الأربعاء 02 جويلية 2025

الكيان الصهيوني والمخزن ولعبة الأسقف التي تحول دون اعترافه بأسطورة “مغربية الصحراء”

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
الكيان الصهيوني والمخزن ولعبة الأسقف التي تحول دون اعترافه بأسطورة “مغربية الصحراء”

دفع المغرب ثمنا باهظا جدا من أجل اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، المزعوم بما يسمى “مغربية الصحراء”، تمثّل في التطبيع المعلن مع الكيان الصهيوني، واضطر محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لأن يمرّغ هذا الشرف الرفيع في الوحل من أجل الحصول على دعم “قوي” غير مؤكّد من الولايات المتحدة وحليفها الكيان الصهيوني لتحقيق مطامعه في ضمّ الأراضي الصحراوية إلى المملكة.

وبعد مغادرة ترامب لرئاسة الولايات المتحدّة، أبدى خلفه جو بايدن عدم تحمّس واضح لقرار سلفه بخصوص “مغربية الصحراء”، حيث بدا واضحا من خلال مواقفه وتصريحاته ملتزما بالشرعية الدولية وقرارات هيئة الأمم المتحدة حيال النزاع الصحراوي بين جبهة البولبساريو الممثل الوحيد للشعب الصحراوي، كآخر حركة تحرر في إفريقيا، والمغرب الذي يجنّد المخزن كلّ أدواته الدبلوماسية العلنية والمستترة من أجل تحقيق غايته ولو اقتضى الأمر الاعتراف بأن الشيطان قدّيس.

وفي خضّم الاعترافات، اتضح للمغرب أن اعترافه بـ “دولة إسرائيل” وتطبيعه مع الكيان الصهيوني، لم يكن كافيا لكي يحصل منه على اعتراف بـ “مغربية الصحراء”، بدا له للوهلة الأولى أنه سيكون مقابلا منطقيا وحتميا لاعترافه به، فسقف الاعترافات في التصور الصهيوني لا يتوقف عند اعتراف شكلي وعام بـ “الدولة” أو حتى مجرّد تبادل التمثيل الدبلوماسي، ولو كانت نتيجةُ التطبيع قد أفضت إلى منح الشركات الصهيونية الأفضلية في نهب ثروات الشعب الصحراوي، فإنّ هذا الأمر لن يشفع للصهاينة في أن يعترفوا بـ “مغربية” أراضٍ أصبحت تحت سيطرة شركاتهم دون الحاجة إلى اعتراف مسبق.

إنّ المسؤولين الصهاينة يريدون مهرا باهظا جدّا لاعترافهم بـ “مغربية الصحراء”، لا يقف عند حدود “دولتهم” المزعومة، بل ينبغي له أن يمتدّ إلى داخلها حيث يكمن الشيطان في تفاصيل تصنع أسقفا لا متناهية يعلو بعضها بعضا، وسيضطر المخزن إلى تتبعها ببصره إلى أن ينقطع عنقه، وهكذا كلّما سقط سقف ظهر له سقف آخر فوقه.

وكما أنّ الاعتراف بـ “إسرائيل كان سقفا”، فإنّ صمت المخزن عن جرائم الصهاينة في جينين وغزّة سقف آخر، لكنه غير كاف للاعتراف، ففوقه يوجد سقف الاعتراف بالقدس “عاصمة لإسرائيل”، وأعلى منه ثمّة منح “مغاربة إسرائيل” الجنسية المغربية، وفوقه السماح للكيان الصهيوني بأن يبث قواعده العسكرية وجواسيسه في جميع أرجاء المملكة، إنها لعبة الأسقف التي ستجعل المخزن معلّقا إلى الأبد بوهم اعتراف “إسرائيل” بـ “مغربية الصحراء”، التي لن تحتاج إلى اعتراف حتى تنهب خيراتها، وإنها لمهزلة كبرى تثير الضحك والبكاء معا حينما يضطر من له دولة أن يعترف بمن ليس له دولة حتى يعترف له بأنّ دولة كاملة السيادة تابعة له.

أحمد عاشور

رابط دائم : https://dzair.cc/6yhg نسخ