17 سبتمبر، 2025
ANEP الأربعاء 17 سبتمبر 2025

المغرب تحت قبضة المخزن: القمع سياسة دولة لا حوادث معزولة

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب تحت قبضة المخزن: القمع سياسة دولة لا حوادث معزولة

لم يعد القمع في المغرب مجرد حوادث معزولة، بل صار سياسة دولة. الصحافة تُكمم أفواهها بمحاكمات مفبركة، والنشطاء يُطاردون بتهم جاهزة، والفضاء العام يُطوّق برجال الأمن. من يرفع صوته يجد نفسه بين جدران المحاكم أو السجون، فيما تُرفع في الخارج شعارات الإصلاح والديمقراطية.

المغرب اليوم ليس بلداً مفتوحاً كما يروّج المخزن، بل فضاء خانق تغيب فيه الحرية، وتُصادر فيه الكرامة. وكلما اشتد هذا القبض الحديدي، اقتربت البلاد أكثر من الانفجار.

خنق متواصل للصحافة

يتعرض الصحفيون في المغرب لموجة قمع غير مسبوقة، إذ تُستعمل القوانين كسلاح لتجريم الكلمة الحرة. التهم الجاهزة مثل “المساس بالأمن الداخلي” أو “نشر أخبار كاذبة” أصبحت أداة لترهيب الإعلاميين ومنعهم من أداء دورهم.

محاكمات طويلة، اعتقالات تعسفية، وضغوط نفسية واجتماعية، كلها أساليب تستهدف إخراس الأصوات الناقدة. هذا المشهد جعل الصحافة في المغرب واحدة من أكثر المهن خطراً، وأفقد المواطن حقه في الوصول إلى المعلومة المستقلة.

قمع الشارع وإغلاق الفضاء العام

لم ينجُ الشارع المغربي من هذه السياسة، فالمظاهرات السلمية تُواجَه بالعنف والتفريق بالقوة، والاحتجاجات الاجتماعية تُتهم بالتحريض أو تهديد النظام. الحركات الطلابية، النقابية والحقوقية تخضع لمراقبة لصيقة، والفضاء العام بات شبه مشلول بفعل الخوف.

هذا التضييق حوّل الشارع إلى ساحة صامتة، بعدما كان في السابق متنفساً للمطالبة بالحقوق ومحاسبة المسؤولين.

القمع كخيار سياسي

الواضح أن القمع لم يعد مجرد رد فعل ظرفي، بل خيار سياسي استراتيجي للمخزن. كل من يجرؤ على كشف الفساد أو المطالبة بالإصلاح يجد نفسه أمام جدار من الصمت والتهديد والسجون.

هذه السياسة لا تحمي الاستقرار كما يزعم النظام، بل تدفع نحو احتقان اجتماعي خطير. فالمواطن الذي تُسلب حريته ولا يُسمح له بالتعبير، يفقد ثقته في المؤسسات، ويبحث عن بدائل قد تكون أكثر كلفة للنظام نفسه.

المغرب بين الصورة الرسمية والواقع

يحاول المخزن تسويق صورة لامعة في الخارج عن دولة منفتحة، مستقرة وجاذبة للاستثمار. لكن الواقع الداخلي يكشف تناقضاً صارخاً: بلد تُكمم فيه الأفواه، تُلاحَق فيه الصحافة، ويُخنق فيه الحراك الاجتماعي.

إن الفجوة بين الخطاب الرسمي والحقيقة الميدانية لم تعد تخفى على أحد، وأي محاولة لتغطيتها بمكياج إعلامي ستفشل أمام تزايد الوقائع التي تثبت أن المغرب يسير نحو مزيد من الانغلاق والقمع.

رابط دائم : https://dzair.cc/9l89 نسخ