموقف، مع أنه يوجد دول حاقدة يغيضها أن ترى الجزائر بلدا ذو سيادة ولا يرجع لأي أحد في قراراته إلا لشعبه ولهذا تحاك ضدها دائما المؤامرات ولكن صمود الشعب والتمسك بمبادئ أول نوفمبر هو ما جعله ينتصر، إنتصر في بدايات الثورة وفي ذلك الوقت كانت الوسائل لا تقارن مع وسائل اليوم إذا لا يمكنهم الإلغاء من حساباتهم قوة ومكانة الدولة والشعب الجزائري.

ما هو تعليقكم على المواقف الدولية المتباينة تجاه القضية الصحراوية والعربية على وجه الخصوص ؟

الدول العربية منقسمة هناك الممالك والجمهوريات، الممالك تصطف دائما في المحور الذي يبحث دائما عن الإستقواء بالأجنبي وحمايته من طرف الأجنبي والقواعد العسكرية الموجودة في أراضيهم دليل على ذلك، بينما الجمهوريات التي كانت هدفا لزعزعتها في الفترة الماضية مع الأسف تأثرت، والجزائر الحمد لله سلمت ولا زالت سالمة وما هو أصعب تم تجاوزه، الشعوب اليوم واعية وفي مستوى التغيرات والتحولات الدولية، والعرب لا يحسدون على الوضع الذي وضعوا فيه، هم في مرحلة إنحطاط لم يسبق له مثيل.

بما تفسرون صمت الأمم المتحدة إزاء ما يجري في المنطقة ؟ 

الجمعية العامة للأمم المتحدة كتعبير عن إرادة الدول… هذه المواقف واضحة ومؤيدة، للأسف التعطيل يقع في مجلس الأمن، دور فرنسا كعنصر دائم يملك حق النقض، وهو ما يقف وراء العرقلة إذ أن الأمين العام يتأثر بهذا الموقف وحتى بعثة المينورسو يجعلها لا تسمع ولا ترى وتصبح ألعوبة في يد النظام المغربي وبالأحرى في يد الأمانة العامة التي تتصرف حسب إملاءات الدولة الفرنسية ولكنه ليس وضع دائم، الأمور تتغير حسب النضال وستتغير مثلما تغيرت عندما سلموا بقبول تقرير الشعب لمصيره.

هل هناك إحتمال للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الجانب المغربي ؟

المغرب هو من كان يرفض المفاوضات ويغير من طريقها، الصحراوييون إنتفضوا وعادوا للكفاح المسلح كحق للدفاع عن النفس بعدما خرق الطرف المغربي إتفاق إطلاق النار، مع عرقلة المساعي السلمية، الحرب التي نخوضها هي من أجل تصحيح المسار وفرض الرجوع الحقيقي إلى الشرعية الدولية والإنطلاق من قضية الصحراء كقضية تصفية إستعمار، ليس خلافا عاديا كما يريد النظام المغربي أن يضعه فيه، وهذه هي الغاية وهي المحاربة من أجل إحقاق الحق والشرعية واحترام القانون الدولي، فالصحراويون لا يحاربون من أجل الحرب، صبروا كثيرا حتى لا يعودوا للحرب ولكن النظام المغربي لم يترك له خيارا، إما الإستسلام  أو البقاء في اللجوء إلى الأبد وهو مرفوض، الصحراويون غايتهم هي الوصول إلى حل سلمي منصف من خلال إستفتاء حر ونزيه، ولكن إذا ظل المغرب في رفضه لهذا، إذن نحن لدينا الجمهورية العربية الصحراوية حتى إعتراف الجميع بها.

تداعيات الأحداث الأخيرة كيف سيكون تأثيرها على الشعب الصحراوي كافة، وخاصة الإجتماعية والإقتصادية منها ؟ 

التداعيات دائما في الحروب لها آثارها وخسائرها وتكاليفها، لكن الصحراويون لجؤوا إلى الحرب لأنه في هذه الحالة هي أصبحت أخف الضررين، إما قبول الإستعمار المغربي والإحتلال المغربي، وهو أسوء من الحرب نفسها أو القبول باللجوء كذلك وهو أسوء من الحرب كذلك، الأوضاع غاية في الصعوبة وبدون أفق، إذن مهما يكن فهذه الظروف الرجوع فيها إلى الحرب لإسترجاع الحق أخف من ضرر الإستسلام إلى المغرب، و هذا بالنسبة للصحراوين والمنطقة والقارة بصفة عامة.

كآخر كلمة توجها إلى الشعوب العربية و الدولية عبر منبر دزاير توب ؟ 

نحن ننادي الجميع لينصت إلى الشعب الصحراوي ما دام أن القضية واضحة كل الوضوح ولا غبار عليها في هذا الباب، و النظام المغربي موجود بقوة النار و الحديد، لاشيء غير هذا، و من أعان ظالم سلط عليه، والساكت عن الحق كالناطق بالباطل، يجب نصرة المظلوم هذا واجب اخلاقي و ديني، والشعب الصحراوي سيواصل المقاومة وعليهم أن ينطلقوا من قوة الإرادة و العزيمة وليس من قوة الإمكانيات أو تحالف قوى إستعمارية، فتجارب الثورات بوسائل بسيطة وبإيمان كبير انتصرت على قوى إستعمارية والأمثلة عديدة في هذا الباب، إذن الصحراويون سيواصلون إن شاء الله إلى غاية إسترجاع حقهم.

 

حاورته كوثر تبيقي

شارك المقال على :