الثلاثاء 11 نوفمبر 2025

المبعوث الأممي الأسبق للصحراء الغربية كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء “تراجع إلى الوراء”

تم التحديث في:
المبعوث الأممي الأسبق للصحراء الغربية كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء “تراجع إلى الوراء”

أكّد المبعوث الأممي الأسبق إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول النزاع يمثل “تراجعًا إلى الوراء” في مسار البحث عن حل عادل ونهائي، في وقت تسعى فيه الرباط إلى تسويق مبادرة “الحكم الذاتي” كخيار وحيد أمام المنتظم الدولي، وسط تزايد الشكوك بشأن جدواها ومصداقيتها.

روس، الذي تولى مهمة الوساطة الأممية بين عامي 2009 و2017، اعتبر في مقال نشره عبر موقع المركز الدولي لمبادرات الحوار أن القرار الجديد “يحمل بصمة الانحياز الأميركي للرؤية المغربية”، مشيرًا إلى أن الصيغة الأولى التي اقترحتها واشنطن كانت تتحدث عن “الحكم الذاتي كأكثر الحلول واقعية”، قبل أن تُعدَّل بفعل اعتراضات روسيا والصين وعدد من الدول غير الدائمة العضوية لتصف المقترح المغربي بأنه “إحدى الحلول الممكنة” بدل “الأكثر واقعية”.

ورغم تبني القرار بأغلبية 11 صوتًا، فقد أثارت مداولاته جدلاً واسعًا داخل أروقة الأمم المتحدة، بعدما اتُّهمت الولايات المتحدة بمحاولة “فرض تسوية سياسية غير متوازنة”، كما نقل روس عن دبلوماسيين روس قولهم إن “الاندفاعة الأميركية على طريقة رعاة البقر قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة”.

ويعكس موقف روس – الذي طالما واجه انتقادات من الرباط خلال فترة عمله – تصاعد التململ داخل الدوائر الدبلوماسية الغربية إزاء “جمود” المسار السياسي و”هيمنة المقاربة الأمنية” على إدارة الملف. فبعد أكثر من عقد على تقديم مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، ما زال الواقع الميداني في الإقليم يشير إلى استمرار حالة اللاسلم واللاحرب، وإلى غياب أي مؤشرات ملموسة على التنمية التي وُعد بها سكان المنطقة.

ويذهب مراقبون إلى أن “التراجع” الذي تحدث عنه روس لا يقتصر على مضمون القرار الأممي فحسب، بل يمتد إلى تآكل الخطاب المغربي الرسمي نفسه، الذي فقد كثيرًا من المصداقية مع تفاقم الأزمات الداخلية في البلاد. فبينما كانت الرباط تروج لنموذج “الجهوية المتقدمة” بوصفه مدخلًا لحل النزاع الصحراوي، تحوّلت هذه الوعود إلى شعارات فارغة في ظل ضعف التنمية وتزايد التفاوتات المجالية والاجتماعية حتى في قلب المغرب نفسه.

ويشير بعض المحللين إلى أن الرهان على “الاعتراف الأميركي” الذي منحته إدارة دونالد ترامب للمغرب في دسمبر 2020 لم يترجم إلى مكاسب سياسية حقيقية، بل أدخل القضية في مرحلة من الغموض، خاصة مع موقف إدارة جو بايدن التي اختارت الإبقاء على الاعتراف شكليًا دون تفعيله دبلوماسيًا. وفي المقابل، أعادت الجزائر وجبهة البوليساريو تفعيل أدواتهما الدبلوماسية والقانونية، مستندتين إلى أحكام قضائية أوروبية تعتبر الصحراء “كيانًا منفصلًا عن المغرب”.

وبينما يواصل المغرب ترسيخ الأمر الواقع على الأرض من خلال مشاريع البنية التحتية واستقدام الاستثمارات الأجنبية إلى الأقاليم المحتلة، يرى روس أن مثل هذه المقاربة “لن تفضي إلى حل دائم”، لأن “الضغط الانتقائي لصالح طرف واحد سيُعمّق فقدان الثقة ويجعل أي تسوية مستقبلية محكومة بالفشل”.

ويخلص الدبلوماسي الأميركي السابق إلى أن استمرار الانقسام في مجلس الأمن وغياب الإرادة الحقيقية لدى الأطراف المعنية “يجعل من الحفاظ على إدارة النزاع، لا حله، الخيار الوحيد المتاح في المدى المنظور”.

بهذا المعنى، يبدو أن قرار مجلس الأمن الأخير لم يقرّب الحل، بل كشف حدود المشروع المغربي للحكم الذاتي، وأعاد النقاش إلى نقطة الصفر: هل يمكن إقناع العالم بحل “واقعي” لا يعترف به سكان الإقليم أنفسهم؟

رابط دائم : https://dzair.cc/ml2d نسخ

اقرأ أيضًا