9 أكتوبر، 2025
ANEP الخميس 09 أكتوبر 2025

المخزن يختبئ خلف أنقاض مستشفيات أكادير: من يُحاسب الملك؟

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المخزن يختبئ خلف أنقاض مستشفيات أكادير: من يُحاسب الملك؟

حين تُحرق الأخطاء الطبية بنار السياسة، ويُضحّى بالأطباء لتلميع وجوه المسؤولين، فاعلم أنك في مغرب المخزن، حيث الفشل لا يُحاسَب، بل يُعاد تغليفه على شكل كبش فداء جاهز للإعدام الإعلامي.

حادثة مستشفى الحسن الثاني بأكادير ليست مجرد “تقصير مهني”، كما حاولت السلطة أن تصوّرها، بل هي جريمة سياسية مكتملة الأركان. فالدولة التي تركت مستشفياتها تنهار، ومرضَاها يتكدّسون في ممرات باردة، لا يحقّ لها أن تتحدث عن “مساءلة مهنية”، بل عن فساد حكومي منظم يقتل بصمت منذ سنوات.

الذين أوقفوهم اليوم من الأطباء والممرضين، هم أنفسهم من كانوا يعملون لسنوات في ظروف غير إنسانية، بأدوات منتهية الصلاحية وموازنات “منفوخة في التصريحات” ومفرغة في الواقع.
الذين يُقدَّمون اليوم كـ “مقصرين”، هم ضحايا منظومة لم تُصلح سريرًا ولا ضميرًا.

لكن، هل يجرؤ أحد داخل المغرب الرسمي أن يسأل: من المسؤول الحقيقي؟ من ترك المستشفيات في حالة خراب؟ من حوّل وزارة الصحة إلى سوق للولاءات؟ من جعل العلاج امتيازًا لا حقًا؟
الجواب واضح: نظامٌ يخاف من مواجهة الحقيقة أكثر مما يخاف من الموت نفسه.

المخزن اليوم يعيش على سياسة الإلهاء. في كل أزمة، يختلق خصمًا جديدًا: مرة الأساتذة، مرة الأطباء، ومرة الطلبة. وهكذا يستمر في إخفاء فشله وراء شعارات المحاسبة، بينما الفساد الكبير ينام قرير العين في الرباط.

هذه ليست أزمة قطاع، بل أزمة دولة. دولة تخلّت عن الإنسان، واستبدلت المرفق العام بالزبونية والولاء.
إنهم لا يبحثون عن إصلاح، بل عن صمت. يريدون نظامًا صحيًا يمرض فيه المواطن ولا يصرخ، ويموت فيه الطبيب ولا يسأل.

والمثير للسخرية أن الحكومة التي تدّعي “ربط المسؤولية بالمحاسبة” لم تحاسب يومًا وزيرًا أو مسؤولًا كبيرًا عن فشل المنظومة، فضلا عن أن تشير بإصبع الاتهام إلى الملك محمد السادس سبب البلاء وأصله، لكنها تسارع إلى تعليق المشانق الرمزية لصغار الأطباء والممرضين، لأنهم الحلقة الأضعف.

إنها سياسة الهروب إلى الأمام، لكن الشعب المغربي بدأ يستفيق. فالاحتجاجات المتصاعدة في صفوف الأطباء، والاحتقان الشعبي في الشارع، ليست سوى إنذار أول.
وإن لم يتوقف المخزن عن سياسة “الإصلاح بالانتقام”، فإن الشرارة التي اندلعت من أكادير قد تتحول إلى لهيب وطني لا يُطفأ بالبيانات ولا بالبلاغات.

لقد آن الأوان لأن يُقال بوضوح: المشكل ليس في الطبيب الذي أخطأ، بل في المخزن الذي جعل الخطأ قاعدة والضمير استثناءً.

رابط دائم : https://dzair.cc/imcx نسخ