23 سبتمبر، 2025
ANEP الثلاثاء 23 سبتمبر 2025

المغرب عطشان:مسيرة بوعروس تكشف الوجه القبيح لمخزن الهشاشة والتهميش

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب عطشان:مسيرة بوعروس تكشف الوجه القبيح لمخزن الهشاشة والتهميش

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، خرجت ساكنة جماعة بوعروس بإقليم تاونات بالمغرب في مسيرة على الأقدام نحو مدينة فاس، قاطعين أزيد من ستين كيلومترا تحت شمس حارقة وطرقات وعرة. المسيرة رفعت الأعلام الوطنية ولافتات بسيطة حملت مطالب أساسية: توفير الماء الصالح للشرب، رفع التهميش، تعبيد الطرق، بناء ثانوية لأبناء المنطقة، وضمان الحق في الصحة.

عطش مزمن ووعود كاذبة

سنوات من الوعود الفارغة لم تغيّر شيئًا من واقع العطش الذي ينهش حياة الساكنة. المواطنون يقطعون يوميًا مسافات طويلة لجلب مياه الشرب، بينما جلسات الحوار مع السلطات المحلية تنتهي دائمًا إلى التسويف وإلقاء الكلام على عواهنه.

القمع بدل الإنصات

بدل الاستجابة لمطالب المحتجين، اعترضت القوات العمومية المسيرة عند مداخل القرى، واستعملت القوة لتفريق المتظاهرين. التدخلات أسفرت عن إصابات في صفوف الساكنة، ما كشف أن المخزن ما زال يعتمد منطق القمع بدل الحوار والحلول المستدامة.

المغرب على حافة الفقر المائي

الأزمة تتجاوز حدود بوعروس وتاونات، لتشمل مختلف جهات المغرب. تقارير دولية تؤكد أن البلاد تعيش تحت خط الفقر المائي بأقل من 600 متر مكعب للفرد سنويًا، وهو رقم ينذر بانفجار اجتماعي إذا استمر تجاهل الوضع.

تاونات.. رمز المغرب المنسي

إقليم تاونات بات عنوانًا للهامش: ضعف في الاستثمارات، غياب للبنية التحتية، ومؤشرات اجتماعية متدنية. ساكنته تشعر أنها مواطنة من الدرجة الثانية، محرومة من أبسط الحقوق، ولا تنال من الدولة سوى القمع عند رفع الصوت.

الماء للأثرياء والعطش للفقراء

في مقابل عطش القرى، تُمنح الموارد المائية بسخاء للضيعات الفلاحية الكبرى المملوكة للوبيات نافذة، ما يعكس اختلالًا بنيويًا في توزيع الثروة المائية. هذه المفارقة تزيد من غضب الساكنة وتغذي الاحتقان الاجتماعي.

قنبلة اجتماعية موقوتة

من زاكورة إلى ميدلت وتاونات، تكررت مشاهد الاحتجاجات ضد العطش. الأزمة مرشحة للتحول إلى انتفاضة اجتماعية واسعة، خصوصًا مع تزايد الشعور بالظلم والإقصاء، وعجز الدولة عن تقديم حلول عملية.

صورة مزيّفة أمام الخارج

بينما تسوّق السلطات صورة “المغرب المتطور” عبر المشاريع العملاقة والدبلوماسية الاستعراضية المزعومة، يكشف عطش القرى الوجه الحقيقي: مغرب يفتقد إلى العدالة الاجتماعية، ويتجاهل أبسط حقوق مواطنيه.

صرخة من الهامش

مسيرة بوعروس ليست حدثًا معزولًا، بل رسالة قوية بأن الصمت انتهى. إنها صرخة من الهامش، تفضح فشل المخزن في ضمان الحق في الماء، وتضعه أمام اختبار صعب: إما الاستجابة لمطالب العطشى، أو مواجهة غضب شعبي يتسع يومًا بعد يوم.

رابط دائم : https://dzair.cc/jgnm نسخ