14 أكتوبر، 2025
ANEP الثلاثاء 14 أكتوبر 2025

العرش على فوهة بركان: حين تتجاهل حكومة المخزن صوت الشباب وتغامر بالسلم الاجتماعي

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
العرش على فوهة بركان: حين تتجاهل حكومة المخزن صوت الشباب وتغامر بالسلم الاجتماعي

لم يعد الغضب الاجتماعي في المغرب همسًا في مواقع التواصل، بل أصبح صرخةً في الشارع، وها هي أكبر النقابات العمالية في البلاد تُحذر بوضوح من أن الصمت الرسمي يهدد السلم الاجتماعي.
ففي بيان لافت، أكد الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن مطالب الشباب مشروعة، وأن الاحتجاج السلمي حق دستوري لا يمكن قمعه أو الالتفاف عليه بمقاربة أمنية.

النقابة، التي تمثل إحدى أبرز القوى الاجتماعية في البلاد، لم تكتفِ بالتوصيف، بل وضعت أصبعها على الجرح: غلاء الأسعار، انهيار الخدمات العمومية، جمود الأجور، وتفاقم البطالة، كلها عوامل تشكّل خليطًا قابلاً للاشتعال في أي لحظة، خصوصًا في ظل انسداد الأفق أمام الشباب، وتراجع الثقة في المؤسسات.

البيان النقابي جاء في توقيت حساس، بعد أسابيع من احتجاجات شبابية متصاعدة، قادها جيل جديد من المغاربة الذين لم يعودوا يصدقون الوعود الرسمية ولا شعارات “الإصلاح في ظل الاستقرار”، جيلٌ يطالب بكرامةٍ حقيقية لا بالخطابات المنمقة، ويصرّ على أن السلم الاجتماعي لا يمكن أن يُشترى بالصمت أو بالقمع.

وفي مواجهة هذا الغليان، يبدو أن حكومة المخزن اختارت دفن رأسها في الرمال، متناسيةً أن تجاهل الأزمات لا يلغيها، بل يفاقمها، فالسياسات الاقتصادية القائمة على الضرائب غير العادلة، وتراكم الثروة في يد قلة من المحظيين، حولت المغرب إلى بلدٍ بواجهتين: مغرب الأغنياء ومغرب الفقراء.

الاتحاد الوطني للشغل لم يتردد في تحميل الحكومة المسؤولية المباشرة عن تفاقم الأزمة، مذكّراً باتفاقات الحوار الاجتماعي التي ظلت حبرًا على ورق، وعن وعود تحسين الأجور التي تبخرت في الهواء، وفي هذا السياق طالبت النقابة بإصلاح ضريبي عادل، وبمحاربة الريع والفساد الاقتصادي، وبخلق فرص شغل حقيقية بدل استعراض الأرقام الوهمية.

لكن الرسالة الأهم التي حملها البيان هي تحذير واضح وصريح: الاحتقان يتصاعد، والسلم الاجتماعي على المحك، فحين تتراجع الثقة بين المواطن والدولة، ويُختزل الحوار في شعارات، يصبح الشارع هو المنبر الوحيد للتعبير.

المغاربة اليوم لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون بما وعدهم به الدستور نفسه: العدالة الاجتماعية، العيش الكريم، والحق في العمل والتعليم والصحة.
غير أن المخزن، كالعادة، يُفضل الحلول الأمنية على الإصلاح الحقيقي، ويخشى من صوت الشارع أكثر مما يخاف من الفقر والبطالة.

وفي ظل هذا المشهد المأزوم، يصبح صوت النقابات اليوم جرس إنذار أخير قبل أن ينفجر الغضب في وجه المخزن وعرشه المهترئ، فالمغرب لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل إلى إرادة سياسية شجاعة، تُعيد الثقة إلى المواطن وتضع الإنسان قبل الحسابات الحزبية والولاءات السلطوية، ولا يبدو أن القصر ولا المخزن يملكان هذه الشجاعة فأيديهما المرتعشة لن تصلح لإخراج البلاد من النفق.

رابط دائم : https://dzair.cc/yuk7 نسخ