الأحد 23 نوفمبر 2025

المخزن يحتفل بالهزيمة ويبيع لأتباعه “نصرًا” لم يره أحد!

نُشر في:
المخزن يحتفل بالهزيمة ويبيع لأتباعه “نصرًا” لم يره أحد!

في كل مرة تصدر فيها الأمم المتحدة قرارًا حول الصحراء الغربية، يخرج المغرب راقصًا على إيقاع طبلته الخاصة.. طب طب طب.. انتصرنا! ثم لا يلبث أن يكتشف أن العالم لم يرقص معه. القرار 2797 كان أوضح من أن يُزيَّن: لا اعتراف بالسيادة، لا احتكار لقاعدة التفاوض، ولا وجود لما يسميه المخزن “الحل الوحيد”. ومع ذلك، أطلقت الرباط احتفالات كأنها استرجعت سبتة ومليلية، ثم صُدمت بأن العالم لم يشترِ البضاعة.

ما يجري اليوم ليس مجرد تناقض مغربي؛ إنه مأزق وجودي للنظام نفسه. المخزن بنى عقيدته الدبلوماسية على بيع الوهم، واليوم انهار الوهم أمام الجميع: لا مشروع حكم ذاتي، لا تفاصيل، لا تصور، لا استعداد، لا شيء. مجرد ثلاث أوراق استُخدمت 17 عامًا كغطاء لرفض الاستفتاء. وعندما طُلب من الرباط هذه المرة تقديم “التفاصيل”، ظهر الفراغ. وكيف يمكن لنظام يعيش أزمات داخلية خانقة—دين خارجي، تآكل اجتماعي، جيل ناقم، قمع مستتر—أن يقدم حلاً سياسيًا لشعب يريد إخضاعه بالقوة؟

المضحك أكثر أن المغرب يحاول إقناع العالم بأن الصحراويين سيقبلون الحكم الذاتي، بينما لا يملك هو نفسه مؤسسات تتحمل نموذجًا مماثلاً. كيف سيمنح الصحراء حكماً ذاتياً وهو يخاف من ظل كلمة “ريف”؟ كيف يفتح الباب لمنطقة واحدة وهو يدرك أن أخرى ستطرق الباب في الليلة نفسها؟ المغرب يعرف أنّ أي خطوة في اتجاه اللامركزية قد تحوّل ملكه المطلق إلى ملك بلا أرض.

ما لم تستوعبه الرباط بعد هو أن العالم تغيّر، ولم يعد مستعدًا لمنح صكوك سيادة بالضغط السياسي أو بالتحالفات القديمة. كل الدول الكبرى—حتى الحليفات التقليدية—بدأت تكتشف حجم التضليل الذي مارسه المخزن طوال سنوات: وعود بلا مضمون، تصور بلا أساس، ومشروع “حكم ذاتي” بلا نص واحد يصلح لعرضه على الأمم المتحدة. لقد كان المغرب يظن أن أمريكا ستفرض الاعتراف بالصحراء بلا نقاش، وأن الجزائر ستتراجع، وأن البوليساريو ستتعب. لكن المفاجأة أن شيئًا من هذا لم يحدث، وها هو يجد نفسه وحيدًا وسط رواية لم تعد تقنع حتى أعتى مناصريه.

أما البوليساريو، التي حاولت الرباط دفنها إعلاميًا، فقد خرجت من القرار الأخير أقوى، لا لأنها تملك قوة عسكرية جبارة، بل لأنها تملك شيئًا أخطر: الشرعية القانونية والتاريخية التي لم تستطع الرباط إزاحتها مهما ضخمت ماكينتها الإعلامية. البوليساريو تقول اليوم للعالم بكل وضوح: نحن مستعدون للتفاوض… لكن على أسس الشرعية الدولية، لا على مقاس الرواية المغربية المنفوخة.

والمغرب؟ لا تواريخ، لا مسار، لا محتوى، لا إجماع، ولا حتى أرضية واحدة صلبة. فقط صراخ بروباغاندي ومحاولات لشراء الوقت، بينما الحقيقة تنفلت من بين الأصابع: لا سيادة بلا اعتراف، ولا حكم ذاتي بلا قبول الطرف الآخر، ولا احتلال يتحول شرعيًا بمجرد النفخ في الأبواق.

القرار 2797 كشف الحقيقة للجميع: المغرب لم يحقق شيئًا. ثلاث أهداف حاول فرضها وسقطت كلها. لا اعتراف، لا احتكار، لا شرعنة. والدرس كان قاسيًا: العالم لا يتعامل مع الروايات الدعائية، بل مع النصوص القانونية، والنص واضح: تقرير المصير أساس لا يمكن تجاوزه. هذا هو الرعب الحقيقي الذي يقضّ مضجع المخزن.

إنّ الرباط اليوم في وضع يصعب تجميله: احتفالات بلا مضمون، ضجيج بلا تأثير، ورواية لا تملك حتى أن تقنع نفسها. أما الواقع فصار أوضح من أي وقت مضى: لا حل خارج إرادة الشعب الصحراوي، ولا مفرّ للمغرب من الجلوس على الطاولة بشروط جديدة، أهمها أن زمن الفرض من طرف واحد قد انتهى.

إنّ المغرب يعيش اليوم أزمة سردية قبل أن تكون أزمة سياسية، ويبدو أنه آخر من يعلم.

رابط دائم : https://dzair.cc/xonm نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500018