3 سبتمبر، 2025
ANEP الأربعاء 03 سبتمبر 2025

الصحراء الغربية تفضح نظام المخزن القائم على النهب وتكشف ازدواجية الخطاب الأوروبي

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الصحراء الغربية تفضح نظام المخزن القائم على النهب وتكشف ازدواجية الخطاب الأوروبي

في خطوة جديدة تكشف زيف الدعاية المخزنية وتفضح تواطؤ الاتحاد الأوروبي في نهب خيرات الصحراء الغربية، برزت داخل البرلمان الأوروبي أصوات تطالب صراحة باستبعاد الصحراء الغربية من أي اتفاق تجاري بين بروكسل والرباط. فقد أعلن الحزب الشعبي الإسباني موقفا مغايرا لسياسة حكومة سانشيز الموالية للمخزن، مؤكدا أن إدراج ثروات الصحراء في هذه الاتفاقيات جريمة تمس بحق الشعب الصحراوي وتتناقض مع القانون الدولي، وهو ما يشكل صفعة للمغرب ولحلفائه داخل المؤسسات الأوروبية.

هذه المواقف الصريحة تأتي بينما تسعى المفوضية الأوروبية، بضغط من لوبيات المصالح الاقتصادية، إلى الالتفاف على أحكام محكمة العدل الأوروبية التي قضت ببطلان الاتفاقيات الفلاحية والبحرية الموقعة مع المغرب لكونها تشمل إقليم الصحراء الغربية دون موافقة شعبه. فبدل احترام العدالة، تحاول بروكسل البحث عن صيغ ملتوية لإرضاء نظام المخزن وضمان تدفق المنتجات المنهوبة من الأراضي المحتلة نحو الأسواق الأوروبية بامتيازات جمركية، في خرق واضح لروح القانون ولأبسط مبادئ الشفافية.

النواب الإسبان في الحزب الشعبي الذين طالبوا باستبعاد الصحراء، وعلى رأسهم كارمن كريسبو، شددوا على أن أوروبا لا يمكن أن تبني سياستها التجارية على حساب المزارعين الأوروبيين ولا على حساب أرض محتلة بالقوة. فقد فضحت بالأرقام كيف أغرقت المنتجات المغربية، وخاصة الطماطم القادمة من الأراضي الصحراوية، السوق الأوروبية وتسببت في انهيار أسعار الإنتاج المحلي في مقاطعات الأندلس، في حين لا تحترم هذه المنتجات المعايير البيئية والاجتماعية التي تلتزم بها دول الاتحاد. والأخطر أن هذه الصادرات تُسوق على أنها “مغربية”، في حين أن مصدرها الحقيقي هو الصحراء الغربية، ما يمثل عملية تزوير واحتيال على المستهلكين الأوروبيين وعلى القانون الدولي في آن واحد.

محكمة العدل الأوروبية أوضحت في أحكامها الأخيرة أن الصحراء الغربية “إقليم منفصل ومتمايز عن المغرب” وأن أي اتفاق يشمله يحتاج لموافقة الشعب الصحراوي ممثلا بجبهة البوليساريو، لكن المخزن، وبدعم من بعض العواصم الأوروبية، يواصل سياسة فرض الأمر الواقع ونهب الثروات من فوسفات وأسماك وخضر وفواكه. وما يزيد الطين بلة هو موقف حكومة سانشيز التي اختارت الاصطفاف مع المعتدي ضد الشرعية الدولية، مفضلة حماية مصالح ضيقة على حساب مبادئ العدالة وحق تقرير المصير.

هذه الوقائع تكشف بجلاء أن المغرب، وهو يواصل اغتصاب الصحراء الغربية، يعتمد على التواطؤ الأوروبي لتمرير سياساته التوسعية. لكن بروز أصوات رافضة داخل البرلمان الأوروبي، سواء من الحزب الشعبي أو من منظمات مدنية مثل “مرصد ثروات الصحراء الغربية”، يعكس تناميا للوعي بأن استمرار هذه المهزلة يقوّض مصداقية الاتحاد الأوروبي ويجعله شريكا في الجريمة. فالمنظمات الحقوقية والهيئات المستقلة طالبت مرارا بوقف هذا النهب المقنن، مؤكدة أن من غير المقبول أن تستمر أوروبا في شراء ثروات مسروقة من شعب محروم من حقه الأساسي في الحرية والسيادة.

إن ما يحدث اليوم يفضح حقيقة المخزن الذي لا يتورع عن استعمال الثروات الصحراوية كورقة لشراء المواقف والتأثير على قرارات بروكسل ومدريد وباريس. المغرب يحاول تقديم نفسه كشريك استراتيجي في ملفات الهجرة والأمن مقابل صمت أوروبي على جريمة الاحتلال ونهب الثروات. غير أن هذه السياسة القائمة على الابتزاز والرشوة السياسية لم تعد تنطلي على كثير من القوى الحية في أوروبا، وهو ما يعزز عزلة المخزن ويدعم نضال الشعب الصحراوي المشروع.

إن الجزائر، التي وقفت دوما إلى جانب حق الصحراويين، تجد في هذه التطورات دليلا إضافيا على أن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار غير قابلة للمساومة. وكل صوت أوروبي يعترف بهذا الحق ويدين إدراج الإقليم المحتل في الاتفاقيات التجارية يمثل نصرا جديدا للقضية العادلة للشعب الصحراوي وصفعة للنظام المغربي الذي يراكم الفشل والخيبات رغم دعايته الصاخبة.

لقد آن الأوان لأن يتحمل الاتحاد الأوروبي مسؤوليته كاملة، وأن يوقف فورا كل اتفاق يشمل الصحراء الغربية دون موافقة شعبها، وأن يعوض عن سنوات من النهب والتواطؤ. أما المخزن، فإنه مهما حاول التلاعب بالقانون الدولي فلن ينجح في طمس الحقيقة: الصحراء الغربية ليست مغربية، وثرواتها ملك لشعبها وحده، وكل ما عدا ذلك مجرد جريمة موصوفة ستظل تلاحق الاحتلال وداعميه.

رابط دائم : https://dzair.cc/xbx3 نسخ