الاثنين 09 جوان 2025

الصيرفة الإسلامية محرك منتظر لدعم الاقتصاد الوطني .. بقلم الأستاذ بلعور عبد الحكيم

نُشر في:
بقلم: الأستاذ بلعور عبد الحكيم
الصيرفة الإسلامية محرك منتظر لدعم الاقتصاد الوطني .. بقلم الأستاذ بلعور عبد الحكيم

شهدت الصناعة المالية الإسلامية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ذلك ما انعكس بشكل واضح على نمو الأصول المالية الإسلامية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، حيث لم يعد هذا النمو مقتصرًا على الدول الإسلامية فحسب، بل امتد ليشمل العديد من الدول الغربية، التي بدأت في تبني نماذجاً مماثلة تحت مسميات مختلفة، مثل التمويل الأخلاقي، التمويل العادل، التمويل المستدام، والتمويل التشاركي.

وتشير التقديرات العالمية لسنة 2025 إلى أن حجم الأصول الإسلامية قد يصل إلى نحو 5 تريليونات دولار، مما يعكس حجم الثقة المتزايدة في هذا النموذج التمويلي.

وفي هذا السياق، تُعد بريطانيا من أبرز النماذج الغربية التي احتضنت التمويل الإسلامي، حيث سجلت أصولًا بقيمة 7.73 مليار دولار في عام 2024، مما يجعلها من بين الدول الرائدة في هذا المجال خارج العالم الإسلامي.

أما في الجزائر، فقد بدأت السلطات تولي اهتمامًا متزايدًا لتطوير وتنويع المنظومة المالية، من خلال تعزيز حضور التمويل الإسلامي كخيار استراتيجي، وتجلى هذا التوجه في احتضان الجزائر للمرة الثالثة فعاليات المجموعة الإسلامية للتنمية، التي أُعلن خلالها عن تخصيص تمويلات إسلامية بقيمة 3 مليارات دولار متاحة للجزائر.

وفي هذا الإطار، تم توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية لتبادل الخبرات مع مؤسسات مصرفية دولية رائدة، بهدف تطوير الصناعة المالية الإسلامية، ونقل المعرفة، وتكوين الكفاءات الوطنية.

وجاء النظام رقم 20-02 ليُشكّل إطارًا قانونيًا لهذا المسار، حيث حدد القواعد المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وآليات ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية، ونصت المادة 17 على إنشاء “شباك الصيرفة الإسلامية” ضمن البنوك التقليدية، مما يمهّد الطريق لاحقًا لإنشاء وكالات متخصصة خصيصا في الصناعة المالية الاسلامية.

وبالنظر إلى الطلب المتزايد من الزبائن الجزائريين على المنتجات المصرفية الإسلامية، فإن الآفاق المستقبلية تُشير إلى مؤشرات نمو كبيرة خلال السنوات القادمة، خاصة في المنتجات التمويلية التالية: المرابحة (العادية وبأمر الشراء)، المشاركة، المضاربة، الإجارة، السلم، الاستصناع، إلى جانب حسابات الودائع الاستثمارية والودائع تحت الطلب.

في إنتظار إصدار الصكوك السيادية التي تُعد من أبرز أدوات استقطاب السيولة وإدخالها ضمن الأطر القانونية، وهو ما يُسهم في إمتصاص الكتلة النقدية المشار إليها حسب التقديرات بـ 100مليار دولار، وتحسين الشمول المالي.

ومن أجل إنجاح هذا التحول، يبقى من الضروري رقمنه المعاملات المالية، توفير التكنولوجية الآمنة والفعالة، وتسقيف التعاملات النقدية وتخفيضها تدريجيًا، ودعم الانتقال من شبابيك إلى وكالات مصرفية إسلامية متكاملة تعنى بشكل مباشر بتطوير هذا القطاع الحيوي.

إن الجزائر تخطو بثبات نحو تعزيز مكانة التمويل الإسلامي، وخاصة في ظل وجود مؤشرات إيجابية وبيئة تحتضن هذه الصيغ مع الإسراع في تواجدها عبر ربوع هدا الوطن بشكل وكالات، وخاصة مع توافر الإرادة السياسية، والبيئة القانونية، والطلب الاجتماعي الحقيقي على الصيرفة الإسلامية.

رابط دائم : https://dzair.cc/15nr نسخ