18 سبتمبر، 2025
ANEP الخميس 18 سبتمبر 2025

الشارع المغربي يشتعل: احتجاجات وإضرابات في وجه قانون تكبيل الإضراب

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الشارع المغربي يشتعل: احتجاجات وإضرابات في وجه قانون تكبيل الإضراب

في قلب المغرب، ينبع غضب شعب حقيقي من مواجهة حكومة المخزن التي تجتهد في تهميش الفئات الشعبية وتنفيذ قوانين تُفقدهم حقوقهم الدستورية. بدأت هذه اللحظة الاحتجاجية بالرفض العارم لقانون الإضراب الجديد، واستمرت بلوحات احتجاجية عابرة للمدن تُعبّر عن غضب عارم.

الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد لم تكتفِ برفض القانون شكليًا، بل صنّفته بأنه “تجريمي وتكبّيلي”، يهدف إلى تطويق حق دستوري مكفول في التعبير والاحتجاج. كما نددت بمحاولات تخريب ما تبقى من منظومة التقاعد، واعتبرت أن الحكومة تسعى إلى تفكيك القطاع العام واستهداف مكتسبات العمال بدون أي مساءلة، معتبرة أن أي إصلاح حقيقي ينبغي أن يبدأ بمحاكمة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة.

أما الكونفدرالية المغربية للشغل، فقد حمّلت الحكومة مسؤولية التصعيد الاجتماعي، مذكّرة بخرقها الواضح لاتفاقات الحوار الاجتماعي ومماطلتها في عقد جولة الحوار لشهر سبتمبر 2025. كما أدانت بوضوح استعمالها لسلطتها لتمرير القانون باستفراد واستهزاء بالحركة النقابية، متهمة الدولة بغياب إرادة سياسية لمواجهة التدهور الاجتماعي وتمكين المواطنين المغاربة من حقوقهم.

إضرابات وتظاهرات وجعل القانون سيفًا على الطبقات الشعبية

لم يصمد سكوت النقابات ولا نظريات التهدئة لحكومة المخزن، فبدأت التظاهرات تنتشر في الشوارع والمدن الكبرى تضامنًا مع فئات العمال ولاعتبار مشروع القانون تهديدًا مباشرًا للمكتسبات الإنسانية. وطالب القطاع العام والقطاع الخاص والحركات الحقوقية والمجتمع المدني بإسقاط مشروع قانون يقوض حق الإضراب ومصادر قوتهم اليومية.

وبحسب مصادر إعلامية محلية وتقارير مستقلة، فإن تنامي وتيرة الإضرابات انتشر خلال أشهر 2025 بين قطاعات متنوعة: موظفو الجماعات الترابية الذين نفذوا إضرابًا في 30 يناير احتجاجًا على تجاهل مطالبهم، وتقنيو المغرب الذين دخلوا إضرابات خلال شهر أبريل بسبب أوضاعهم المهنية المزرية، وغيرها من الاحتجاجات التلقائية العفوية التي شهدها الشارع المغربي.

أزمة حقيقية في الحريات النقابية

ووفقًا لرابط “مؤشر الحقوق العالمي” لعام 2025، يُصنف المغرب ضمن 43 دولة تمارس انتهاكات منتظمة لحقوق العمل النقابي. وتم تسجيل قمع مكثف لإضرابات سلمية باستخدام خراطيم المياه والهراوات، وتجميد إرادات تأسيس النقابات أو تهديدها بالحل الإداري بقرارات رسمية، ما يعكس دولة تستهدف أي صوت يعترض أو يناضل.

قانون الإضراب الجديد لا يتوقف عند كبح الاحتجاج فقط، بل يمنع المفاوضة الجماعية ويعاقب من يشارك في مقاومة سلمية بعقوبات تصل للسجن وغرامات، ويترك الباب مفتوحًا لتصفية التجمعات العمالية والمهنية عبر سلطات تسيطر عليها الدولة بالفعل.

خلاصة مظلمة

غضب الشارع اليوم ليس مجرد ردة فعل عابرة، بل انفجار مخزون اجتماعي مدفون. إضرابات جماعية وتظاهرات عفوية تؤشر أن حكومة المخزن ارتكبت خطأً جسيمًا، حين اختارت أن تُسكت الطبقات الشعبية بالقانون قبل أن تستمع لها أو تحقق مطالبها الأساسية.

المطلوب اليوم هو إنهاء هذه العبثية: إرجاع مشروع القانون للنقاش الجدي بحضور النقابات وكافة الفئات، ضمان حرية الإضراب واستقلالية الحركة النقابية، واسترجاع الثقة المتآكلة للشغيلة والطبقات الوسطى والفقيرة. فاستمرار نهج القمع والتكبيل اليوم، من المؤكد أنه سيفجّر الغد شعبًا يرفض أن يُذل بشريعة موضوعة لحماية حسابات سلطة المخزن، لا لحماية المواطنين المغاربة.

رابط دائم : https://dzair.cc/b9b3 نسخ